انطلقت في النروج أمس أضخم مناورات عسكرية للحلف الأطلسي منذ نهاية الحرب الباردة، في عرض قوة يغضب روسيا ويذكرها بتضامن الدول الأعضاء في الحلف، على رغم شكوك أشاعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في هذا الشأن.
تمتد مناورات «ترايدنت جنكتشر» التي يعني اسمها «الرمح الثلاثي من بحر البلطيق إلى آيسلندا، وتستمر حتى 7 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وتشارك فيها قوات من 31 بلداً، تضم حوالى 50 ألف جندي، و10 آلاف آلية، و65 بارجة، و250 طائرة، وتهدف إلى تدريب قوات الحلف على الدفاع عن دولة عضو تتعرض لاعتداء.
وعلى رغم مخاوف في شأن التزام ترامب بالحلف، لا سيما في ما يتعلق بـ «البند الخامس» الخاص بالدفاع المشترك، يشارك الجيش الأميركي في المناورات بأضخم فرقة عسكرية، قوامها 14 ألف جندي، إضافة إلى حاملة الطائرات هاري أس ترومان.
وإلى جانب الدول الأعضاء في الأطلسي (29 دولة)، انضمت السويد وفنلندا إلى التدريبات، كما دُعي عسكريان روسيان وآخران من بيلاروسيا، بصفة مراقبين.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ: «في السنوات الأخيرة تراجعت البيئة الأمنية في أوروبا في شكل لافت. المناورات تبعث برسالة واضحة إلى دولنا وإلى أي عدو محتمل (مفادها) أن الحلف الأطلسي لا يسعى إلى أي مواجهة، لكننا متأهبون للدفاع عن كل حلفائنا ضد أي تهديد». وأضاف: «نحن نتدرب في النروج، لكن الدروس المستقاة من ترايدنت جانكتشير ملائمة لدول أخرى بالطبع».
وتؤشر التدريبات إلى أن الحلف يريد تقوية دفاعاته، بعد سنوات من خفض النفقات العسكرية والمهام القتالية في مناطق بعيدة. وسعت النروج التي تزايد قلقها من روسيا، منذ ضم الأخيرة شبه جزيرة القرم عام 2014، إلى مضاعفة عدد قوات مشاة البحرية الأميركية التي تتلقى تدريباً على أرضها كل عام، في إجراء تنتقده موسكو.
في المقابل، رأى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن «نشاطات الأطلسي العسكرية قرب حدودنا وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ الحرب الباردة»، مشيراً إلى أن المناورات العسكرية «تحاكي عملاً عسكرياً هجومياً». وكان أشار إلى أنه سيتم تزويد أسطول الشمال الذي يُعدّ عماد البحرية الروسية، بـ5 سفن حربية إضافية، و5 سفن دعم، و15 طائرة ومروحية، بحلول نهاية العام الحالي.
كما أعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن «الدول الرئيسة في الحلف الأطلسي تسعى إلى تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، قرب الحدود الروسية». ورأت أن «مثل هذه الأعمال غير المسؤولة ستؤدي حتماً إلى زعزعة استقرار الوضعين السياسي والعسكري في الشمال، وإلى زيادة التوتر»، متوعدة بـ «اتخاذ تدابير ضرورية للرد». وذكرت السفارة الروسية في أوسلو أنها تعتبر أن هذه المناورات موجهة «ضد روسيا». وأضافت أن «مثل هذا النشاط يظل استفزازياً، على رغم محاولات تبريره بأنه ذو طبيعة دفاعية بحتة».
وكانت موسكو أظهرت استياءها من تعزيز الغرب وجوده العسكري في المنطقة، بعد تكثيف الولايات المتحدة وبريطانيا انتشارهما في النروج، بهدف تأقلم قواتهما مع ظروف المناخ البارد. كما ساهم في زيادة التوتر بين موسكو والغرب، تلويح الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستئناف سباق التسلح، بعد يومين من إعلان نيته سحب بلاده من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى، التي أبرمت مع روسيا عام 1987.