مقومات للصمود في درعا

مقومات للصمود في درعا

خرجت، يوم الخميس الماضي، أولى قوافل التهجير من درعا باتجاه الشمال السوري، أي المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وذلك بعد أحداث عنيفة شهدتها المحافظة في الشهرين الأخيرين، إثر فرض قوات النظام حصاراً على درعا البلد، بهدف سحب السلاح الفردي من العناصر السابقين للمعارضة وتهجير المطلوبين.

ووسط رفض المعارضة تسليم السلاح والتهجير، وإصرار النظام ومن ورائه إيران، على ذلك، عقدت العديد من جولات التفاوض برعاية الروس، كان مصير جميعها الفشل بسبب لجوء النظام، وتحديداً الفرقة الرابعة التي تسيطر إيران على قرارها، إلى نقض الاتفاق، سواء بالقصف أو محاولات الاقتحام والتقدم المتكررة.

كل مقترحات الحل، من دون التهجير وتسليم السلاح، رفضتها الفرقة الرابعة، أي إيران، لكنها وافقت على طلب بعض الأهالي الخروج مع حافلة التهجير التي أقلّت بعض المطلوبين إلى الشمال السوري. ومن هنا يتبلور الهدف الاستراتيجي الأبرز لإيران من درعا، والجنوب عموماً: تجريد المنطقة من أي سلاح يمكن أن يشكل تهديداً، وتنظيفها من العناصر المعارضة وعائلاتهم، بهدف إجراء تغيير ديمغرافي. ويمكن لإيران تحقيق هذا الأمر بغاية السهولة وبالطريقة ذاتها التي أجرت فيها تغييراً ديمغرافياً في محافظة دير الزور، من خلال تهجير مقاتلي المعارضة مع عوائلهم، وكل المعارضين المدنيين الذين لا أمل في إجبارهم على القبول بعودة النظام للسيطرة على المحافظة، ثم العمل على تجنيد الشبان في المليشيات التي يدعمها الحرس الثوري الإيراني، والعمل على نشر الثقافة والعقيدة التي تناسب سياستها.

ليس مستحيلاً على المعارضة مواجهة مخطط إيران في الجنوب السوري، على الرغم من صعوبة ذلك، إلا أن أولى مقومات مواجهة هذا المخطط هي الصمود والرفض القاطع للتهجير وتسليم السلاح، وتوعية الأهالي بخطر هذا الخيار على مستقبل عودتهم إلى بيوتهم. كما تمتلك المعارضة الكثير من نقاط القوة للمواجهة، أولها: وحدة القرار والصف التي لا تزال حاضرة بين أقطاب ثلاثة، هي لجان التفاوض المركزية والفرعية، والمقاتلين السابقين في المعارضة الذين لا يزالون يحتفظون بسلاحهم، والأهالي. وثانيها حفاظ المعارضة المسلحة على قدرتها على المواجهة، وتوضّح ذلك جلياً قبل شهر عندما شنت الفرقة الرابعة مع مليشيات إيران هجوماً كلفها خسارة الكثير من النقاط التي كانت تحتلها لصالح المعارضة. ويبقى للمعارضة أن تزيد من قدرتها على الصمود بفتح طرق دعمها جغرافياً وسياسياً، وهذه نقطة ضعفها حالياً.

العربي الجديد