نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا لمراسلتها في إسطنبول لورا بيتل قالت فيه إن التوغل التركي في سوريا جلب منافع مختلطة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقالت إن الدعم العام للحملة العسكرية قدم للرئيس ارتفاعا محدودا في الدعم الشعبي له داخل تركيا.
وقالت بيتل إن الفورة الوطنية التي رافقت الحملة العسكرية في سوريا بدأت تخف. وبالنسبة لزعيم يتعرض لضغوط ويواجه مشاكل اقتصادية ونكسات في الانتخابات المحلية فقد جلبت الحملة العسكرية تحولا في الخطاب والحماسة الوطنية. ففي الوقت الذي شجبت فيه الدول الأجنبية فإن حملة أردوغان ضد الأكراد تحظى بدعم خاصة أن أنقرة تتعامل معهم كجماعة إرهابية.
وتقول شيرين سيلفين مديرة مركز إسطنبول بول: “خلال العملية، خاصة في الأسبوعين الثاني والثالث كان الجميع يتحدثون عنها” و”حصل أردوغان على مساحة ووقت للمناورة”. واليوم وبعد نهاية العمليات العسكرية، يقول المحللون السياسيون إن أردوغان لم يحصل إلا على دعم قليل. ووجد استطلاع أجرته شركة الاستشارات أبحاث إسطنبول الاقتصادية أن 79% من الناخبين اعتبروا العملية ناجحة. ولم يتغير الدعم لأردوغان وحزبه حيث حصلا على زيادة نسبة 2%.
وفي استطلاع آخر قامت به شركة ميتروبول أعطت الرئيس أربع نقاط جديدة من ناحية الأداء. ويقول شان سلجوقي: “في العادة يتوقع الواحد زيادة أكبر مما حدث”، مشيرا إلى أن السياسة التركية تعيش الآن مأزقا “وتبدو كهذا مهما قالت المعارضة وفعلت ولا تؤثر على التصويت لهم”. وربما انتفع أردوغان بطرق مختلفة من العملية خاصة الضغوط التي وضعها على المعارضة من العملية العسكرية. فأحد الأسباب التي أدت إلى هزيمة الحزب في إاسطنبول وبقية المدن الكبرى في انتخابات آذار (مارس) هو تجمع أحزاب المعارضة في كتلة واحدة. ولعب حزب الشعب الديمقراطي الذي يعتمد في دعمه على الأقلية الكردية دورا مهما في دفع الأكراد للتصويت لمرشحي حزب الشعب الجمهوري.
ولأن العملية العسكرية تمت داخل المناطق الكردية فقد كانت بمثابة امتحان للتحالف. وكان حزب الشعب الجمهوري واحدا من الأحزاب التي دعمت العملية العسكرية فيما رفضها حزب الشعب الديمقراطي وبقوة. وقال نائب رئيس الحزب أزاد باريس: “طبعا فقد أثرت بطريقة سلبية على العلاقة مع حزب الشعب الجمهوري”. وفي الوقت الحالي فمعظم مؤيدي الحزب هم في شرق تركيا و”لا يريدون سماع أي شيء عن حزب الشعب الجمهوري”. وتصريحات كهذه ستفرح الرئيس أردوغان والذي قال الشهر الماضي إنه يتطلع لكسر تحالف المعارضة ووصف الأمر بـ”المهم جدا جدا”.
ومع أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستعقد في عام 2023 إلا أن الكثيرين في الدوائر السياسية التركية يعتقدون أنها ستحدث قريبا. فأردوغان يظل سياسيا مخادعا سيطر على السياسة التركية لمدة 17 عاما ويظهر دائما وكأنه في حملات انتخابية. ويؤكد المسؤولون في حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعب الديمقراطي إنهم قادرون على تجاوز خلافاتهم بشأن سوريا وسيعملان معا في الانتخابات المقبلة. وقال بارسي: “علينا عمل هذا من أجل الديمقراطية”.
وقد ينضم إليهما حزبان جديدان ممثلان بحزب رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو وعلي باباجان، نائب رئيس الوزراء السابق. وكلاهما يخطط لالإعلان عن أحزاب جديدة قبل نهاية العام. وجاءت حالة الإحياء في المعارضة مع تراجع الاقتصاد وهما يمثلان مشكلة للرئيس أردوغان في الأشهر المقبلة. ورغم نهاية الركود التي حدثت بسبب أزمة الليرة التركية وبسرعة أكبر مما توقع الكثير من الاقتصاديين إلا أن النمو الاقتصادي لهذا العام من المتوقع أن يصل إلى 0.5%. كما أن نسبة البطالة عالية حيث يعتقد المحللون الاقتصاديون أن أردوغان سيواجه صعوبات في إعادة الأوضاع الاقتصادية التي كانت وراء نجاحه السياسي.
ومع دخول الشتاء فزيادة أسعار الغاز والكهرباء ستؤدي إلى نسيان الناس الحملة العسكرية. ويقول سنان بايكان الأستاذ المساعد في جامعة كيركرلي: “أثر الشؤون الدولية على السياسة المحلية عادة ما يكون قصير الأمد” و”قضايا تتعلق بحكم القانون والاقتصاد سيعود الناس عاجلا أم آجلا لمناقشتها”.
القدس العربي