دعت قيادة قوات «الحشد الشعبي» التابعة للمرجعية والعتبات الدينية التي انفصلت عن «هيئة الحشد الشعبي» وانتقلت إلى إمرة القائد العام للقوات المسلحة وهو المنصب الذي يشغله رئيس الوزراء، بقية القوات والألوية إلى الانضمام إليها ومغادرة الهيئة الرسمية، في إشارة واضحة على عدم قبول المرجعية الدينية بتصرفات بعض الفصائل «الولائية» داخل الهيئة، وخاصة تلك التي تعلن ولاءها التام لمرجعية ولاية الفقيه الإيرانية.
وكان رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة المستقيل عادل عبد المهدي وجّه أمراً، مطلع الأسبوع الماضي إلى رئيس هيئة الحشد فالح الفياض يقول فيه «قررنا ربط الألوية (ل2. لـ11. ل26. ل44) إدارياً وعملياتياً بالقائد العام للقوات المسلحة وسينظم بقية التفاصيل بأمر لاحق».
وأعلنت قيادة قوات «الحشد الشعبي» المشكّلة من قبل العتبات الدينية، والمتمثلة بـ«فرقتَي الإمام علي والعباس القتاليتين ولوائَي علي الأكبر وأنصار المرجعية» أمس، في بيان عن أنها «انتقلت من هيئة الحشد الشعبي على وفق الأمر الصادر من القائد العام للقوات المسلحة». وبينت القيادة أنها «تدرس انضمام بقية القوات والألوية الراغبة في ذلك على وفق: المعايير الوطنية، والضوابط القانونية، والالتزامات الدستورية، كما أنها ستتواصل مع قيادة الحشد ومديرياته لتنسيق الانتقال». وأكدت أنها «ستستمر في دعم وإسناد المتطوعين الملبّين لنداء المرجعية والوطن على مستوى التدريب والدورات، أو على مستوى الخدمات الطبية والإنسانية وغيره، وأن الانتقال لن يؤثر في مستوى التنسيق مع ألوية الحشد العزيزة». وأشارت إلى أنها «تسير وفق الرؤى الوطنية وما تقتضيه طبيعة الأوضاع في العراق، ولا تحمل أي توجهات أو مشاعر سلبية تجاه أي طرف أو جهة مهمها بلغت تصرفاته، لكنها تسعى لتصحيح بعض المسارات».
وكشفت عن أن إجراءات انفصالها عن مؤسسة الحشد الرسمية «تمت برعاية ومتابعة من رئيس الجمهورية السيد برهم صالح، والقائد العام للقوات المسلحة الدكتور عادل عبد المهدي، وبعض القيادات الأمنية والرسمية، فضلاً عن وكيلَي المرجعيّة الدينيّة العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي والسيد أحمد الصافي».
ورغم اللهجة المعتدلة التي طغت على بيان «حشد المرجعية»، خاصة لجهة علاقته ببقية الفصائل الموالية لإيران، فإن مصدراً مقرباً من أجواء الحشد يرى أن «انسحاب حشد المرجعية يمثل ضربة قاسية للأجنحة الولائية ومحاولة لتحجيم دورها الذي بات يشكل عبئاً كبيراً على الدولة العراقية ومؤسسة الحشد».
ويضيف المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أن «انفصال حشد المرجعية يعني عملياً عزل الجناح الموالي لإيراني داخل الحشد وبقائه وحيداً، خاصة إذا ما قررت فصائل أخرى مثل سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر هي الأخرى الانفصال عن الهيئة الرسمية». ويشير إلى أن «إعلان الانفصال جاء تتويجاً لمساعي سابقة بذلتها مرجعية النجف للحد من تغول بعض الفصائل على حساب الدولة والحكومة والحشد، أعتقد أن المرجعية رفعت الغطاء عن تلك الفصائل، لكن ليس من الواضح إن كان ذلك مقدمة لإلغاء هيئة الحشد وإلحاقها بقوات الجيش؛ لأنها مؤسسة رسمية ولها قانونها الخاص المصوت عليه في البرلمان».
بدوره، يرى الصحافي مصطفى ناصر، أن قرار حشد المرجعية يهدف إلى «عزل الفصائل التي لا تأتمر بإمرة الدولة». وذكر ناصر في مدونته الشخصية على «فيسبوك»، أن أسباباً تقف وراء قرار انفصال العتبات الدينية عن هيئة الحشد الرسمية، منها: «إيقاف الهدر المالي الذي تسبب به بعض المسؤولين وسرقة مخصصات المقاتلين تحت غطاء الهيئة، بجانب استعادة سيطرة المرجعية على التشكيل الناصع الذي لوثته الصراعات السياسية والمخططات الإقليمية». أضاف ناصر أسباباً أخرى تتعلق بقرار الانفصال تتمثل بـ«قطع الطريق على المتاجرين بفتوى السيستاني الذين بدأوا من الآن في شتمه وتخوينه، وانتهاء سيطرة وهيمنة فالح الفياض على الهيئة وتجميد الصراع على رئاستها». ويقول ناصر، إن أحد أهداف الانفصال أيضاً هو «إيقاف تشكيك المجتمع الدولي بأهداف تأسيس الحشد الشعبي وتصور تبعيته لإيران، وفقدانه الثقة بالدولة العراقية».
فاضل النشمي
الشرق الأوسط