الباحثة شذى خليل*
تعمل صناديق الثروة السيادية – التي تنشئها حكومات الدول لأغراض الاقتصاد الكلي – على حفظ الثروات والأصول وإدارتها بشكل منظم وصحيح واستخدام عدة استراتيجيات في الاستثمار لتحقيق الهدف المالي.
وتعد الصناديق الثروة السيادية او (المحافظ السيادية) ، وهي مُكلَّفة بإدارة تلك الثروات، وتحوي على أصول ثابته مثل الأراضي، عقارات تجاريه او الأسهم، السندات، نسب مباشره في تلك الشركات، وتسعى الحكومات إليها للمحافظة على ثرواتها من ناحية، وزيادة عوائدها من ناحية أخرى، أي أنها الذراع الاستثماري لدى الدول التي تمتلك فوائض مالية.
وهي الطريقة المثلى للدول التي تتمتع بفائض مالي حالي تدخره لأي حدث او طارئ او ازمة مالية اقتصادية في المستقبل، ويجب أن يتم إنشاء أكثر من صندوق حتى يكون هناك تنوع وتوازن بالاستثمارات، وأن تتمتع بالحذر، وأن يتم إدارتها من خلال نخبة إداريين محترفين للحصول على النتائج المطلوبة وليس العكس .
ومن اسباب نشأة الصناديق السيادية، هو حاجة البلدان التي تمتلك مدُخرات كبيرة وتريد الحفاظ على هذه المدخرات، بل وتسعى لزيادة أرباحها، ولكن لا يتم استثمارها في أصول عالية الخطورة، حيث أنها مملوكة للدولة وتستثمر بالأصول التقليدية، حيث أن مدخرات بعض الدول تكون عبارة عن ملكيتها لثروة السلع (خصوصاً النفط والغاز)، كما هو الحال في الصين وسنغافورة اللتين لديهما فائض تجاري كبير.
ويتفاوت تاريخ تأسيس الصناديق السيادية، لكن نستطيع القول إنها بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي، ثم انتشرت في عدة دول، بخلاف ما يعتقد البعض، حول أن تلك الصناديق ظاهرة حصرية في دول الخليج العربي، فهناك عدة دول حول العالم تمتلك صناديق مماثلة لها، ومن بينها النرويج.
ومن أهداف الصناديق السيادية:
حماية ثروة البلد واستثمارها بشكل صحيح، حيث يمكن اللجوء إليها في المستقبل عند الحاجة إليها مثلاً في الأزمات الاقتصادية التي يتعرض لها البلد بشكل مفاجئ .
حماية الاقتصاد الوطني والميزانية العامة للدولة من خطر الأزمات الخارجية التي تأتي نتيجة للتقلبات الناتجة من مداخيل إيراداتها والصادرات.
مبدأ العدالة الذي يتحقق من خلال توزيع الثروة بين الأجيال عن طريق تعظيم الادخار الذي يذهب الى الأجيال القادمة.
تنويع دخول الدولة وبالتالي العمل على تقليل الاعتماد عمى الصادرات السمعية غير المتجددة.
زيادة عوائد الاحتياطيات للصرف الأجنبي.
تساعد السلطة النقدية على سحب السيولة غير المرغوب بها.
توفير أداة لتمويل برامج التنمية الاقتصادية.
تحقيق نمو مستدام طويل الآجل في الدول المالكة للصندوق.
تحقيق اهداف سياسية واقتصادية واستراتيجية
معالجة وجود آثار سلبية نتيجة للتدفقات المالية الناتجة عن الثروة الطبيعية، وهذا ما يعرف بـ(المرض الهولندي) The Dutch disease، الذي يسبب آثار غير مرغوب بها في القطاعات الإنتاجية، وخاصة الصناعية نتيجة لاكتشافات النفط التي خلقت حالة من الكسل والتراخي في الوظيفة التي أصابت الشعب الهولندي خلال الأعوام 1900-1950 بعد اكتشاف النفط والغاز في الشمال، إذ توجهوا للترف والراحة، حتى وصلوا الى مرحلة نضوب المورد الطبيعي من الآبار التي استنزفها بالاستهلاك الجائر وغير المنتج.
