لم تكن صدفة أن الخطاب الأول للرئيس الأميركي جو بايدن حول سياسته الخارجية، خلا من أي إشارة للقضية الفلسطينية، أو لمكانتها على سلم أولوياته. يبدو هذا الخطاب بمثابة طمأنة من الإدارة الديمقراطية الجديدة في البيت الأبيض لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بأن الإدارة الجديدة لن تعمد، في المرحلة القريبة على الأقل، إلى الخوض في صدام أو مواجهة مع دولة الاحتلال وسياسة المستوطنات التي لم تتوقف يوماً منذ العام 1967.
يعني هذا أن سياسة مسابقة الزمن التي أطلقتها حكومة الاحتلال في إعلان مناقصات بناء جديدة وبدء مشاريع استيطان، آخرها محاولات بنيامين نتنياهو عرض استئناف الاستيطان في محيط القدس، مقابل موافقة عضو الكنيست اليميني بتسليئيل سموطريتش الاصطفاف في قائمة واحدة مع الفاشي إيتمار بن غفير، هي مجرد نقطة من بحر في الخطط الاستيطانية المقبلة بعد الانتخابات، سواء كان نتنياهو الفائز فيها، أو خصمه المنشق عنه غدعون ساعر.
خطاب بايدن يعني أيضاً وضع القضية الفلسطينية جانباً، وفي أدنى مرتبات الاهتمام الأميركي لعامين مقبلين على الأقل، ريثما ينتهي بايدن من ترتيب أوراقه في الولايات المتحدة، وإصلاح الأضرار التي سبّبتها سياسات سلفه دونالد ترامب للولايات المتحدة في مختلف بقاع الأرض، من الصين شرقاً وحتى أوروبا، مروراً بمسألة مواجهة روسيا، واعتماد سياسة جديدة في محاولة لاستعادة الولايات المتحدة أدوارها ومكانتها الدولية.
في غضون ذلك، لن يكون مجافياً للحقيقة أو الصواب القول إن الشعب الفلسطيني نفسه، سينتظر هو الآخر على الأقل حتى نتائج الانتخابات الفلسطينية على مراحلها الثلاث، من دون أن يبدو في الأفق أي تصور فلسطيني جديد للمرحلة المقبلة، سواء على صعيد المشهد الفلسطيني الداخلي للنتائج المحتملة والممكنة للانتخابات، وما قد تكون لها من تداعيات وارتدادات في حال لم تكن مقبولة من أحد الأطراف، أو جاءت بمفاجأة لم تكن في الحسبان، هذا إذا افترضنا فعلاً إزالة كافة العوائق التي قد تعرقل إجراء الانتخابات. وقد تكون هذه العراقيل داخلية فلسطينية، وقد تكون إسرائيلية، خصوصاً في ما يتعلق بحق الانتخاب للفلسطينيين من سكان القدس المحتلة عام 1967.
تمكّن الفلسطينيون، سواء بفعل منهم أم بفعل الظروف الدولية وسقوط ترامب، من تخطي مرحلة “صفقة القرن”، لكن قطار التطبيع المنطلق بسرعة وقوة كبيرتين، يهدد بدفن القضية الفلسطينية تحت عجلاته.
نضال وتد
العربي الجديد