تفجير إرهابي يكسر الصمت الانتخابي في مصر

تفجير إرهابي يكسر الصمت الانتخابي في مصر

القاهرة – بالتزامن مع انطلاق فترة الصمت الانتخابي في مصر، انفجرت سيارة مفخخة بمحافظة الإسكندرية شمال البلاد، كانت تستهدف موكب مدير أمن المحافظة، وأسفرت عن مقتل شرطيين وإصابة خمسة أشخاص آخرين.

وربط خبراء بين حادث التفجير، الذي وقع صباح السبت، ومحاولة التشويش على سير انتخابات الرئاسة، بعد أن أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الجمعة، خلال زيارته لقاعدة جوية في سيناء، قرب الإعلان عن القضاء على الإرهاب في سيناء.

وتحاول التنظيمات المسلحة تنفيذ عمليات في هذا التوقيت للتقليل من قيمة ما حققه الجيش والشرطة خلال العملية الشاملة في سيناء والتي لم يعلن رسميا عن انتهائها.

وحسب رأي البعض من المراقبين فإن توقيت التفجير له علاقة بتصريحات الرئيس المصري بشأن قرب تحقيق الانتصار على التنظيمات الإرهابية وينطوي على إشارة يريد أصحابها القول إن المعركة ما زالت ممتدة ولم تنته بعد.

ويرى خبراء أن هناك استعجالا في طريقة تنفيذ عملية الإسكندرية التي يستغرق الإعداد لها وقتا طويلا لأنها عملية نوعية ليست سهلة، لذلك لم تطل الهدف المقصود وهو مدير أمن المحافظة، كأكبر قيادة أمنية بها.

وتم تنفيذ العملية بمحافظة الإسكندرية، في إشارة تحمل إمكانية الذهاب بالمواجهة إلى مناطق جديدة غير التي أعلن فيها الجيش سيطرته عليها في الجبهة الشرقية.

واختيار الإسكندرية، ثاني أكبر المدن المصرية له دلالة خاصة، إذ ظلت المدينة بعيدة عن الحوادث الإرهابية منذ استهدفت الكنيسة المرقسية في أبريل من عام 2017.

وربما تتحول الإسكندرية المعروفة بكثافة التيار السلفي فيها، إلى هدف يشتت انتباه قوات الأمن، بعد أن تصورت أنها أحكمت السيطرة على هذا التيار.

واختارت الخلية التي نفذت التفجير الأخير هذه المحافظة، لقربها من الظهير الصحراوي على الجهة الغربية والتي تعمد الخلايا المسلحة للاختباء به والانطلاق منه للقيام بعملياتها في عمق المحافظات القريبة.

اختيار الإسكندرية له دلالة خاصة، إذ ظلت المدينة بعيدة عن الحوادث الإرهابية منذ استهدفت الكنيسة المرقسية في أبريل 2017. وربما تتحول الإسكندرية المعروفة بكثافة التيار السلفي فيها، إلى هدف يشتت انتباه قوات الأمن

ويرى متابعون أن اختيار مدن بعيدة عن مراكز الهجوم المعتادة، بالقرب من مناطق الواحات القريبة من الحدود الليبية أو سيناء، يعطي انعكاسا بأن الإرهاب منتشر في محافظات مختلفة، كخلايا نائمة أو ذئاب منفردة، والقضاء عليه لن يكون بالصورة السهلة التي تحاول أن تقدمها الحكومة المصرية للمواطنين.

ورغم عدم إعلان أي تنظيم مسؤوليته عن الحادث حتى بعد ظهر السبت، إلا أن العملية تأتي في سياق تهديدات واضحة حملها الخطاب الإعلامي المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي والذي وعد بخلق القلاقل خلال أيام الانتخابات الرئاسية.

وقالت صفحة تابعة لتنظيم ولاية سيناء إن “رد التنظيم على الحرب المفروضة من قبل الجيش المصري في سيناء سيكون عسيرا وكبيرا وسيكون انعكاسه مباشرا في قلب القاهرة ومدن أخرى خلال الانتخابات الرئاسية”.