النرويج أكبر الصناديق في العالم: إذ تأسس الصندوق النرويجي في ستينيات القرن الماضي، بهدف تحصين الاقتصاد النرويجي من التقلبات في أسواق النفط، ويهدف إلى ضمان مصدر مستقبلي للثروة من الإيرادات الحالية المستمدة من مبيعات النفط والغاز في النرويج، ويستثمر الصندوق في الأسهم والسندات الأجنبية والعقارات، وبهذا تمتلك النرويج أحد أكبر الصناديق حول العالم والتي تقدر موجوداته بأكثر من 818 مليار دولار حسب أخر بيانات، وأعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي قبل أيام عدة انه حقق عائدا على الاستثمار نسبته ثلاثة بالمئة في الربع الثاني من العام الحالي، ليجني 256 مليار كرونة نرويجية (28.5 مليار دولار).
وخلال الربع الثاني، بلغ عائد الصندوق السيادي النرويجي نحو 3%، وذلك مع ارتفاع الأسهم 3%، والسندات حوالي 3.1% والعقارات بحوالي 0.8% خلال الربع الثاني، حيث تبلغ حيازة الصندوق من الأسهم نحو 69.3%، ومن السندات نحو 28.0 %، والعقارات حوالي 2.7% .
ولا تخلوا الصناديق السيادية من خسائر بسبب ضعف أداء الأسواق المالية العالمية، حيث خسر الصندوق نحو 485 مليار كرونة، أو ما يقدر بحوالي 56.4 مليار دولار في 2018، ويعد أضمن طريقة لإدارة ثروات البلاد .
وكذلك تدير كل من سنغافورة والصين وروسيا صناديق مماثلة ذات وزن كبير، وكذلك أسست كل من التشيلي وفنزويلا صناديق من هذا النوع.
ونهاية الربع الثاني من العام الجاري، بلغت القيمة السوقية للصندوق 9.162 ترليونات كرونة (1.025 ترليون دولار) وتم استثمار 69.3% في الأسهم و2.7% في العقارات غير المدرجة، و28% في أدوات الدخل الثابت.
ويضخ الصندوق استثمارات في أكثر من تسعة آلاف شركة في أنحاء العالم في 75 دولة، ويحوز في المتوسط نحو 1.5% من الأسهم المدرجة في العالم.
ويبلغ عدد سكان النرويج نحو خمسة ملايين نسمة، ما يعني أن ثروة كل مواطن تقدر بنحو مئتي ألف دولار.
وفي سبتمبر/أيلول من عام 2017، عندما بلغت أصول الصندوق السيادي النرويجي ترليون دولار، قال أحد المسؤولين بالبنك المركزي النرويجي، “لا أعتقد أن هناك من كان يعتقد أن الصندوق سيصل إلى ترليون دولار حين تم تحويل أول دفعة من إيرادات النفط في مايو/أيار 1996”.
وقال المسؤول وقتها، “إن الوصول إلى ترليون دولار نقطة محورية، ونمو قيمة الصندوق السوقية كان مذهلا”.
وتتفوق القيمة السوقية للصندوق النرويجي على اقتصادات عدد من الدول القوية على غرار إندونيسيا، وهولندا والسعودية، وتركيا وسويسرا والسويد وبلجيكا، وتقترب هذه القيمة من الناتج المحلي لدول كبرى مثل المكسيك وأستراليا وإسبانيا وروسيا.
العراق وحاجته الى تأسيس صندوق سيادي عراقي:
إن الاقتصاد العراقي اليوم بأمس الحاجة الى صندوق سيادي للتنمية بغرض تشجيع تمويل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية وتقوية السياسات الصناعية لزيادة الإنتاج الحقيقي داخل الاقتصاد العراقي، وسيجلب هذا النوع من الصناديق مجموعة من الآثار الإيجابية للاقتصاد العراقي من أهمها، تخفيض معدلات البطالة وتنمية القطاعات الانتاجية، وبخاصة في المجالين الصناعي والزراعي، وتحسين الخدمات… وهناك أسباب داخلية وخارجية من بينها:
1. الأسباب الداخلية:
النفط مورد ناضب ولا يمكن الاعتماد عليه سواء كان بعيد الأمد او قريب الأمد من حيث النضوب.
النفط يعد من الأصول المالية بعد ان يتم تحويله من أصول عينية.
تقليل الاعتماد على النفط يجعل العراق يتهيأ الى فترة ما بعد النفط كما تفعل السعودية في خطتها الاستراتيجية 2030، وهو الاعتماد على 30% من عوائد الصناديق للموازنة بدون نفط.
