يهدّد الصراع السياسي في العراق خاصة على حقيبتي الداخلية والدفاع، الملف الأمني الهش في البلاد، إذ تقترب كلتا الوزارتين من شهر كامل على خلوهما من وزير يديرهما وتعملان حالياً من خلال القادة الميدانيين وبإشراف رئيس الحكومة عادل عبد المهدي الذي أعلن أنه يديرهما بالوكالة لحين حسم الصراع على من يتولى منصب الوزير في كلتا الحقيبتين الأمنيتين الأخطر بالعراق.
وقال مسؤول عراقي بارز في بغداد، اليوم الثلاثاء، إن “العمليات العسكرية والمهام الأمنية التي يضطلع بها الجيش منذ نحو شهر تجري بشكل سلس وبلا أي تأثر إلا أنها باتت غير مركزية حيث يتولى قادة العمليات العسكرية في المحافظات مهام رسم الخطط وتنفيذ الحملات العسكرية لتعقب بقايا داعش أو تطهير المناطق الصحراوية”.
ورأى المسؤول أن “وزارة الداخلية بدت أكثر تضرراً من الفراغ الحالي من نظيرتها وزارة الدفاع إذ إن هناك إرباكا حقيقيا، حيث في الوزارة عدة وكلاء ومستشارين باتوا يتصرفون في كثير من الأحيان دون العودة لرئيس الوزراء الذي من المفترض أنه يتولى الوزارة بالوكالة”.
وأضاف أن “فراغ الوزارتين يشعر القيادات الأمنية والعسكرية بعدم الاستقرار حيث اعتاد كل وزير جديد أن يجري عمليات نقل وإقالة واسعة في المؤسستين الأمنية والعسكرية”.
ولفت إلى أنّ “هذه المخاوف، التي تسيطر على القيادات الأمنية انعكست على الملف الأمني بشكل واضح، ما تسبب بعودة أعمال العنف بعدد من المحافظات، وتسجيل نشاط ملحوظ لخلايا داعش في البلاد”.
إزاء ذلك حذر مراقبون من بقاء الفراغ الأمني داخل الوزارتين وأهمية الإسراع بحسم المنصبين قبل أن يتأثر المشهد الأمني بشكل أكبر.
وقال الخبير بالشأن الأمني العراقي، طالب السعدي لـ”العربي الجديد”، إن الفراغ الحالي يهدد بانفلات أمني كبير بالبلاد ليس على مستوى الإرهاب فقط بل على مستوى الشبكات الإجرامية والمليشيات المنفلتة وحتى موضوع الجريمة المنظمة كتجارة المخدرات والسطو المسلح والخطف، مبيناً أن “الوزارتين على مستوى القادة لا يفعلون شيئا الآن سوى الانتظار وخططهم مرتجّة بالغالب”.
واعتبر أن “وجود كيان عسكري ثابت وهو قيادة العمليات العراقية المشتركة هو من يساعد على تعويض المناصب الوزارية لكن ليس لفترة طويلة، بسبب الصلاحيات التي خولها الدستور للوزير ولم يخولها لغيره”.
ويحذّر مسؤولون، من مغبة عدم حسم الخلاف بشأن حقيبتي الدفاع والداخلية، واللتين تعدّان أساس ضبط الملف الأمني في البلاد، وقال عضو تحالف الإصلاح رياض العلي، لـ”العربي الجديد”، إنّ “الخلاف على حقيبتي الدفاع والداخلية يجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن، إذ إنّ الملف الأمني قائم على هاتين الحقيبتين”.
وأكد أنّ “الحوارات السياسية، لم تفض بعد إلى توافق بشأن مرشحي الحقيبتين، وأنّهما لن تحسما خلال الجلسة المقبلة، أو الأسبوع المقبل”، مشدداً على “ضرورة أن تكون القيادات السياسية واعية لحجم المخاطر، التي قد يتسبب بها الخلاف على الحقائب الأمنية، وأن تسرع بحسم خلافها، بعيداً عن محاولات تحقيق مكاسب خاصة”.
يشار إلى أنّ البلاد بدأت تشهد تصعيداً بأعمال العنف، في عدد من المحافظات، الأمر الذي يؤشر إلى ضعف التحوطات الأمنية في البلاد.