وهدد الحساب كل من يشارك في تلك العملية الانتخابية بالموت دون تفرقة مطالبا “المواطنين بتجنب المقرات الانتخابية، إذا أرادوا الحفاظ على سلامتهم”.
وقالت مصادر أمنية لـ“العرب” إن التفجير حمل بصمات مجموعات خارجية تدير بعض الخلايا المسلحة بالداخل بالنظر لامتلاك القدرة على تمويل عملية بهذا الحجم وجمع المعلومات التي تضمن نجاح تنفيذها، وفي توقيت تشهد خلاله البلاد تشديدا أمنيا.

ولا تستبعد الدلائل الأولية ضلوع جماعة الإخوان، لأن العملية تتشابه مع عمليات سابقة قامت بها اللجان النوعية للجماعة، في مقدمتها تفجير موكب النائب العام المستشار هشام بركات عام 2015.

ولا يقتصر التشابه على كيفية وأسلوب التنفيذ فقط من خلال تفجير سيارة مفخخة عن طريق أجهزة استشعار عن بعد، وهو ما تخصصت فيه اللجان النوعية للإخوان بالنظر لتكتيكات تدريباتها التي بثتها عبر مقاطع على يوتيوب، إنما يشمل الأهداف والرسائل السياسية وراء الاستهداف وطبيعة الشخصية المستهدفة ومكان التنفيذ.

ورجح طارق أبوالسعد، خبير الحركات الإسلامية، ضلوع اللجان النوعية التابعة لجماعة الإخوان في تفجير الإسكندرية، لافتا إلى أن العملية بعيدة نوعا ما عن تكتيكات كل من داعش والقاعدة التي تتعامل غالبا مع الأهداف عبر عمليات انتحارية تعقبها اشتباكات بالأسلحة الرشاشة.

وأوضح أبوالسعد، لـ“العرب” أن الضربات الأمنية القوية والمتتابعة والتي توجتها عملية سيناء الشاملة، من شأنها إحداث زلزال حركي وتنظيمي داخل بنية التنظيمات المسلحة، ما يؤدي إلى خروج خلايا جديدة تستخدم أدوات داعش والإخوان معا وتسعى لتحقيق نفس الأهداف.

وفشلت الجماعة في إعاقة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي تعتبره عدوها اللدود عن استكمال فترة رئاسية تالية عبر الدفع بمرشحين منافسين له، وخططت لعقد صفقات مؤداها دعم الجماعة لمرشح منافس والدفع بأنصارها في الشارع لاستعادة سيناريو انتخابات العام 2012 التي فاز فيها القيادي بالجماعة محمد مرسي بفارق ضئيل عن منافسه الفريق أحمد شفيق.

ووصف اللواء جمال أبوذكري، مساعد وزير الداخلية سابقا، عملية استهداف مدير أمن الإسكندرية بـ“الفاشلة”، مشددا على أن التنظيمات الإرهابية لن تتمكن من استهداف استقرار مصر.

وأكد لـ“العرب”، أن العملية دليل إضافي على نجاح أجهزة الأمن في التصدي للإرهاب، بجانب عدم وقوع عمليات كبيرة ونوعية منذ فترة، مشيرا إلى أنها لن تؤثر على سير الانتخابات الرئاسية، لأن الانتخابات مؤمنة.

واتخذت أجهزة الأمن احتياطات مكثفة لنجاح العملية الانتخابية، وتأمين اللجان والناخبين والقضاة. وكشفت مصادر أمنية لـ”العرب”، أن العملية يمكن أن تحقق أهدافا عكسية على غير ما خطط منفذوها، بالنظر للروح السائدة حاليا في الشارع المصري، والتي تحرص على إظهار التضامن مع الجيش وأجهزة الأمن في حربها ضد الإرهاب.

وسادت حالة من التعبئة الشعبية في مختلف المحافظات تربط بين ضرورة المشاركة في الانتخابات ومؤازرة الجيش المصري في حربه ضد الإرهاب على مختلف الجبهات.

العرب