وسط ظروف سياسية واقتصادية صعبة يمر بها لبنان، تسود حالة من الترقب في البلاد بعد فوز المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن.
وفيما لا تزال الخلافات بين الأحزاب اللبنانية تؤخر تشكيل حكومة جديدة، فإن نتيجة الانتخابات الأمريكية قد يكون لها تأثير على المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد.
وبحسب مراقبين، فإن وصول بايدن للبيت الأبيض من شأنه التمهيد لعودة الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، وهذا سيكون له انعكاس على منطقة الشرق الأوسط بما فيها لبنان.
وفي 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كلف الرئيس اللبناني ميشال عون، سعد الحريري، بتشكيل حكومة جديدة في البلاد، عقب اعتذار مصطفى أديب في 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، لتعثر مهمته في تشكيلها، إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب المنصرم.
إحياء الاتفاق النووي يعني تخفيف الضغوط على إيران و”حزب الله”
ورأى المحلل السياسي، أمين قمورية، أنه ليس هناك ارتباط مباشر بين الإدارة الأمريكية وملف تشكيل الحكومة، لكن بعد فوز بايدن قد لا يكون هناك اعتراض أمريكي واضح وحازم ضد إشراك “حزب الله” في الحكومة، ما قد يسهل عملية تشكيلها.
وأرجع قمورية ذلك إلى أن بايدن ومن خلفه الحزب الديمقراطي يحبذ إعادة إحياء الاتفاق النووي مع ايران، “ما يعني تخفيف الضغوط على (حزب الله) وقادته، في محاولة من واشنطن لإعادة خطوط التواصل مع طهران”.
ويسعى الحريري إلى تشكيل حكومة جديدة من الاختصاصيين من خارج الأحزاب تكون مهمتها إنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية، وذلك بحسب ما أعلن عقب تكليفه بتشكيل الحكومة.
وساطة واشنطن مستمرة في مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل
وحول مسار المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، رأى قمورية، أن بايدن كما ترامب يضع مصلحة إسرائيل فوق أي اعتبار، وبالتالي فإن “واشنطن ستستكمل مساعيها لإنجاز مفاوضات ترسيم الحدود بين البلدين”.
بدوره، رأى الصحافي والكاتب السياسي، طوني آبي نجم، أن الأمريكيين سيمضون في إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل لأنه يعد إنجازا للسياسة الخارجية الأمريكية.
ومؤخرا، دخل لبنان وإسرائيل في مفاوضات غير مباشرة لترسيم الحدود البحرية بينهما، برعاية الأمم المتحدة ووساطة أمريكية، على خلفية نزاع بمنطقة في البحر المتوسط تبلغ مساحتها نحو 860 كلم مربع، تعد غنية بالنفط والغاز.
وقال أبي نجم أن انعكاس فوز بايدن على الساحة اللبنانية سيكون طفيفا، ولن يختلف عما كان عليه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، مؤكدا أن سياسات العقوبات على “حزب الله” ستستمر.
واعتبر أن العقوبات على الحزب بدأت في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، وكان بايدن حينذاك نائبه، وقد استكملت العقوبات في عهد ترامب.
وأردف: “الفريقان (الحزب الجمهوري والحزب الديقراطي) يعتبران أن سياسة العقوبات ناجحة”.
وخلال الأشهر الماضية، فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على أفراد ومؤسسات بتهمة ارتباطهم ودعمهم لجماعة “حزب الله”، حيث طالت تلك العقوبات، وزير المالية اللبناني السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس.
الديمقراطيون يميلون لدعم الحكومة اللبنانية
وقال ذات المتحدث، إن أي حكومة جديدة في لبنان “لن تحصل على مساعدات من الخارج بسبب الخلافات الداخلية حول تنفيذ الإصلاحات والامتناع العربي عن مد يد المساعدة في ظل سطوة حزب الله”، وبالتالي سيكون مصير أي حكومة جديدة الفشل.
ويعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، تفاقمها الاضطرابات السياسية التي تعصف بالبلاد، في أسوأ أزمة تمر بها منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 – 1990)، إضافة لاستقطاب سياسي حاد، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.
من جهته، اعتبر الصحافي قاسم قصير، المقرب من “حزب الله”، أن “الديمقراطيين يميلون لدعم الحكومة اللبنانية المرتقبة برئاسة سعد الحريري رغم وجود موقف دولي بأن لا مساعدات بدون إصلاحات”.
الضغوط على “حزب الله” زادت في عهد ترامب
وقال قصير، إنه في حال أعاد بايدن إبرام الاتفاق النووي مع إيران فسيكون لذلك انعكاس على منطقة الشرق الأوسط بينها لبنان، ما قد يخفف من التوترات ويساعد في حلحلة بعض الملفات الداخلية.
وعن الضغوط على “حزب الله”، أفاد قائلا: “الضغوط الأمريكية في عهد ترامب زادت على الحزب وذلك في إطار الضغوط الأمريكية على إيران“.
أما حول سلاح “حزب الله”، فاعتبر قصير، أنه “من الصعب مشاهدة تغيير في الموقف الأمريكي حول الموضوع، لأنه من الأمور الثابتة بالنسبة لعلاقة واشنطن مع إسرائيل وحماية مصالحها”.
واستطرد: “في المقابل، طالما هناك عدو ينفذ اعتداءات، ستبقى هناك مقاومة”.
وتحتل إسرائيل جزءا من الأراضي اللبنانية، هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وصدر قرار من مجلس الأمن الدولي عام 1978 ينص على انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي اللبنانية لكنه لم ينفذ حتى اليوم.
ومن حين إلى آخر، تحدث توترات حدودية جراء ما تقول تل أبيب إنها محاولات من مقاتلي “حزب الله” لاختراق الحدود.
لا تأثيرات مباشرة على الأوضاع الاقتصادية
وعن إمكانية تأثير نتائج الانتخابات الأمريكية في الوضع الاقتصادي بلبنان، رأى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، أنه “لا ترابط مباشرا بين نتيجة الانتخابات الأمريكية والأوضاع الاقتصادية اللبنانية”.
ورأى أبو سليمان، أن “تخفيف العقوبات (على حزب الله وبعض الشخصيات القريبة منه) قد لا يكون له تأثير مباشر على الاقتصاد اللبناني، إنما تخفيف التشنج السياسي ربما ينعكس إيجابيا على الاقتصاد”.
ومنذ أكتوبر الماضي، عقب اندلاع احتجاجات شعبية في بيروت واستقالة الحكومة، بدأت قيمة الليرة اللبنانية تتراجع مقابل الدولار، ما انعكس على أسعار المواد الاستهلاكية الأولية، وتآكل رواتب الموظفين بجميع القطاعات.
وجزم ذات المتحدث، أن “الأزمة المالية والمصرفية في لبنان لا تحل إلا بإصلاحات اقتصادية في الداخل وبمساعدة من صندوق النقد الدولي”.
وختم بالقول: “إدارة ترامب لم تضع أي فيتو على تقديم مساعدات إلى لبنان عبر صندوق النقد الدولي، وهذا لن يتغير في عهد بايدن”.
(الأناضول)