هل سيصبح مستقبل نفط العراق بيد روسيا؟

هل سيصبح مستقبل نفط العراق بيد روسيا؟

رغم استمرار الاحتجاجات في بغداد ورحيل العديد من الدبلوماسيين الأجانب لدواع أمنية، فإن قوة روسيا لا تزال تتضاعف، فلم تبق سفارتها مفتوحة فقط في الأسابيع الأخيرة من الاضطرابات، بل زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بغداد أولا خلال الشهر الماضي ثم أربيل.

وقال الكاتبان فيرا ميرونوفا ومحمد حسين في تقريرهما الذي نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، إن هذه الزيارة ليست شبيهة بالمهمات الدبلوماسية المعتادة، إذ لم تكن هناك أي اتفاقات رسمية موقعة ولم تكن السياسة أو ملف سوريا والإرهاب مدار الاهتمام. وكان غالبية المشاركين في هذه الزيارة من رجال الأعمال، بما في ذلك ممثلون عن شركات النفط والغاز الروسية مثل روسنفت ولوك أويل.
وقد صرح أحد المصادر الذي تربطه علاقات برئيس الوزراء العراقي، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، بأنه “لم تناقش سوى العلاقات التجارية الثنائية خلال الاجتماعات، كما أراد الروس التأكد من أن كل شيء يسير بسلاسة فيما يتعلق بمشاريع شركات الطاقة الروسية في العراق”.

وليس من المفاجئ أنه بعد استثمار أكثر من 10 مليارات دولار في قطاع الطاقة العراقي على مدى السنوات التسع الماضية، سيتركز اهتمام روسيا في البلاد في الغالب على المخاوف التجارية.

صفقات واتفاقيات
وأضاف الكاتبان أن الشركات الروسية متمثلة بشكل جيد بين شركات النفط في العراق، وبما أن عقود النفط والغاز طويلة المدى فإن حصة السوق الروسية ستزداد مع مرور الوقت، وتشمل الصفقات الأخرى التي تعود إلى 2011 استثمارات بقيمة 2.5 مليار دولار من قبل شركة غازبروم وشركائها في وسط العراق وإقليم كردستان وحده.

فضلا عن ذلك، أنتجت شركة غازبروم 3 ملايين برميل من حقول سرقلة في غارميان، وأطلقت العديد من مشاريع التنقيب في حقول حلبجة وشقال. وفي سبتمبر/أيلول الماضي فازت شركة سترويتراسغاز الروسية بعقد مدته 34 عاما للتنقيب عن النفط والغاز في محافظة الأنبار العراقية. ووفقا لمصدر في مكتب رئيس الوزراء العراقي، شكر لافروف العراق بشكل خاص على هذا الاتفاق خلال زيارته.

وأشار الكاتبان إلى أن روسيا ليست مهتمة فقط بحقول النفط، علما بأن روسنفت تمتلك 60% من خط أنابيب نفط كردستان، وهو خط التصدير التشغيلي الرئيسي في العراق.
اعلان

وفي ربيع 2018 أعلنت روسنفت أيضا عن توقيع اتفاقية مع وزارة الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان من أجل تطوير بنيتها التحتية للنفط والغاز، بما في ذلك إنشاء خط أنابيب جديد للغاز من المتوقع أن تصل طاقته التصديرية إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، والذي يمثل حوالي 6% من إجمالي الطلب على الغاز في أوروبا.

وحسب ما أفاد به سياسي عراقي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رفض الكشف عن هويته، فإنه “بفضل هذه الصفقة حصلت روسيا على الكثير من النفوذ السياسي في العراق. يمثل النفط حوالي 96% من صادرات العراق، لكن في ظل غياب خط أنابيب لتصديره، يصبح النفط دون أي قيمة بالنسبة للبلاد. لذلك، تسيطر روسيا اليوم بشكل أساسي على عملية التصدير”.

وبيّن الكاتبان أن روسيا لم تكن دائما منشغلة في قطاع النفط والغاز العراقي، فبعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 وبعد احتلال العراق، كانت الشركات الروسية غائبة بشكل كبير، ومع زيادة الصراع الطائفي عام 2009 تغير كل شيء، حيث غادرت العديد من شركات النفط الغربية في ذلك الوقت (مثل إكسون موبيل وشيفرون) المنطقة جزئيا أو كليا بسبب المخاوف الأمنية، ومن ثم حلت مكانها الشركات الروسية.

وفي الواقع، كان دخول روسيا إلى العراق أمرا مرحبا به. وذكر أحد قادة حكومة إقليم كردستان هذا الشهر أنه “في ذلك الوقت، لم تكن هناك حاجة للروس لأن الوجود والدعم الأميركي كان قويا في المنطقة. ولاحقا، عندما شعر القادة الأكراد بخيبة أمل تجاه الأميركيين، بدا الروس أقوى وأكثر ودية في نظرهم. كان الاعتقاد السائد في كردستان يتمثل في أن إبرام صفقة تجارية مع الروس من شأنه أن يقدم عديد الفوائد السياسية والأمنية الأخرى”.

السيطرة على النفط العراقي
وذكر الكاتبان أن بعض الشركات التي تطوّر النفط العراقي، بما في ذلك غازبروم وروسنفت، مدرجة ضمن قوائم العقوبات الأميركية بسبب ارتباطها بعملية ضم شبه جزيرة القرم ومشاركة روسيا في النزاع في شرقي أوكرانيا، لكن المسؤولين العراقيين ليسوا قلقين بهذا الشأن.

وأوضح الكاتبان أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يدعي بأن الولايات المتحدة لا تزال منخرطة في قطاع النفط في المنطقة. فعلى سبيل المثال، قال ترامب خلال اجتماع مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان “نحن نحتفظ بالنفط ونمتلكه، وبالتالي فالنفط في أمان”. ولكن قريبا، سيخسر الدولار مكانته في التجارة، حيث ناقش كل من العراق وروسيا أهمية أن تقتصر الدفوعات على الروبل أو الدينار بدلا من الدولار لتجنب أي علاقة مع النظام الأميركي.

وفي الختام، أشار الكاتبان إلى أن السيطرة الروسية على النفط في العراق وسوريا تمثل ضربة اقتصادية وسياسية طويلة المدى بالنسبة للولايات المتحدة. ويعود السبب في ذلك إلى أن النفط هو العملة الرئيسية في هذين البلدين، ومن يسيطر عليه سيكون له دور رئيسي في تحديد الجغرافيا السياسية في المنطقة.

الجزيرة