ينتقد الكاتب غرانت هاريس سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أفريقيا التي يسعى من خلالها إلى مواجهة نفوذ الصين في القارة السمراء، ويقول إن مآلها الفشل.
ويشير الكاتب في مقال نشرته مجلة فورين أفيرز الأميركية إلى أن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ألقى الأسبوع الماضي كلمة في مؤسسة هريتدج للأبحاث، أعلن فيها أن الأولوية الأهم لواشنطن ستتمثل في تطوير علاقات اقتصادية في أفريقيا، وقمع الإرهاب والصراع، وضمان أن يتم إنفاق المساعدات الأميركية بشكل جيد.
ويستدرك الكاتب بأن الإستراتيجية الأميركية في أفريقيا تدور في جوهرها حول مواجهة النفوذ الصيني في المنطقة، حيث هاجم بولتون بكين بسبب ممارساتها “المفترسة” في أفريقيا وتعهد بردّ حازم.
سياسة فاترة
ويقول هاريس إن الإدارة الأميركية تعتبر محقة في القلق إزاء دبلوماسية بكين العدوانية في أفريقيا، وإن خطاب بولتون قدم رؤية طيبة بعد عامين من سياسة الولايات المتحدة الفاترة تجاه القارة.
غير أن الكاتب يقول إن الإستراتيجية الأميركية الجديدة تجاه أفريقيا تخطئ الهدف، موضحا أنه في الوقت الذي تركز فيه إدارة ترامب على التهديد التجاري الصيني، فإن بكين تستثمر في علاقات طويلة الأمد، لا في مجالات التجارة والبنية التحتية فقط، ولذلك فإنه يتعين على الولايات المتحدة أن تعرض على البلدان الأفريقية بديلا مقنعا إذا ما أرادت مواجهة الصين.
ويضيف أن من حق الولايات المتحدة أن تشعر بالقلق إزاء الاستثمار الصيني في أفريقيا، فوفقا لشركة الاستشارات “ماكينزي” فإن هناك أكثر من عشرة آلاف شركة صينية تعمل الآن في القارة، وتكسب نحو 180 مليار دولار سنويا.
ويضيف أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال لديها المزيد من أسهم الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا، فإن الاستثمارات الصينية في المنطقة تنمو بسرعة.
التحدي الصيني
ويشير إلى أن عدد الشركات الصينية في أفريقيا تزايد في 2016 بأكثر من الضعف، وإلى أن الصين تفوقت على الولايات المتحدة في 2009 لتصبح أكبر شريك تجاري لأفريقيا.
ويذكر الكاتب أن بولتون أشار إلى أن جزءا من إستراتيجية بكين في أفريقيا يتمثل في تقديم قروض كبيرة بشروط مبهمة لدول المنطقة، وهو ما يعطي الصين نفوذا على الحكومات المحلية.
غير أن الكاتب يرى أن إدارة ترامب تعتبر مخطئة في وصف كامل النشاط التجاري الصيني في أفريقيا بأنه أمر سيئ.
ويرى أن الاستثمار الصيني في أفريقيا يؤدي إلى التنمية المحلية، وذلك من خلال توفير رأس المال والبنية الأساسية التي تعتبر المنطقة في أمس الحاجة إليها.
بنية تحتية
ويقول الكاتب إن الدول الأفريقية -وفقا لبنك التنمية الأفريقي- تحتاج إلى استثمار ما قد يصل إلى 108 مليارات دولار إضافية كل عام في البنية التحتية، وذلك لتعزيز النمو، وإنها تحتاج إلى خلق فرص عمل كافية لسكانها الذين يتزايدون بشكل كبير، ولهذه الأسباب فإنه يمكن فهم أن الزعماء الأفارقة يرحبون باهتمام بكين وجيوبها العميقة.
ويضيف أن إدارة ترامب كانت متخلفة إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بسياسة أفريقيا، حيث كانت تعاملات الولايات المتحدة مع القادة الأفارقة قليلة، وكانت واشنطن بطيئة في تعيين المسؤولين في الوظائف المتعلقة بأفريقيا.
ويشير الكاتب إلى أن ميزانيات البيت الأبيض سعت إلى إجراء تخفيضات كبيرة للوكالات التي تنفذ سياسة الولايات المتحدة في القارة، وسط تزايد تأثير شبح الاستثمار الصيني الذي يفوق الشركات الأميركية في أفريقيا.
المصدر : فورين أفيرز,الجزيرة