بغداد- طالب مسؤولون عراقيون بضرورة مراجعة السياسات النفطية في العراق، في ظل غياب دور الشركات الوطنية، بهدف زيادة الإيرادات بعد التراجع الحاد في أسعار النفط، الذي أدى إلى مضاعفة العجز في الموازنة العامة. ويعتمد العراق، ثاني أكبر منتجي منظمة أوبك بعد السعودية بشكل شبه عام على إيرادات تصدير النفط الخام التي تشكل نحو 97 بالمئة من إيرادات الموازنة.
وتحاول الحكومة حاليا بذل جهود لتفعيل القاعات الصناعية والزراعية والتجارية لتوفير إيرادات إضافية، لكن المحاولات تصطدم بالفوضى الناجمة عن انتشار الفساد وقلة خبرة المسؤولين بسبب انتشار المحسوبية وتعيين الموالين للأحزاب المتنفذة.
وأكد مهدي الحافظ، عضو لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي ووزير التخطيط الأسبق أن مراجعة السياسية النفطية في البلاد ضرورة ملحة، خاصة ما يتعلق بتقدير احتياطات النفط والغاز وقضية تطوير الحقول المشتركة بين العراق والكويت، على أن يكون هناك تركيز على عدم التنازل عن حقوق العراقي النفطية.
محمد الحاج محمود: إيران والكويت تنتجان من الحقول المشتركة دون اعتراض من الحكومة
ويوجد في العراق 24 حقلا نفطيا مشتركا مع إيران والكويت وسوريا، بينها 15 حقلا منتجا والأخرى غير مستغلة، أبرزها حقول سفوان والرميلة والزبير مع الكويت وحقول مجنون وأبو غرب وبزركان والفكه ونفط خانه مع إيران.
ونسبت وكالة الأناضول إلى الحافظ قوله إن “خبراء النفط يرون أن عقود الخدمة التي وقعها العراق مع شركات النفط العالمية خلال جولات التراخيص النفطية غير شرعية”. وأضاف أن تلك العقود لا تختلف عن عقود المشاركة في الإنتاج، وهي التي تسمح للمستثمرين بإبداء آرائهم حيال تطوير المشاريع النفطية التي تقع ضمن حقولهم”.
وتعطي عقود النفط التي أبرمها حسين الشهرستاني المسؤول عن ملف الطاقة في حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، للشركات الأجنبية امتيازات كبيرة لتغطية نفقاتها بلا سقف محدد، إضافة إلى ما يصل إلى 21 دولارا عن إنتاج كل برميل من النفط.
وتحاول الحكومة الحالية إعادة التفاوض بشأن تلك العقود المجحفة التي تأكل جانبا كبيرا من إيرادات البلاد، وتتعرض لاتهامات بوجود فساد ومحاباة للشركات الأجنبية في صياغة تلك العقود.
وقال محمد الحاج محمود، وكيل وزارة الخارجية السابق، إن العراق ابرم مع الكويت في السابق اتفاقا يقضي بطرح ملف إجراء تقييم الحقول الأربعة المشتركة بين البلدين من خلال مناقصة أمام شركات مختصة تتولى تقييم الحقول وتقديم مقترح عن كيفية الاستثمار الامثل لها.
وأضاف أنه “لم يحصل أيّ تطور بشأن الاتفاق حتى الآن، في وقت بدأت فيه الكويت بالحفر في بعض الآبار النفطية المشتركة ولم يصدر أي اعتراض من العراق حتى الآن”. وأعلن العراق والكويت في ديسمبر الماضي عن إبرام عدة اتفاقات بينهما، بعد مباحثات جرت خلال زيارة وزير النفط العراقي للكويت، بينها اتفاقات لتزويد الكويت بالغاز.
مهدي الحافظ: عقود جولات التراخيص التي وقعها العراق مع شركات النفط غير شرعية
وأضاف الحاج محمود أنه “تم أيضا طرح تكليف شركة مختصة بتقييم الحقول النفطية المشتركة مع إيران، وتقديم رؤية للاستثمار الأمثل، لكن إيران رفضت تكليف شركة أجنبية بحجة أن لديها خبراء قادرون على إدارة المهمة”. وأكد أنه “لم يحدث حتى الآن أي تطور، باستثناء أن الجانب الإيراني بدأ بالفعل بالحفر في الحقول المشتركة وتجاوز على الحقول العراقية”.
وقال عدنان الجنابي رئيس لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي، إن هناك ضرورة لإعادة العمل بشركة النفط الوطنية التي كانت تتولى إدارة الثروة النفطية في عموم البلاد، على ان تكون ذات استقلالية في عملها. وأضاف أن الصناعة النفطية في البلاد بحاجة إلى تعديلات جذرية. وأكد أن الحديث عن منح بعض المحافظات المنتجة للنفط حصة نفطية لا أساس له من الصحة.
ويعاني العراق أزمة مالية خانقة بسبب تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية، وارتفاع النفقات المالية المتعلقة بالحرب ضد تنظيم داعش. وتبلغ احتياطات العراق المؤكدة من النفط الخام ما يصل إلى 150 مليار برميل، ما يجعله ثاني أكبر خزان نفطي معروف في العالم بعد السعودية.
لكن تقديرات أخرى غير رسمية ترجح أن تبلغ الاحتياطات أضعاف ذلك بسبب قلة الاستكشافات الجديدة وكثرة الحقول التي لم يتم تقدير احتياطاتها. وهي تؤكد أن استكشاف جميع الاحتياطات يمكن أن يجعل صاحب أكبر احتياطات نفطية في العالم.
كما يحتل العراق المرتبة التاسعة بين دول العالم الغنية بالغاز الطبيعي بعد كل من روسيا وإيران وقطر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة ونيجيريا وفنزويلا. وتبلغ احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة نحو 143 تريليون قدم مكعب، إضافة إلى احتياطات الغاز المصاحب المقدرة بنحو 98.3 تريليون قدم مكعب.
ويهدر العراق أكثر من 3.5 مليارات دولار سنويا بسبب عدم استثمار الغاز الطبيعي المصاحب لإنتاج النفط، نتيجة عدم وجود خطط استراتيجية من قبل الحكومة العراقية لاستثماره، رغم أن العراق ما زال يشتري الغاز الطبيعي من دول مجاورة.
ويمكن للغاز المحروق أن يغطي احتياجات العراق من الطاقة، كما أن كمية الغاز المهدور المصاحب للنفط الخام المنتج في آبار البصرة وحدها، تقدر سنوياً بنحو 12 مليار متر مكعب، وفق دراسات لمؤسسات نفطية غير حكومية.
العرب اللندنية