2. الأسباب الخارجية:
اسعار النفط غير المستقرة عالميا: عدم استقرار أسعار النفط عالميا وتذبذبها بشكل عشوائي، نتيجة لمجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية، ومن الطبيعي على العراق ان يقوم بالاعتماد على صندوق يتأتى من الفوائض النفطية في حال وجودها.
سحب الفوائض: يقوم هذا الصندوق بسحب فائض الأموال المتأتية من تصدير النفط للتغلب على أسعار النفط العالمية المتذبذبة، كما يمكن الاستفادة من صدمات النفط السلبية، وعملية حدوث اي انهيار قد يحدث بأسعار النفط العالمية.
أسس الانطلاق لتأسيس صندوق سيادي عراقي:
1) النظام التشريعي والقانوني: يعد هذا العنصر الأساسي لإنشاء صندوق ثروة سيادي للعراق، من خلال تشريع البرلمان العراقي له، ويعد هذا العنصر هو العنصر الأول من حيث الأهمية وبدون هذا التشريع لا وجود لمشروع مقترح اصلا.
2) تمويل الصندوق: تقوم وزارة المالية العراقية بتمويل هذا الصندوق في بداية الأمر، وهي مسؤولة عن هذا الصندوق لبضع سنوات.
3) إدارة الصندوق: البنك المركزي العراقي يدير إدارة مباشرة للصندوق، ويوفر كادر متمرس إداريا ومتخصص في مجال الاستثمار (المباشر والمحفظة) بصورة خاصة، يمكن الاستفادة من الخبرات المتواجدة في المؤسسات المالية الأجنبية، وذلك لقلة الخبراء في هذا المجال، باعتبار ان سوق الأوراق المالية العراقي سوق ضيق، وانعدام المؤسسة المالية الخاصة كصناديق تأمين وصناديق استثمار.
وتشير تأكيدات المنظمات المالية الدولية (مثل صندوق النقد الدولي) الى إمكانية العراق في إنشاء مثل هذا الصندوق، ونعتقد أن خلق مثل هكذا صندوق يعبر عن إدراك الجيل الحالي، واعترافه بحق الأجيال القادمة في التوزيع المتساوي لمكتسبات الثروة المتأتية من المورد النفطي، الذي هو ملك لجميع العراقيين، وينبغي تحقيق العدالة في توزيعه بين الجيل الحالي والأجيال القادمة.
أنواع صناديق الثروة السيادية على أساس مجال عمل الصندوق:
1) صناديق سيادية محلية: وهي صناديق يتركز نشاطها الاستثماري والادخاري داخل البلد.
2) صناديق سيادية دولية: وهي صناديق يتركز نشاطها الاستثماري والادخاري خارج البلد.
3) صناديق سيادية مختلطة: وهي صناديق يتركز نشاطها الاستثماري والادخاري خارج البلد وداخل البلد في آن واحد.
انواع صناديق الثروة السيادية على أساس درجة الاستقلالية:
1) صناديق سيادية غير مستقلة: هي صناديق تديرها الحكومة بصفة مباشرة، ولا تتمتع باستقلالية القرار، يتميز معظم هذه الصناديق بعدم خضوعه للرقابة المستقلة والمسائلة والإفصاح.
2) صناديق سيادية مستقلة نسبياً: هي صناديق تديرها الحكومة بصورة مباشرة، إذ يتم إشراك جهات أخرى على غرار البنوك المركزية والهيئات المستقلة في إدارتها، وأههم ما يميزها انها تتمتع بالاستقلالية النسبية في اتخاذ القرار، كما انها تخضع للرقابة المستقلة والمسائلة والافصاح.
الفرق بين الصندوق السيادي واحتياطي البنك المركزي:
تتضح الصورة في تلك المقارنة بين الصندوق السيادي واحتياطيات البنك المركزي عند النظر في كيفية تمويل وبناء كل منهما.
1) فاحتياطيات البنك المركزي (مؤسسة النقد)، تتجمع تلك الاحتياطيات وتتراجع من سنة لأخرى عن طريق الفروقات بين دخل البترول والإنفاق الحكومي.
2) في حين أن الأموال أو الاحتياطيات الموجهة للصندوق السيادي تأتي بقرار حكومي للادخار للمستقبل، ولإيجاد مصدر آخر للدخل، أي أنها بمثابة برنامج ادخار وطني للمستقبل موازٍ ومكمل لدخل البترول.
3) والمعمول به في هذا المجال عند إنشاء الصناديق السيادية في العالم أن يصدر قرار حكومي:
أولاً: بتحويل جزء من الاحتياطيات المتوافرة لدى البنك المركزي لإنشاء وتمويل الصندوق السيادي.
