في وقت عطّل البرلمان العراقي جلساته للأسبوع الثاني من أجل استكمال التصويت على الحقائب الثماني المتبقية في حكومة رئيس الوزراء عبد المهدي، دخلت هيئة المساءلة والعدالة الخاصة بـ«اجتثاث البعث» على خط الجدل حول حقيبة الدفاع، بعدما أعلنت شمول المرشح فيصل الجربا بإجراءاتها، إضافةً إلى وزير الاتصالات الجديد نعيم الربيعي الذي طالبت البرلمان بـ«اتخاذ اللازم» تجاهه.
وقالت الهيئة رداً على كتاب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، بشأن تدقيق أسماء المرشحين للحكومة، إنه «تم تدقيق أولويات فيصل فنر الفيصل الفرحان الجربا، وتبين لدينا من خلال خط خدمته العسكرية أنه ضابط، وصنفه الرئيسي طيار وشغل منصب معاون آمر السرب الجمهوري، وورد اسمه في المرسوم الجمهوري الذي منح منسوبي قيادة الحرس الجمهوري الخاص نوط شجاعة لقيامهم بقمع الانتفاضة الشعبانية».
وأضافت أن الجربا «حاصل على شارة الحزب لسنة 1993 التي تُمنح لمن أمضى مدة 25 سنة على الأقل، وحاصل على النوط رقم 120 لسنة 1998 الذي يُمنح لمن كان عضواً في حزب البعث المنحل فما فوق… ولتوفر القناعة الكافية لدى الهيئة قررت شمول الجربا وفقاً لأحكام المادة 6 ثالثاً من قانون المساءلة والعدالة رقم 10 لسنة 2008».
وتنص هذه المادة على «إنهاء خدمات جميع منتسبي الأجهزة الأمنية القمعية وإحالتهم إلى التقاعد بموجب قانون الخدمة والتقاعد»، إضافة إلى منعهم من «العودة إلى الخدمة أو الاستمرار في الخدمة في الهيئات الرئاسية الثلاث ومجلس القضاء والوزارات والأجهزة الأمنية».
وكشفت وثيقة سرية صادرة عن الهيئة شمول وزير الاتصالات الحالي بإجراءات المساءلة والعدالة. وأشارت إلى أن «الربيعي قدم إقرارين خطّيين يثبت فيهما انتماءه إلى حزب البعث بدرجة عضو فرقة». وطالب كتاب هيئة المساءلة، مجلس النواب بـ«إجراء اللازم مع الوزير وإعلان ذلك».
وأعلن عضو اللجنة القانونية في البرلمان حسين العقابي خلال مؤتمر صحافي، أمس، أنه سيحرك دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء تتهمه بـ«التستر على وزراء غير مؤهلين ولا يتمتعون بالشروط الدستورية والقانونية». واعتبر أن عبد المهدي «ارتكب مخالفات واضحة وكثيرة في تشكيل حكومته غير التامة بدءاً من عدم التزامه بالتحقق من توفر الشروط الدستورية والقانونية في مرشحي وزارته وبراءة ساحتهم من الشمول بإجراءات المساءلة والعدالة واتهامات الإرهاب والفساد المالي، والقواعد القانونية تلزمه بالتحقق وتحصيل العلم بتوفر الشروط وانعدام الموانع قبل أن يقدم المرشح إلى البرلمان للتصويت عليه». وقال إن «عبد المهدي ارتكب مخالفة أخرى أشد من الأولى، إذ تستر على وزراء ليسوا أهلاً للثقة، وأخفى المعلومات بعد وصولها من الدوائر المعنية والتي تُلزمه بإقالتهم فوراً من دون أي تأخير».
إلى ذلك، التقى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش، في مدينة النجف، كلاً من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، وزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، لبحث الواقع السياسي في البلاد وحالة الشلل التي تعيشها الحكومة الحالية. وأشار كوبيش خلال مؤتمر صحافي بعد لقائه السيستاني، إلى أنهما أكدا «ضرورة إكمال تشكيل الحكومة». وأكد «ضرورة دعم العراق ومساعدته للنهوض بتوفير الخدمات كافة، ولكن من دون التدخل في الشؤون الداخلية». ودعا الصدر بعد اللقاء مع كوبيش إلى «الإسراع بتشكيل الحكومة من أجل تقديم الخدمات للمواطنين».
إلى ذلك، كثف قادة الكتل السياسية لقاءاتهم خلال اليومين الماضيين من أجل تطويق أزمة استكمال تشكيل الحكومة التي يُفترض أن تكون جاهزة الثلاثاء المقبل في موعد انعقاد جلسة البرلمان. وكان الرئيس برهم صالح قد التقى زعيم تنظيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، وبحث معه المشكلات التي ما زالت تعترض استكمال تشكيل الحكومة، بينما عقد زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم سلسلة لقاءات مع عدد من القادة السياسيين للغرض نفسه.
وعزا السياسي العراقي المستقل الدكتور نديم الجابري، الأزمة الحالية إلى «أزمة ثقة تعانيها الطبقة السياسية وتجعلها غير قادرة على حسم خياراتها على صعيد التشكيل الحكومي». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «تقسيم المناصب على أساس المكونات، ومن ثم إعادة توزيعها على الأحزاب والكتل، أدى إلى زيادة تعقيد المشهد السياسي برمّته، فالخلافات لم تعد بين مكون ومكون، بل باتت بين أطراف مختلفة داخل كل مكون، سواء باسم احتكار تمثيل المكون أو طبقاً لما يعتقده حصة له تبعاً لعدد المقاعد التي حصل عليها في البرلمان».