من المحتمل أن تعود سوريا من جديد لجامعة الدول العربية في المستقبل القريب بعدما كانت علقت عضويتها عام 2011 رداً على قمع الحكومة الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في البلاد.
مع ذلك نجد أنه في الأعوام الأخيرة كانت هناك حركة متنامية لإعادة تأهيل سوريا بهدف إرجاعها إلى مؤسسات العالم العربي من جديد، وتقود هذه الحركة دول عربية عدة عملت على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية.
في مقابل ذلك كانت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى انتقدت هذه الجهود بحجة أنها تكافئ الأسد على حملته “الوحشية” ضد المعارضة وإطالة أمد الحرب الأهلية السورية. مع ذلك من الواضح أن جامعة الدول العربية تتجه نحو إعادة قبول سوريا، إذ سبق للأمين العام للمنظمة أحمد أبو الغيط أن صرح بأن “عودة سوريا للجامعة العربية حتمية، إنها ستحدث عاجلاً أم آجلاً”.
إذا كان من الصعب تحديد توقيت العودة بدقة تامة، فمن المحتمل أن يحدث ذلك قريباً وسيكون هذا تطوراً مهماً لأنه سيمثل خطوة كبيرة نحو تطبيع العلاقات بين سوريا وبقية العالم العربي.
مستقبل النظام السوري
في إطار ذلك فإن مستقبل النظام السوري يظل غير مؤكد، فقد دمرت البلاد حرب أهلية أسفرت عن مقتل مئات آلاف الأشخاص، وتشريد ملايين آخرين، كما جرى اتهام نظام الأسد بارتكاب جرائم حرب، وهذه النقطة الأخيرة من المرجح أن تلعب دوراً في تشكيل مستقبل النظام، أي من خلال نتيجة الحرب.
إذا كان نظام الأسد قادراً على الحفاظ على قبضته على السلطة، فمن المحتمل أن يواجه عدداً من التحديات، فالبلد منقسم بعمق وسيحتاج النظام إلى إيجاد طريقة للتصالح مع خصومه، كما ستحتاج البلاد إلى إعادة بناء البنية التحتية والاقتصاد اللذين دمرتهما الحرب.
وإذا حدث العكس ولم يكن النظام قادراً على الحفاظ على قبضته، فمن غير الواضح ما الذي سيحدث بعد ذلك، بحيث يمكن أن تنزلق البلاد إلى الفوضى، أو ربما تستولي عليها إحدى الجماعات المسلحة الكثيرة التي تقاتل النظام، أو من الممكن أيضاً تقسيم سوريا إلى دول أصغر. وعلى رغم المتغيرات يبقى أن مستقبل سوريا غير مؤكد، لكن من الواضح أن البلاد تواجه عدداً من التحديات ويحتاج الأسد إلى إيجاد طريقة للتصدي لها إذا كان يريد البقاء.
الاتفاق السعودي – الإيراني
نعم من المرجح أن يكون للاتفاق السعودي – الإيراني الأخير تأثير إيجابي في فرص سوريا في العودة لجامعة الدول العربية، إذ ساعد الاتفاق على تخفيف التوترات بين الرياض وطهران، وهما من القوى الإقليمية الرئيسة المؤثرة في الإقليم، وخلق بيئة مواتية أكثر للحوار والتعاون بين الدول العربية وسوريا.
إضافة إلى ذلك، أدى الاتفاق إلى عدد من التطورات الإيجابية الأخرى في المنطقة مثل فتح السفارات وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية وهي خطوة مهمة بعد أعوام طويلة من البدء بسحب السفراء من دمشق عام 2011 عقب اشتعال الاحتجاجات في البلاد.
ولا يزال الاتفاق السعودي – الإيراني في مراحله الأولى، ومن السابق لأوانه تحديد تأثيره في المدى الطويل. مع ذلك، من الواضح أن الاتفاق خلق جواً أكثر إيجابية في المنطقة وزاد من احتمالية أن تتمكن سوريا من الانضمام إلى جامعة الدول العربية في المستقبل القريب.
المجتمع الدولي
واجهت سوريا عدداً من التحديات في إعادة انضمامها إلى المجتمع الدولي، تشمل:
الحرب الأهلية المستمرة التي تسببت في مقتل مئات الآلاف وتشريد ملايين آخرين، كما تسببت في دمار واسع النطاق للبنية التحتية والنشاط الاقتصادي، إلى أن تنتهي الحرب بشكل نهائي، ربما سيكون من الصعب على سوريا أن تنضم إلى المجتمع الدولي.
الأزمة الإنسانية: خلقت الحرب الأهلية أزمة إنسانية ذات أبعاد ملحمية، إذ يحتاج ملايين الأشخاص إلى الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبية، ويقدم المجتمع الدولي مساعدات إنسانية لسوريا، لكن هناك مزيداً يتعين القيام به.
أزمة اللاجئين: خلقت الحرب الأهلية أزمة لاجئين، إذ فر ملايين السوريين من البلاد بحثاً عن ملجأ في البلدان المجاورة وأوروبا، وتشكل أزمة اللاجئين ضغطاً على موارد البلدان المجاورة وتخلق توترات سياسية في أوروبا.
نظام الأسد: ينظر إلى نظام الأسد على نطاق واسع على أنه مسؤول عن الحرب الأهلية والأزمة الإنسانية، فالنظام متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقد يكون من غير المرجح أن المجتمع الدولي على استعداد لقبول عودة سوريا للنظام الدولي حتى إزالة نظام الأسد من السلطة.
هذه ليست سوى بعض التحديات التي تواجهها سوريا في العودة لجامعة الدول العربية والمجتمع الدولي والتي ربما تقود إلى عملية معقدة وصعبة، لكنها ضرورية لمستقبل سوريا والمنطقة.
اندبندت عربي