ثانياً: اعتماد آلية للادخار تتضمن تحويل جزء من دخل الدولة بشكل دوري للصندوق السيادي، مثال على ذلك، يتم تمويل الصندوق السيادي في الكويت بتحويل (25%) من دخل البترول مباشرة إلى الصندوق السيادي.
ثالثاً: يتطلب الأمر أيضا وضع آلية لضبط الإنفاق الحكومي، بحيث تكون موازنة الدولة (الإنفاق الحكومي سنويا) متناسقا مع إمكانات الدولة على المدى البعيد.
حجم موجودات الصناديق السيادية:
يقدر حجم موجودات تلك الصناديق بما يعادل (12%) من إجمالي القيم المتداولة في بورصة نيويورك أو (42%) من إجمالي القيم المتداولة في بورصة طوكيو تقريباً، ومن المتوقع أن حجم الأموال التي ستمتلكها تلك الصناديق خلال عقد من الزمن ستتجاوز (13.4) ترليون دولار، فيما تقدر “مورغان ستانلي” أن تبلغ الموجودات (17.5) ترليون دولار.
وفي الفترة الأخيرة أصبحت أغلب الحكومات لاستراتيجية تستثمر في الأوراق والسندات قصيرة المدى، ويدير الجهاز حاليا كمية ضخمة من رأس المال، يعتبر هذا الجهاز من أكبر الصناديق السيادية .
حجم موجودات الصناديق السيادية:
الموجودات لإجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي دخل مؤخراً في صفقة لشراء حصة (4.9%) من مجموعة «سيتي جروب» مقابل (7.5) مليار دولار، وهي تعد أكبر صفقة لشراء حصة غير مسيطرة في بنك غربي، وهنالك أيضاً هيئات سيادية تابعة لحكومة دبي استثمرت في أصول وشركات آسيوية، مثل بنك «آي سي اس اي» الهندي، و شركة صناعات الالكترونيات اليابانية سوني.
دولة قطر، يوجد جهاز قطر للاستثمار، وهو صندوق ثروة سيادي مختص بالاستثمار المحلي والخارجي، أسسته حكومة قطر في عام 2005 لإدارة فوائض النفط والغاز الطبيعي، كنتيجة لاستراتيجية الصندوق في التقليل من مخاطر اعتماد قطر على أسعار الطاقة، فإنه يستثمر في الغالب في أسواق عالمية (الولايات المتحدة وأوروبا ودول آسيا والمحيط الهادئ)، إضافة إلى الاستثمار في قطر خارج قطاع الطاقة، ويمتلك هذا الجهاز حوالي (6%) من “إي أي دي إس”، و (15.1%) من أسهم سوق لندن للأوراق المالية، و (17%) من مجموعة فولكس فاجن، وكما يعتبر أحد المساهمين في مجموعة لاغاردار بنسبة (12.83%)، وفي 31 مايو 2011، اشترى جهاز قطر للاسثمار (70%) من نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم، وفي 6 مارس 2012، أكمل الجهاز شراء الـ30% الباقية، وهنا أصبح الجهاز يمتلك النادي 100%، وفي 4 يونيو 2012، اشترى الجهاز 100% من رأس مال نادي باريس سان جيرمان لكرة اليد، واشترى الجهاز كذلك في باريس مجموعة من الفنادق وهي فندق لومبار، فندق كينسكي، فندق لاندولفو كاركانو، فندق إفرو، فندق ماجيستيك، فندق غراي دالبيون، فندق كواسلان، وكذلك في شارع الشانزلزيه في باريس، ويمتلك الجهاز أبنية مقار كل من فيرجن ميغاستور، إتش إس بي سي، ليدو، رويال مونسو، وبينانس.
السعودية التي لديها مؤسسة النقد العربي السعودي، والتي صنفت دوليا على أنها صندوق سيادي، وتدر عائدا يماثل الذي تحققه الصناديق السيادية العالمية، وتتولى مؤسسة النقد العربي السعودي حاليا إدارة استثمارات المملكة من إيرادات النفط في الأسواق الخارجية، وتصدرت السعودية المركز الثالث عالمياً بحجم الصناديق السيادية بعد أن كانت تحتل المركز الرابع، وحلت الثانية عربياً، وتمتلك المملكة أربعة من هذه الصناديق وهم:
1) مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) وهي الصندوق السيادي الرئيس تحت مظلة الدولة ورقابتها.
