مع الإدارة الأميركية الجديدة بدأت فكرة جديدة تتبلور في الحرب على «داعش»، لا تقتصر على نشر المروحيات والمدفعية في الرقة والموصل وتعزيز وجود القوات الخاصة، بل تشكل جبهة أميركية خليجية تساهم في الحرب على «داعش»، شريطة أن المناطق التي تتحرر من «داعش» يجب ألا تحتلها إيران أو ميليشيات تابعة لها، هذا هو العنوان الرئيسي الذي خرجت به وثيقة موسكو وزيارة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس للخليج والعراق.
أي أن هناك اتفاقاً أميركياً روسياً تركياً خليجياً على إنهاء التمدد الإيراني في العواصم العربية، ويجب أن نكون واضحين جداً في هذه الرسالة إن أراد العالم تعاوننا للقضاء على تنظيم داعش.
مقابل أي مساهمة خليجية أو عربية في الحرب على «داعش»، سواء في العراق أو في سوريا، يجب أن تكون إيران خارج تلك المناطق، وأن تكون هذه الرسالة واضحة أكثر للحكومة العراقية، التي قال ماتيس إن أميركا ستبقى داعمة للعراق حتى بعد تحريره من «داعش»، فإذا ربطت هذا الموقف مع موقف ماتيس من إيران كالدولة الأولى الراعية للإرهاب، فأنت أمام جبهة موحدة مصرة على خروج، لا القوات الإيرانية فحسب من العراق وسوريا، بل «النفوذ» الإيراني كذلك منها، هذه رسالة ليست من دول الخليج، بل من الولايات المتحدة كذلك.
تشكيل جبهة أميركية خليجية، هو عنوان المرحلة المقبلة، تحمل شعار عروبة الأراضي المحررة من «داعش»، أصبح وشيكاً حتى يتبين للعالم حقيقة الجهة الداعمة للإرهاب ولبقاء «داعش» ومن يريد فعلاً التخلص منها، أو من يريدها ذريعة لتمدده.
خروج القوات الأجنبية والميليشيات المدعومة إيرانياً من سوريا ومن العراق هدف أساسي للمساعدة، ومرحلة ما بعد «داعش» أصبحت تناقش قبل التخلص من «داعش».
هذا ما ذكره عادل الجبير وزير الخارجية السعودي حين أعلن عن استعداد بلاده لإرسال قوات إلى سوريا لمكافحة تنظيم داعش بالتعاون مع أميركا؛ إذ نقلت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية عن الجبير قوله إن «السعودية ودولاً أخرى بالخليج أعلنوا عن الاستعداد للمشاركة بقوات خاصة بجانب الولايات المتحدة، وهناك بعض الدول من التحالف الإسلامي ضد الإرهاب والتطرف مستعدة أيضًا لإرسال قوات».
وأضاف: «سننسق مع الولايات المتحدة من أجل معرفة ما الخطة وما الضروري لتنفيذها».
يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمر وزير الدفاع جيمس ماتيس، بعرض خطة جديدة في غضون 30 يوماً، لمكافحة تنظيم داعش.
وقال الجبير للصحيفة الألمانية إنه «يتوقع عرض هذه الخطط قريباً، موضحاً بشكل غير مباشر أنه يمكن تسليم مناطق محررة في سوريا إلى المعارضة».
وأكد أن «الفكرة الأساسية هي تحرير مناطق من تنظيم داعش، ولكن أيضاً ضمان ألا تقع هذه المناطق في قبضة (حزب الله) أو إيران أو النظام».
وفي الرابع من يناير (كانون الثاني) قال مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي: «على النظام (السوري) أن يعود إلى طاولة الحوار لإجراء مفاوضات مباشرة مع المعارضة، وذلك لتحقيق الانتقال السياسي السلمي في سوريا». وأضاف: «أيها المجتمعون يجب أن نرسل رسالة قوية نطالب فيها بأن تغادر جميع الميليشيات الأجنبية الأراضي السورية فوراً»، وكان وزير الخارجية التركي، قد شدّد على ضرورة انسحاب جميع الميليشيات من سوريا، في تصريح له نهاية العام الماضي، عقب الإعلان عما عرف بوثيقة موسكو الروسية والإيرانية والتركية، التي نتجت عنها دعوة مؤتمر «آستانة» في كازاخستان، أي أن الموقف الروسي غير معارض أبداً خروج إيران من سوريا والعراق، بل العكس، فإن ذلك يصب في مصلحته إذا أخذنا في الاعتبار أن الوجود الإيراني سيبقي على الجبهة السورية مشتعلة حتى وإن أجبرت المقاومة على تسليم سلاحها.
أما في العراق فإن الحديث عن مرحلة «ما بعد (داعش)» قد بدأ فعلاً، وحول الوضع الإيراني بالتحديد كما هو الحال في سوريا؛ لهذا سارع رئيس الوزراء العراقي السابق المالكي، لزيارة إيران في بداية شهر يناير حين استشعر بالغيوم تتجمع فوق السماء الإيرانية، سارع بالالتقاء بعلي أكبر ولايتي المستشار الدولي لخامنئي ليطمئن على مستقبله، وقال إنه جاء إلى إيران للقاء خامنئي ولبحث ما سمّاه «الأخطار المحتملة بعد (داعش)»، حسب ما نقلت وكالة «مهر» الإيرانية، في تعبير سياسي جديد على السياسة الدولية والإقليمية، وبخاصة أن الحرب على «داعش» لم تنته بعد، في العراق أو في سوريا. ولم يعرف مغزى قوله بأنه ذهب إلى إيران للبحث في الأخطار المحتملة بعد «داعش»، مع المسؤولين الإيرانيين الذين لا ينتشر التنظيم المتطرف بين ظهرانيهم، وليست لديه أي عمليات عسكرية معلنة على أرضهم، («العربية» 4 يناير).
فإن أراد العراق أن تدعم دول الخليج أمنه واستقراره بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، فإن عليه أن يتصرف حيال الانفلات الأمني الذي تتسبب فيه الميليشيات الإيرانية داخله.
سوسن الشاعر
صحيفة الشرق الأوسط