الانتخابات الفلسطينية اختبار لمدى تماسك حركة “فتح”

الانتخابات الفلسطينية اختبار لمدى تماسك حركة “فتح”

مع بدء العد التنازلي للانتخابات الفلسطينية، تتجه الأنظار إلى الآلية التي ستشارك فيها حركة التحرير الوطني “فتح”، التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، وشكل مشاركة القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، والقيادي فيها الأسير مروان البرغوثي.

ومن الخيارات المحتملة أمام الحركة- حسب محلليْن اثنين تحدثا للأناضول- تشكيل قائمة رسمية مشتركة، إما مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، كبرى الفصائل المنافسة لها، أو مع فصائل منظمة التحرير أو بعضها.

أما الخيار الثاني فهو خوض الانتخابات بقائمة رسمية واحدة، بمعايير محددة، لكن هذا الخيار لا يمنع تشكيل قوائم بعناوين أخرى لشخصيات لا ترضى عن القائمة الرسمية.

وبين الخيارين، يبرز اسم القيادي الأسير عضو اللجنة المركزية للحركة مروان البرغوثي، والقيادي المفصول محمد دحلان، كأقوى مرشحين لتشكيل قوائم منفصلة عن القائمة الرسمية للحركة.

واعتقلت إسرائيل، البرغوثي عام 2002، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة، بتهمة المسؤولية عن عمليات ضد إسرائيل، بينما فصل دحلان المقيم حاليًا في الإمارات، من الحركة منتصف 2011، بتهمة “المس بالأمن القومي الفلسطيني والفساد، والتآمر”.

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات العامة، على 3 مراحل: تشريعية بنظام التمثيل النسبي الكامل في 22 مايو/ أيار، ورئاسية في 31 يوليو/ تموز، وانتخابات المجلس الوطني (البرلمان الممثل لفلسطينيي الخارج) في 31 أغسطس/ آب.

وبدأت الفصائل الفلسطينية، الإثنين، حوارا في القاهرة برعاية مصرية، لبحث سبل إنجاح العملية الانتخابية.

الممنوعون من الترشح
نشر القيادي في حركة “فتح” عبد الله كميل، عبر حسابه على فيسبوك، فئات من الحركة، قال إنه لن يسمح لها بالترشح لأي انتخابات وهم: أعضاء اللجنة المركزية، والمجلس الثوري للحركة، والأعضاء السابقون في المجلس التشريعي، ومسؤولو الأطر والوزراء والمحافظون الحاليون والسابقون.

ويهذا يقول القيادي الفتحاوي “لن تستنسخ فتح تجربتها المريرة في العام 2006، ولن تسمح لأي من أعضائها الترشح في قوائم مستقلة”.

وهنا يشير كميل إلى ثاني وآخر انتخابات أجريت للمجلس التشريعي، حيث فازت “حماس” بأغلبية المقاعد، وخسرت “فتح” دوائر كاملة لصالح منافستها.

وفي 25 يناير/ كانون أول الماضي، قال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، إن الحركة “ستخوض انتخابات المجلس التشريعي بقائمة واحدة”.

انقسامات مبكرة
لكن الصحافي والمحلل السياسي نواف العامر، يقول إن تاريخ حركة “فتح”، التي أحيت مطلع العام الذكرى 56 لتأسيسها، يؤكد أنها “لم تكن يوما من الأيام موحدة”.

ويضيف “فتح، نافست نفسها في أول انتخابات تشريعية (1996)، وفي انتخابات 2006 خاضت الانتخابات بأكثر من رأي ورؤية ورواية”.

أما عن مشاركتها في الانتخابات القادمة، فيشير إلى خيارين: خارجي بالتحالف مع حركة “حماس” أو فصائل منظمة التحرير، وداخلي بقائمة واحدة أو عدة قوائم.

ويقول إن الحركة قد تُشكّل قائمة رسمية، تمثل خيار رئيسها محمود عباس، وأخرى – قد تقلب الطاولة – يتصدرها الأسير مروان البرغوثي.

وعن فُرص دحلان، يبيّن العامر أن القانون يمنعه من الترشح “لصدور قرار قضائي بحقه من محاكم فلسطينية، واتهامه بالوقوف خلف أحداث محددة واختلاس أموال”.

وأصدرت محكمة الفساد الفلسطينية في عام 2013 حكما بسجن دحلان 15 عامًا، وغرامة مالية 930.496 ألف دولار، بعد إدانته بالفساد.

