تسابق الحكومة الإيرانية وكيانات مقربة من الحرس الثوري، الزمن لانتزاع عقود اقتصادية كبيرة في سوريا، وتحقيق أكبر مكاسب ممكنة من دعمها للرئيس بشار الأسد، استباقا لاحتمال نهاية الحرب في البلاد.
وأدانت جماعة معارضة الاتفاقات التي جرى توقيعها مع طهران في قطاعي الاتصالات والتعدين ووصفتها “بالنهب” لثروات البلاد من قبل “ميليشيات إرهابية إيرانية”.
وجرى توقيع 5 مذكرات تفاهم خلال زيارة رئيس الوزراء السوري عماد خميس إلى طهران يوم الثلاثاء، بينها رخصة للاتصالات وعقود لاستخراج الفوسفات.
كما ستعطي سوريا لإيران 5 آلاف هكتار من الأراضي للزراعة وألف هكتار لإنشاء مرافئ للنفط والغاز إضافة إلى تقديم أراض لتربية الماشية.
وأكد كريم سجادبور الباحث الأول في برنامج الشرق الأوسط بمعهد كارنيغي للسلام الدولي أن “الاتصالات قطاع حساس للغاية. سيسمح لإيران بمراقبة وثيقة للاتصالات السورية”.
وبعيدا عن المساندة العسكرية فإن سوريا مدينة ماليا بشكل متزايد لإيران. وفتحت طهـران خطوط ائتمـان لسوريا بقيمة 3.5 مليـار دولار في 2013 وزادتها مليار دولار في 2015 وهو ما يقول اقتصاديون إنه ساعد الاقتصاد السوري على الاستمرار.
ويقول النائب الأول للرئيس الإيراني اسحاق جهانجيري إن طهران مستعدة لتنفيذ خط ائتماني جديد بين المصرف التجاري السوري وبنك تنمية الصادرات الإيراني لدعم التجارة.
وتعد سوريا من بين أكبر مصدري صخر الفوسفات في العالم، رغم أن الحرب أضرت بقدرتها على الاستخراج وتسويق الإمدادات. وفي 2015 استولى مسلحو تنظيم داعش على منجم الشرقية القريب من مدينة تدمر التاريخية.
واستطاعت القوات الحكومية السورية مدعومة بقوات الحرس الثوري الإيراني أن تطرد التنظيم من تدمر في مارس 2016 لكن مسلحي التنظيم استعادوا السيطرة على المدينة في ديسمبر.
ودعا رئيس الوزراء السوري في اجتماع عقده الأربعاء مع علي أكبر ولايتي المستشار البارز للزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى الاستثمار في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا “حيث تدمرت البنية التحتية بسبب الحرب”.
وأبدت طهران بالفعل اهتماما بمساعدة سوريا في إعادة بناء الطرق والمطارات ومحطات الكهرباء والموانئ، وهو ما قد يصب في مصلحة الحرس الثوري الذي يمتلك أكبر شركات التشييد في إيران.
لكن ما أشادت به طهران ودمشق باعتباره “صفحة جديدة” في العلاقات الاقتصادية بين البلدين لم يلق ترحيبا من بعض السوريين. ووصفت إحدى جماعات المعارضة السياسية الاتفاقيات بأنها “مدانة وغير شرعية ولا يمكن القبول بها تحت أي ظرف”.
وقال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إن هذه الاتفاقات “انتهاكات إضافية لسيادة سوريا ومحاولة لمكافأة قوة احتلال سافرة تتقاضى مكاسب ومغانم لقاء مشاركتها في سفك دماء السوريين والسعي لكسر إرادتهم”.
وتؤكد طهران ودمشق أنهما تسعيان لتوقيع اتفاق في غضون أسبوعين لتمهيد الطريق أمام استثمارات تقوم بها الشركات الإيرانية في ميناء سوري لكنها لم تفصح عن اسم الميناء.
وقال سجادبور إن “إيران تتعامل مع سوريا على نحو متزايد باعتبارها إحدى محافظاتها… لقد أنقذوا الأسد من السقوط والآن يبدو أنهم يشعرون بحقهم في مساعدة أنفسهم من خلال الاقتصاد السوري”.
وأكد وزير الطاقة الإيراني أن طهران مستعدة لتوقيع اتفاقية طويلة الأجل مع دمشق في قطاع الطاقة. وتعمل إيران بالفعل في مشروعات لتوليد الكهرباء في سوريا وهي تسعى لربط شبكة الكهرباء الإيرانية مع شبكات العراق وسوريا ولبنان.
إلين فرانسيس و بوزورجمهر شرف الدين
صحيفة العرب اللندنية