أمريكا وضرورة التعاون مع الصين «1من 2»

أمريكا وضرورة التعاون مع الصين «1من 2»

استندت السياسة الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، إلى فكرة بسيطة: “إما أن تكونوا معنا أو ضدنا”. فأمريكا ينبغي لها أن تقود، والحلفاء يجب عليهم أن يتبعوا، والويل للدول التي تعارض تفوقها وسيادتها. كانت الفكرة بسيطة، بل مغرقة في التبسيط. والآن أصبحت عتيقة بالية، فالولايات المتحدة لا تواجه أي عدو لدود، ولم تعد تقود تحالفا طاغيا، وبوسعها الآن أن تكسب من التعاون مع الصين ودول أخرى أكثر من كل ما قد تكسبه من مواجهتها.
كان دونالد ترمب الرئيس السابق قد فرض التعريفات والعقوبات المالية من جانب واحد، في محاولة لإجبار دول أخرى على الخضوع والانصياع لسياساته. كما مزق ترمب كتاب قواعد التعددية. ومع ذلك لم تلق سياسته الخارجية سوى قدر ضئيل إلى حد لافت للنظر من المقاومة داخل الولايات المتحدة. كان الإجماع على سياسات ترمب المناهضة للصين أكثر من أي معارضة لها.
تعد سياسة الرئيس جو بايدن الخارجية عطية من السماء بالمقارنة، فقد عادت الولايات المتحدة بالفعل إلى الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، وتسعى إلى العودة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، هذه خطوات إيجابية للغاية وتستحق الإعجاب. ومع ذلك، كانت تصريحات بايدن المبكرة في مجال السياسة الخارجية تجاه الصين وفيما يتصل بقيادة الولايات المتحدة مثيرة للانزعاج والريبة.
كان خطاب بايدن الأخير أمام مؤتمر ميونيخ للأمن بمنزلة نافذة مباشرة نستطيع أن نتعرف من خلالها على فكر إدارته في هذه الأيام المبكرة. وهنا تبرز ثلاثة أسباب للقلق.
أولا: هناك الفكرة الساذجة التي يرى المؤمنون بها أن أمريكا عادت زعيما عالميا. الواقع أن الولايات المتحدة تعود الآن فقط إلى التعددية، كما فشلت تماما في التصدي لجائحة مرض فيروس كورونا كوفيد – 19، حتى الـ 20 من كانون الثاني (يناير) كانت تعمل بنشاط ضد جهود التخفيف من تغير المناخ. ولا يزال من الواجب عليها أن تعمل على شفاء الجروح العميقة العديدة التي خلفها ترمب، خاصة تمرد السادس من كانون الثاني (يناير)، ومعالجة الأسباب التي دعت 75 مليون أمريكي إلى التصويت لمصلحته في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وهذا يعني الانتباه إلى الجرعة الضخمة من ثقافة تفوق العرق الأبيض التي تحرك كثيرا من تصرفات الحزب الجمهوري اليوم.
ثانيا، أعلن بايدن أن الشراكة بين أوروبا والولايات المتحدة لا تزال ويجب أن تظل حجر الأساس لكل ما نأمل تحقيقه في القرن الـ 21، تماما كما فعلنا في القرن الـ 20″. حقا أنا مغرم بأوروبا وداعم قوي للاتحاد الأوروبي، لكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يمثلان 10 في المائة من البشر على كوكب الأرض، ويمثل أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي 12 في المائة.
من غير الممكن أن يكون التحالف عبر الأطلسي، ولا ينبغي له أن يكون حجر الأساس لكل ما نأمل تحقيقه في هذا القرن، بل يشكل لبنة واحدة مهمة وإيجابية. نحن في احتياج إلى إشراف عالمي مشترك من جانب مختلف أنحاء العالم، وليس من قبل شمال الأطلسي أو أي منطقة أخرى وحدها. من منظور قسم كبير من العالم، يرتبط شمال الأطلسي دوما بالعنصرية والإمبريالية، وهو الارتباط الذي أكده ترمب بتصرفاته.
ثالثا، يزعم بايدن أن العالم منخرط في صراع أيديولوجي عظيم بين الديمقراطية والاستبداد. “نحن نمر بنقطة انقلاب بين أولئك الذين يزعمون أن الاستبداد هو أفضل طريق إلى الأمام، نظرا للتحديات التي تواجهنا – من الثورة الصناعية الرابعة إلى الجائحة العالمية – وهؤلاء الذين يدركون أن الديمقراطية ضرورة أساسية للتصدي لهذه التحديات”… يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»

الاقتصادية