أطاحت أزمة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية منذ الربع الأخير من 2019، بالمؤشرات التي حققتها البلاد خلال الألفية الجديدة، وأعادتها عقودا إلى الوراء، بصدارة قطاعات المصارف، والمالية العامة، والخدمات، وأسعار المستهلك.
ولا يبدو المستقبل مشرقا، في وقت يعاني المواطنون ارتفاع نسبة البطالة والفقر، وتراجع عدد ساعات العمل، وهبوطا في عدد العمالة بدوام كامل، وسط تراجع حاد في الطلب على الاستهلاك.
في الأوضاع الطبيعية، كان من المفترض أن يشهد لبنان في مثل هذا الوقت من العام، قدوم السياحة الوافدة، إذ طالما صنفت البلاد قبلة رئيسة للسياحة الصيفية.
واندلعت شرارة الأزمة اللبنانية الحالية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وتدحرجت ككرة ثلج مع مرور الأسابيع والشهور، وصولا إلى وصف قدمه البنك الدولي في تقرير، الثلاثاء، قال فيه إن وضع لبنان ضمن أشد ثلاث أزمات على مستوى العالم منذ القرن التاسع عشر.
سوق العمل
في تقرير حديث صدر خلال وقت سابق من العام الجاري عن وزارة العمل اللبنانية ومنظمة العمل الدولية، يتوقع أن تبلغ نسبة البطالة في 2021، نحو 41.4 في المئة.
كانت نسبة البطالة في سوق العمل اللبنانية أغلقت في 2020، عند 36.9 في المئة، صعودا من 18.5 في المئة في 2019، بينما بلغت في 2018، 11.3 في المئة.
وطالت الأزمات المحلية ساعات العمل داخل شركات القطاع الخاص، إذ أظهر تقرير صدر الثلاثاء عن البنك الدولي، أن 27 في المئة من عمالة القطاع ضمن الدوام الكامل، تحولت إلى عمل جزئي، و25 في المئة في صفوف الإناث.
الناتج المحلي الإجمالي
سجل الاقتصاد اللبناني انكماشا بنسبة 20.7 في المئة وفق تقديرات حديثة للبنك الدولي، مقارنة بنمو 6.7 في المئة في 2019، بينما تشير تقديرات 2021 إلى انكماش بنسبة 9.5 في المئة.
وتراجعت قيمة الناتج المحلي الإجمالي في 2020 إلى 33.38 مليار دولار، من 52 مليارا في 2019، فيما يتوقع تراجعها إلى 22.2 مليارا في 2021.
وما يزيد مصاعب اقتصاد البلاد أنه خدمي، إذ تشكل نسبة قطاع الخدمات من الناتج المحلي الإجمالي 77.6 في المئة في 2020، بينما لا تشكل الصناعة سوى بـ13.5 في المئة والزراعة 5 في المئة.
أسعار المستهلك
وبسبب انهيار الليرة إلى متوسط 12.9 ألفا مقابل الدولار في السوق الموازية (السوداء)، مقارنة بـ1510 ليرات لدى البنك المركزي، قفزت أسعار المستهلك لمستويات غير مسبوقة.
تشير تقديرات البنك الدولي أن التضخم في 2020، بلغ 84.3 في المئة مقارنة بـ2.9 في المئة في 2019، في وقت تشير تقديرات التضخم في 2021 إلى 100 في المئة.
وأمام ارتفاع أسعار المستهلك، يرتقب أن يواصل الطلب المحلي على الاستهلاك تراجعه لمستويات هي الأدنى منذ مطلع الألفية الجديدة، بسبب ارتفاع نسب البطالة والفقر وشح وفرة السيولة، وهو ما يعرف بـ”الركود التضخمي”.
القطاع المالي
وبلغ إجمالي الدين العام حتى نهاية 2020، نحو 85.4 مليار دولار، تشكل نسبته 174 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة 5.3 في المئة مقارنة بـ2019، بحسب مصرف لبنان.
بينما بلغ إجمالي احتياطي لبنان من النقد الأجنبي حتى نهاية 2020، نحو 16.25 مليار دولار، بتراجع بلغت نسبته 35 في المئة مقارنة بـ2019.
أما الأصول الاحتياطية (النقد الأجنبي + احتياطات الذهب)، بلغت حتى نهاية 2020، نحو 27.73 مليار دولار، إذ تملك البلاد قرابة 286 طنا من احتياطي الذهب، وفق مجلس الذهب العالمي.
وتراجعت ودائع العملاء لدى القطاع المصرفي 13.1 في المئة خلال العام الماضي إلى 146.77 مليار دولار، مقارنة بـ168.9 مليار دولار في 2019.
(الأناضول)