الباحثة شذا خليل*
يُعد مضيق هرمز، وهو ممر مائي ضيق بين إيران وعُمان، من أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم. إذ يمر عبره ما يقارب 20% من النفط العالمي، أي حوالي 20 مليون برميل يوميًا، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وتُقدّر القيمة السنوية لهذه التجارة النفطية بحوالي 600 مليار دولار. وبالتالي، فإن أي اضطراب في هذا الممر قد يسبب صدمة هائلة للاقتصاد العالمي.
تصاعد التوترات: هل الإغلاق ممكن فعلاً؟
بعد تبادل إطلاق الصواريخ بين إيران وإسرائيل، تزايدت المخاوف من أن تُقدم طهران على إغلاق مضيق هرمز كخطوة تصعيدية. وقد أشار قائد البحرية الإيرانية إلى أن هذا الخيار قيد الدراسة. ويعتبر رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني السابق (MI6)، أليكس يونغر، هذا السيناريو هو الأسوأ، موضحًا في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن “إغلاق المضيق سيكون له بلا شك أثر اقتصادي هائل، نظرًا لتأثيره على أسعار النفط”.
وقد شوهد زورق حربي إيراني سريع يمر بجانب ناقلة نفط عملاقة في المضيق بتاريخ 30 أبريل 2019، في إشارة إلى الحضور العسكري الإيراني المستمر في المنطقة.
1. تأثير على أسعار النفط العالمية
أي محاولة لإغلاق أو عرقلة الملاحة في المضيق ستؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، وقد تتجاوز الأسعار حاجز 150 دولارًا للبرميل. فالأسواق شديدة الحساسية لأي توترات في الخليج، وأي اضطراب في هذا الممر الحيوي سيُحدث خللاً فورياً في العرض.
2. أزمة طاقة في آسيا وأوروبا
ستكون دول مثل الهند، الصين، اليابان، وكوريا الجنوبية من بين الأكثر تضررًا، نظرًا لاعتمادها الكبير على نفط الخليج. هذه الدول قد تُضطر إلى استخدام احتياطاتها أو شراء النفط من مصادر بديلة بتكاليف أعلى. حتى الدول التي لا تعتمد بشكل مباشر على نفط الخليج ستشعر بتأثيرات الأزمة من خلال ارتفاع الأسعار العالمية.
3. صدمة اقتصادية عالمية
ارتفاع أسعار الوقود سيؤثر على النقل، والصناعة، وأسعار المواد الغذائية، مما يهدد بحدوث تباطؤ اقتصادي عالمي. البلدان النامية ستكون الأكثر تضررًا، حيث تفتقر إلى الإمكانيات الاقتصادية للتعامل مع مثل هذه الصدمات.
4. عواقب عسكرية وسياسية
من المرجح أن يؤدي إغلاق المضيق إلى رد عسكري دولي. فالأسطول الخامس الأمريكي المتمركز في البحرين، إلى جانب حلفاء مثل الناتو ودول الخليج، سيتحرك لضمان حرية الملاحة. وقد يؤدي التصعيد العسكري في هذه المنطقة الحساسة إلى زعزعة استقرار الأسواق العالمية وزيادة التوترات السياسية.
5. مقامرة استراتيجية من إيران
رغم أن إغلاق المضيق قد يمنح إيران أوراق ضغط سياسية مؤقتة، إلا أن النتائج ستكون سلبية على المدى الطويل. فإيران نفسها تعتمد على هذا الممر لتصدير نفطها. وسيؤدي الإغلاق إلى عقوبات دولية أشد، وعزلة اقتصادية، وربما رد عسكري مباشر. لذلك، يُعتبر هذا الخيار بمثابة مغامرة عالية المخاطر.
6. الطرق البديلة وخطط التخفيف
بعض دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، أنشأت شبكات أنابيب لنقل النفط بعيدًا عن المضيق، مثل خط أنابيب الشرق–غرب السعودي. إلا أن هذه البدائل لا يمكنها استيعاب كامل الكميات المارة من خلال المضيق، والذي يبلغ عرضه في أضيَق نقطة 40 كيلومترًا فقط.
الخلاصة
لا يزال مضيق هرمز شريانًا حيويًا لنظام الطاقة العالمي. وإذا أقدمت إيران على إغلاقه، ستكون العواقب فورية وشديدة: ارتفاع حاد في أسعار النفط، اضطرابات في الإمدادات، أزمات اقتصادية، واحتمال نشوب صراع عسكري. ومع تصاعد التوترات مؤخرًا بين إيران وإسرائيل، بات هذا السيناريو أكثر واقعية. ورغم أن الإغلاق الكامل يبقى أسوأ الاحتمالات، إلا أن مجرد التهديد به يكشف هشاشة أمن الطاقة العالمي والحاجة الملحة إلى الاستقرار الدبلوماسي في منطقة الخليج.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية