لم يعد يكتفي الشارع العراقي بالاحتجاج على السلطة الحاكمة ورفع المطالب، إذ اتجه إلى طرح حلول وبدائل من أجل الخروج من الأزمات الطاحنة التي تعيشها البلاد، وكان آخرها إطلاق حملة جديدة من ساحات التظاهر لتشجيع المنتج المحلي.
وبعد أقل من ثلاثة أسابيع على إطلاق حملة مقاطعة البضائع الإيرانية في العراق من قبل المتظاهرين، والتي لاقت تجاوبا واسعا في الشارع، أطلق ناشطون وإعلاميون حملة جديدة لدعم المنتج الوطني حملت عدة شعارات أبرزها “صنع في العراق”.
وكان انطلاق الحملة الجديدة من ساحة التحرير وسط بغداد صباح أول من أمس، لتتسع إلى ساحات وميادين اعتصام أخرى جنوبي البلاد أمس الخميس، وفقا لناشطين عراقيين.
ويقول عضو اللجنة التنسيقية للحملة، علي وهاب العذاري، لـ”العربي الجديد”، إنها ليست حملة شراء بل تشجيع المستثمرين على إعادة فتح معاملهم (مصانعهم) وبدء الإنتاج من جديد”.
وسبق للحكومة العراقية، الإعلان عن حزم إصلاحية خلال الفترة الماضية تضمنت منح قروض لأصحاب المعامل والمصانع المتوقفة لتشغيلها مجددا، إضافة إلى تخصيصات مالية بموازنة العام المقبل لإعادة الحياة لآلاف المعامل والمصانع الحكومية المتوقفة، غير أن أيا من القرارات لم يلمس الشارع له أثرا حتى الآن. الخبير الاقتصادي عبد السميع الراوي، قال إن حملة صنع في العراق قد لا تكون ذات تأثير كبير، حتى وإن تجاوب معها الشارع لأن الإنتاج العراقي ما زال متواضعا، ولا يمكن الاستغناء عن المستورد.
لكنه استطرد في حديثه لـ”العربي الجديد”، قائلا: ورغم ذلك تبقى ورقة إدانة ضد الحكومة العراقية والقوى السياسية للضغط عليهم من أجل تنفيذ الوعود، كما أنها تعتبر محفزاً لأصحاب المعامل والشركات الموجودة حاليا أو المتوقفة لتفعيلها.
ومن جانبه، قال مستشار اقتصادي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، محمد الكاظمي، لـ”العربي الجديد”، إن الحملة مرحب بها”، لافتاً إلى أن “الحكومة عازمة على إعادة الحياة للمصانع والمعامل، وضمن خطة واسعة يجري وضعها تبدأ التنفيذ مطلع العام المقبل من شأنها تشغيل عشرات آلاف العراقيين، وتوفير العملة الصعبة ومنع خروجها من البلاد”، معتبرا أن المهمة ستكون من أولويات الحكومة. ويرى عضو اتحاد الصناعيين العراقيين، جبار الخزرجي، أن الحملات الشعبية الأخيرة لدعم المنتج العراقي قد تكون بداية حقيقية لاستعادة المنتج العراقي ثقته بنفسه، وخصوصاً أنه اليوم صار في معرض مقارنة بينه وبين المستورد”.
ويضيف: “قبل عام 2003، كان هناك أكثر من 170 ألف مصنع حكومي وخاص تعرض عشرات الآلاف منها للتدمير خلال فترة الحرب وما بعد الاحتلال، وبقي نحو 60 ألفاً، أغلق منها حوالي 30 ألف مصنع خلال السنوات الماضية، فيما تعاني بقية المصانع من التخلف التقني وغياب الدعم الحكومي، وصعوبة تسويق المنتج لوجود بدائل أجنبية”.
العمال من جانبهم أعربوا عن سعادتهم بهذه الحملة، معتبرين أنها ستعيد لهم حقوقهم في الحصول على مصادر رزقهم التي فقدوها بسبب توقف المصانع العراقية منذ عام 2003.
يقول راضي صبر (47 عاماً): “كنت عاملاً في أحد مصانع العلب المعدنية الخاصة بالأصباغ، لكن المعمل توقف قبل سنوات نتيجة غزو المنتوجات الأجنبية للأسواق المحلية، ففقدت وظيفتي مع الآلاف من العاملين، لكن الأمل عاد لنا مجدداً الآن”.
ورفع الناشطون خلال الحملة لافتات كتبوا عليها عبارات “صنع في العراق” و”شجع مو بس تقاطع” و”معاً لدعم المنتوجات العراقية”، ووضعوا أمامهم مجموعة من المنتجات المحلية مثل الألبان والمواد الغذائية عراقية المنشأ.
يأتي ذلك في وقت شهدت أسواق العراق تكدساً غير مسبوق للبضائع الإيرانية، بسبب عدم إقبال المواطنين على شرائها، بعد حملة مقاطعة واسعة أطلقت في الفترة الماضية، مع إقبال متزايد على شراء المنتوجات العراقية.
العربي الجديد