حذَّرت مصادر دبلوماسية ومراقبون من أن التقدم البطيء للصين في فتح أسواقها أمام الشركات الأجنبية وإصلاح الشركات الحكومية، قد يجبر الاتحاد الأوروبي على تبني سياسة منافسة أكثر صرامة لمعالجة تقلبات السوق.
عقدت بكين وبروكسل الجولة 32 من المفاوضات بشأن صفقة الاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، بعد قمة عبر الفيديوكونفرانس في وقت سابق من هذا الشهر، أكد فيها الجانبان رغبتهما في اختتام المحادثات بحلول نهاية 2020.
في المقابل، قال تشانغ مينغ، مبعوث الصين لدى الاتحاد الأوروبي، إن الجانبين حققا تقدماً كبيراً في قضايا مثل نقل التكنولوجيا والدعم والشركات المملوكة للدولة، مضيفاً أنهما كانا يحاولان “العثور على منطقة هبوط محتملة” في السوق وتحقيق التنمية المستديمة.
من جهة ثانية، أوضحت وزارة التجارة الصينية في بيان مقتضب، بحسب “ساوث تشاينا مورننغ بوست”، أن تقدماً إيجابياً أحرز بشأن المشكلات المتبقية ومسألة الوصول إلى الأسواق من دون الخوض في التفاصيل، لكن مصدراً دبلوماسياً أوروبياً قال إن الصين يمكنها فعل المزيد لفتح الحواجز وخفضها في مجالات مثل النقل والاتصالات والطاقة ومعالجة المياه والسياحة والخدمات البريدية وقطاعات الخدمات الأخرى.
وأضاف المصدر الدبلوماسي، أنه إذا فشلت الصين في إجراء تغييرات، سيتعين على الاتحاد الأوروبي “النظر إلى المنافسة بطريقة مختلفة” عبر سياسة مساعدات الدولة ومتطلبات المعاملة بالمثل بشأن الاستثمار والوصول إلى الأسواق.
أزمة كورونا والسياسات الصناعية والتكنولوجية الصينية
دفعت أزمة كوفيد-19 والعقوبات الأميركية، بكين إلى بذل جهود أكبر لتأمين صفقة استثمار مع أوروبا.
وأشار معهد مركاتور للدراسات الصينية ومقره برلين في تقرير صدر هذا الشهر إلى أن “أزمة كورونا العامة لم تغير من صنع السياسات الصناعية والتكنولوجية في الصين”.
وكانت بكين قد أعادت تأكيد خطتها لتعزيز دور اقتصاد الدولة في خطة عمل مدتها ثلاث سنوات أعلنت في يوليو (تموز) الماضي في وقت اشتكت فيه الشركات الأجنبية من قيود الوصول إلى الأسواق في الصناعات الاستراتيجية، حيث تنوي بكين رعاية شركات وطنية جديدة.
من جانبه، قال مستشار للحكومة الصينية إن اقتصاد الدولة الأقوى سيعمق شكوك شركاء الصين الأجانب ويخاطر بعزل البلاد أكثر. وأضاف المستشار الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته “يجب أن نأخذ المنافسة العادلة على محمل الجد، أي تقدم كبير لن يكون ممكناً من دون تعاون الصين مع المجتمعات الدولية”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أصدر كتاباً أبيضَ في يونيو (حزيران) الماضي، يتناول التشويه الناجم عن الإعانات الأجنبية، واقترح مجموعات أدوات جديدة لتشديد التدقيق في عمليات الاستحواذ والمشتريات العامة من قبل المستثمرين الأجانب.
وأوضحت مجموعة الضغط الصينية والمتثملة في غرفة التجارة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي، أن الخطة تفتقر إلى أساس قانوني واضح، وقد لا تتوافق أيضاً مع التزامات الاتحاد الأوروبي تجاه منظمة التجارة العالمية.
ومنذ بدء المفاوضات مع الصين عام 2013، أكمل الاتحاد الأوروبي اتفاقيات التجارة والاستثمار مع العديد من الأسواق الأخرى، لكن تقريراً صدر عن غرفة التجارة في الاتحاد الأوروبي هذا الشهر حذَّر من أن “الصين يبدو أنها تتبنَّى طريقة مختلفة في التفكير في عام 2020، فهي لا تنظر إلى الوصول إلى الأسواق على أنه حق، بل هو امتياز يعتمد على جزء معين في الاقتصاد في وقت يريد فيه قادة الصين أن يتدفق الاستثمار الأجنبي إليهم في أي وقت”.
أجندة التعاون الصيني الأوروبي 2025
إضافة إلى محادثات معاهدة الاستثمار، تأمل الصين أيضاً في استكمال المحادثات حول الأجندة الاستراتيجية للتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي لعام 2025، والتي ستفصل مشاريع التعاون في مجالات الأمن والسياسة والاقتصاد على مدى السنوات الخمس المقبلة، في أسرع وقت ممكن. ومع ذلك، يقول الاتحاد الأوروبي إنه سيركز على ذلك بمجرد الانتهاء من اتفاقية الاستثمار.
وحذَّر المصدر الدبلوماسي أيضاً من أن الاتحاد الأوروبي “غير راغب في المُضي قُدُماً في جدول أعمال عام 2025 إذا كان مجرد تكرار لما كان عليه سابقاً”.
كفاية أولير
اندبندت عربي