ويستبعد العامر أن يسمح الرئيس لتيار دحلان بخوض الانتخابات والترشح، وإن كان يحظى بحضور في غزة.

كما يستبعد أن يسعى البرغوثي لتشكيل قائمة موحدة مع دحلان “على اعتبار أن الأخير سيحرمه أصوات الناخبين بالضفة”، لكنه يضيف مستدركا “لا شيء مستبعد في الساحة الفلسطينية”.

ويشير المحلل الفلسطيني إلى وجود جهود عربية، لإنجاز مصالحة بين الرئيس عباس ودحلان.

وهنا لا يرى أن زيارة رئيسي مخابرات الأردن ومصر إلى رام الله، منتصف الشهر الماضي، بعيدة عن الانتخابات، ومحاولة التقريب بين الرجلين، للقبول بخوض دحلان الانتخابات القادمة.

وفي 17 يناير/ كانون ثاني الماضي، استقبل الرئيس الفلسطيني، رئيس جهاز المخابرات المصري عباس كامل، ورئيس جهاز المخابرات الأردني أحمد حسني، ووفدين مرافقين لهما، بحضور ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية حينها، إن عباس أطلع الوفدين على ملف المصالحة الوطنية، وإصدار المرسوم المتعلق بتحديد موعد الانتخابات.

سيناريوهات محتملة
من جهته يضع الأكاديمي والباحث السياسي محمود فطافطة، عدة سيناريوهات لمشاركة “فتح” في الانتخابات القادمة.

السيناريو الأول، حسب فطافطة: تشكيل قائمة واحدة تضم قيادات متوسطة وشريحتي الشباب والمرأة، لاسترداد شيء من الثقة التي أذابت حيزا كبيرا منها ممارسات السلطة والحكومات المتعاقبة على الصعد السياسية والاقتصادية وعلى صعيد الحريات.

أما السيناريو الثاني، فهو تشكيل عدة قوائم، وأن تتجه قيادات فتحاوية، بينها أعضاء في اللجنة المركزية إلى تشكيل قائمة فتحاوية منفصلة عن القائمة الرسمية “قد يكون فيها حضور مباشر أو غير مباشر للقيادي محمد دحلان”.

في السيناريو الثالث لا يستبعد الباحث الفلسطيني أن “يسعى أشخاص يشعرون بالتهميش والاستبعاد، إلى تشكيل قوائم تحت عناوين مختلفة”.

ويضيف فطافطة أن دحلان “له تأثير وقاعدة شعبية تصويتية، خاصة في شمالي وبعض المخيمات، وفي قطاع غزة”، مشيرا إلى “دور المال في خدمة دحلان، فضلا عن أنظمة مجاورة تسعى لإعادته إلى المشهد الفتحاوي”.

لكنه يقول إن الرئيس عباس لا زال يرفض بشكل مطلق، عودة دحلان بعد طرده من الحركة، مع ذلك لا يرى ما يمنع حضوره بصورة أشخاص آخرين.

“فتح” واستطلاع الرأي العام
وأظهر استطلاع للرأي العام، أجراه مؤخرا، المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (غير حكومي، مقره رام الله)، ونُشرت نتائجه في 27 ديسمبر/ كانون أول 2020، أنه لو شكّل الأسير مروان البرغوثي قائمة للانتخابات التشريعية مستقلة عن قائمة “فتح” الرسمية فإنه يحصل على 25 بالمئة من الأصوات، و19 بالمئة فقط سيعطون أصواتهم لحركة “فتح” الرسمية.

وحسب نفس الاستطلاع، لو شكل محمد دحلان قائمة انتخابية مستقلة عن قائمة فتح، سيحصل على 7 بالمئة من الأصوات و27 بالمئة سيصوتون في هذه الحالة لفتح الرسمية.

أما لو جرت انتخابات رئاسية جديدة ولم يترشح عباس، فإن مروان البرغوثي هو المفضل لتولي منصب الرئيس بنسبة 37 بالمئة، يتبعه إسماعيل هنية بنسبة 23 بالمئة، ثم محمد دحلان بنسبة 7 بالمئة.

ولو اختارت حركة فتح محمود عباس ليكون مرشحها الرئاسي فإن الأغلبية (52 بالمئة) يعتقدون أن هناك من هم أفضل: 42 بالمئة يرون أن البرغوثي أفضل منه، و10 بالمئة يرون أن دحلان أفضل منه، و7 بالمئة يرون أن رئيس الوزراء الحالي محمد اشتية أفضل منه.

(الأناضول)