بروكسل – يستبعد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن يؤدي استفتاء على منح الرئيس رجب طيب أردوغان سلطات جديدة كاسحة إلى تخفيف حدة التوتر في علاقات تركيا مع الاتحاد، كما أنه يمثل مجازفة بالقضاء على سعي أنقرة للانضمام إلى عضويته.
ويؤكد المسؤولون أنه حتى إذا لم يوافق الناخبون على منح أردوغان الرئاسة التنفيذية التي يريدها في استفتاء الأحد، فسيلحق ضرر بالديمقراطية والنظام القضائي في تركيا، ومن المرجح أن يمارس الرئيس ضغطا أكبر على منتقديه.
وقال مارك بيريني، سفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى تركيا والذي يعمل الآن بمركز كارنيغي أوروبا، “ما من نتيجة طيبة”.
وأضاف “ثمة فجوة واسعة بين القادة الأوروبيين وأردوغان ولا أرى أن من الممكن إصلاحها بسهولة”. وتوقع أن يحدث “صمت مهذب” من جانب الاتحاد الأوروبي في حالة فوزه في الاستفتاء.
وكانت تركيا، عضو حلف الناتو، بدأت محادثات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عام 2005 وأصبحت شريكا مهمّا للاتحاد عندما استقبلت الملايين من اللاجئين الفارين من الحرب الدائرة في سوريا منذ ست سنوات.
غير أن حملة التضييق التي بدأها أردوغان منذ محاولة انقلاب فاشلة في يوليو الماضي قوبلت بالتنديد في العواصم الأوروبية، كما زاد الرئيس التركي من منسوب العداء مع الاتحاد باتهام حكومتي ألمانيا وهولندا بالتصرف مثل النازيين بعد أن منعتا لقاءات جماهيرية كان من المقرر أن يعقدها مسؤولون أتراك في إطار الدعاية للاستفتاء.
وقال مسؤول كبير إن فوز أردوغان الذي سيمهد السبيل لمنح الرئيس إمكانية تولي الرئاسة لفترتين أخريين كل منهما بخمس سنوات، قد يجلب استقرارا يسمح للاتحاد بتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية. وأضاف “بخلاف ذلك ستحدث فوضى”.
غير أن عددا آخر من المسؤولين خالفوه الرأي. ورفض مسؤول كبير آخر تلك الفكرة ووصف ذلك الاستقرار بأنه “استقرار زائف باسم حكم الفرد الواحد”. ويرى أنصار أردوغان في الاستفتاء، الذي يشارك فيه المواطنون الأتراك في الخارج، فرصة لتدعيم مكانته كأهم زعيم لتركيا الحديثة، في حين يخشى خصومه من أن يسفر عن المزيد من مركزية السلطات.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نتيجة التصويت ستكون متقاربة. ويرى مسؤولو الاتحاد الأوروبي مخاطر في كل الحالات، سواء فاز أردوغان أو خسر بفارق بسيط.
ويقول المسؤولون إن فوز أردوغان سيشجعه على المضي قدما في التعديلات الدستورية وربما تطبيق عقوبة الإعدام، منهيا بذلك سعي بلاده للانضمام لعضوية الاتحاد. وقد أصبح وضع هذا المسعى مشكلة بعد حملة التضييق التي أعقبت المحاولة الانقلابية.
وحذر خبراء في القانون بمجلس أوروبا، وهو هيئة لحقوق الإنسان تركيا عضو فيها، من أن إقامة نظام رئاسي بصلاحيات غير محدودة تقريبا يمثل “خطوة للوراء محفوفة بالخطر” بالنسبة إلى الديمقراطية.
ويرفض أردوغان وأنصاره هذه الأقاويل ويقولون إن الضوابط والموازين كافية في النظام المقترح ومنها مثلا أن الرئيس مضطر للدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في آن واحد، إذا ما قرر حل البرلمان.
ويقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي إن التصورات الأخرى قاتمة أيضا. وإذا ما كانت نتيجة الاستفتاء موضع نزاع، فمن المرجح أن تنذر بفترة من عدم الاستقرار وربما بالمزيد من العنف.
أما الخسارة بفارق بسيط فستبقي على أردوغان بمنصبه، إذ لا خلاف على مكانته كسياسي صاحب أكبر شعبية في تركيا في السنوات الأخيرة.
وقال مسؤولو الاتحاد الأوروبي إنه قد يُقدم موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر حاليا أن تُجرى في 2019 سواء كانت نتيجة الاستفتاء فوزا أو هزيمة.
وأكد مسؤول ثالث كبير في الاتحاد الأوروبي “إذا خسر فمن الممكن أن نتوقع حملة انتخابية في غاية الخشونة والقسوة وربما نشهد لجوء الطرفين للعنف”.
وأضاف أن أردوغان “سيشدد الخناق على المعارضة، وإذا كانت النتيجة موضع خلاف فربما تهز استقرار الوضع العام”.
العرب اللندنية