ديمقراطية تونس تحتاج مساعدة.. فهل سيتدخل (الرئيس) بايدن؟” هكذا استهل مايكل هيرش نائب رئيس تحرير الأخبار بمجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) مقاله، مشيرا إلى أن المكان الذي بدأ فيه الربيع العربي يمثل الآن اختبارا لإدارة تعهدت بتعزيز الديمقراطية في العالم.
ووصف المقال تونس بأنها آخر وريث حي للربيع العربي رغم كونها دولة فقيرة ومعزولة وغير مهمة من الناحية الجغرافية، وكيف أنه على مدى العقد الماضي انهارت كل حركة ديمقراطية عربية وليدة تلو الأخرى في حرب أهلية وعداء طائفي إسلامي واستبداد عاد إلى الحياة.
لكن تونس كانت الدولة الوحيدة التي بدت وكأنها شقت طريقا للأمام للتنقل بنجاح بين “أهون الشرين: دولة الأمن القومي والإسلام السياسي” كما وصفها الصحفي اللبناني الأميركي هشام ملحم.
ورأى الكاتب أن التجربة الدقيقة في ذلك البلد معرضة الآن لخطر الفشل بفضل انقلاب الرئيس قيس سعيد الاستبدادي منذ عطلة نهاية لأسبوع الذي أقال فيه رئيس الوزراء، وعلق البرلمان وسيطر على مكتب المدعي العام وحظر التجمعات العامة لمدة 30 يوما.
وانتقد موقف الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي بأنه لم يصدر عنهما سوى توبيخ خفيف، والأيام الأخيرة اختفت تونس من كل العناوين الرئيسية تقريبا.
وأضاف أنه رغم حث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الرئيس التونسي على “الالتزام بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحفاظ على حوار مفتوح مع جميع الفاعلين السياسيين والشعب التونسي” فإن ما يسمى إجراءات الطوارئ التي اتخذها سعيد لا تزال سارية.
وأشار الكاتب إلى وصف تشارلز دن، وهو دبلوماسي كبير سابق يتمتع بخبرة واسعة في الشرق الأوسط، رد إدارة بايدن على الأزمة في تونس بأنه “موقف حرج”.
رغم اعتناق بايدن الديمقراطية كقضية، فإنه لم يشر إلى أنه مهتم بإحياء ما تبقى من الربيع العربي، وهو يمارس السياسة الواقعية بقدر ما هو مدافع عن الديمقراطية. ومن الواضح أيضا لرجل براغماتي مثله أن الديمقراطية لم تكن مجزية بشكل كبير لتونس حتى الآن
وقال الدبلوماسي السابق إنه كانت هناك “تصريحات عامة لصالح الديمقراطية” ولكن لم يكن هناك عمل حقيقي، في حين هناك “مستبدون إقليميون يشجعون ويدعمون استيلاء الرئيس التونسي على السلطة”.
الرئيس التونسي قيس سعيد (الأناضول)
ويرى منتقدون مثل دن أن الإدارة الأميركية أخفقت بشكل خطير في تحقيق ما قاله بلينكن بكلمة هامة في 3 مارس/آذار الماضي إنه ستكون هناك سياسة أميركية جديدة “لتحفيز السلوك الديمقراطي وتشجيع الآخرين على إجراء إصلاحات رئيسية ومحاربة الفساد”.
وألمح الكاتب إلى ما يقوله مراقبون آخرون والعديد من النشطاء الحقوقيين إن بإمكان بايدن فعل المزيد لإيصال الرسالة إلى الرئيس التونسي بأن التدفق المستمر للمساعدات الدولية والاستثمار يجب أن يكون مشروطا بالسلوك الديمقراطي.
ويرى هؤلاء أن الإدارة الأميركية تمتلك عددا كبيرا من الأدوات الأخرى -بعيدا عن حجب المساعدات الخارجية الذي من المحتمل أن يؤدي إلى نتائج عكسية في بلد فقير مثل تونس- التي يمكن أن تستخدمها، بما في ذلك الأدوات الرمزية المهمة مثل رفض الاجتماعات رفيعة المستوى وكذلك الخيارات العملية مثل فرض شروط حقوق الإنسان الحالية على مبيعات الأسلحة “لكنها كانت مترددة جدا في استخدام أي من هذه الأدوات” كما قال دن.
وذكر المقال أنه رغم اعتناق بايدن الديمقراطية كقضية، فإنه لم يشر إلى أنه مهتم بإحياء ما تبقى من الربيع العربي، وأنه يمارس السياسة الواقعية بقدر ما هو مدافع عن الديمقراطية. ومن الواضح أيضا لرجل براغماتي مثل بايدن أن الديمقراطية لم تكن مجزية بشكل كبير لتونس حتى الآن.
واختتم الكاتب مقاله بما يعتقده بعض الخبراء أن الربيع العربي لم يمت، بل هي فترة سبات فقط، لكن هذه المجتمعات تحتاج إلى تشجيع خارجي، لاسيما ضد الحكام المستبدين.
المصدر : فورين بوليسي