2) صندوق الاستثمارات العامة.
3) صندوق معاشات التقاعد.
4) صندوق التأمينات الاجتماعية.
وأيضاً في دولة الكويت، تتمثل الصناديق السيادية بهيئة الاستثمار الكويتية بـ213 مليار دولار.
تعتبر عائدات النفط المصدر الأساس لأموال أكبر الصناديق الاستثمارية السيادية في العالم، وبالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط إلى ما قبل عام 2014، وازدياد واردات الدول المنتجة للخامات، ازدادت ثروات هذه الصناديق، فالثروات الخليجية أصبحت أوسع وأكثر تركيزاً، فمجموع أصول الصناديق السيادية لكل من المملكة والإمارات والكويت تشكل وحدها فقط ما يصل إلى (50%) من مجمل الصناديق السيادية في مختلف أنحاء العالم، كما تعتبر الاحتياطيات النقدية الأجنبية مصدراً أساسياً أيضاً.
لذلك نرى إقبال كبير على هذه الصناديق من قبل بعض الدول الحريصة على تنويع استثماراتها تلافيا للخسائر(أقل الخسائر) المحتملة، وحفاظا على الثروات، وخير مثل على ذلك الصين التي تملك أربعة صناديق سيادية هي، شركة الصين للاستثمار، ومحفظة الاستثمار التابعة لمؤسسة النقد في هونغ كونغ، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وشركة سيف للاستثمار، ومثل أمريكا التي تملك ثلاثة صناديق استثمارية، والإمارات التي تملك صندوقين استثماريين، وهذا أسلوب تحوطي ممتاز، لأنه يقلل المخاطر الاستثمارية، ويعطي فرصاً أكبر لتعظيم الفوائد على الثروات المستثمرة، كما أنها تعد محركاً استراتيجياً للتأثير عالمياً عبر التكتلات المالية العالمية.
الصين تجذب الصناديق السيادية للاستثمار:
إن الديناميات التنافسية الفريدة التي تتمتع بها الصين، تجذب الصناديق السيادية التي تسعى إلى مزيد من التنويع، على الرغم من استمرار تمتع الأسهم بمكانتها، كفئة الأصول الأكثر تفضيلاً، كما أن حوالي 100% من الصناديق السيادية في الشرق الأوسط، والتي تتمتع بانكشاف على الصين، تحمل أسهماً صينية، مما يدل على أن التدابير الحكومية لفتح السوق أمام المستثمرين الأجانب تؤتي ثمارها، وقد ذكر المشاركون في التقرير من منطقة الشرق الأوسط، أنهم صبوا تركيزهم على بناء خبراتهم في الصين، عبر الاستثمار في الشراكات، وتطوير كفاءاتهم داخليًا، وتأسيس مكاتب آسيوية مخصصة.
إن رصد زيادة مستثمري الشرق الأوسط لمخصصاتهم إلى آسيا كمنطقة، حيث زادت نسبة المخصصات بنسبة 75% في عام 2018 مقارنة مع 47% من جميع المستثمرين الذين تم استطلاع رأيهم، وتشير الدلائل إلى أن هذا الاتجاه سيستمر في عام 2019.
وتعد مخاطر الاستثمار أكبر تحدٍّ يواجه الاستثمار في الصين بالنسبة للصناديق السيادية في الشرق الأوسط، ولا تزال الشفافية تشكل عقبة كبيرة أمام زيادة الصناديق السيادية العالمية مخصصاتها في الصين، بينما تعتبر قيود الاستثمار ومخاطر العملات من أهم العوائق الرئيسة بالنسبة للصناديق السيادية التي ليس لديها مخصصات حالية للصين.
أوروبا لا تجذب الاستثمارات السيادية:
تراجعت أوروبا على قائمة المناطق المفضلة، حيث قام نحو نصف المستثمرين السياديين في الشرق الأوسط بتخفيض مخصصاتهم إلى أوروبا في عام 2018، بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، والتنبؤات المتزايدة بالمخاطر السياسية إلى انخفاض في جاذبية الاقتصادات الأوروبية الرئيسة، ويؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الآن على قرارات تخصيص الأصول لـ 64% من جميع الصناديق السيادية، بينما تزداد هذه النسبة لدى مستثمري الشرق أوسطيين لتصل إلى 78%.
وقد بات المستثمرون ينظرون إلى أوروبا القارية بعين من عدم التيقن بشكل متزايد، مع صعود الأحزاب والحركات الشعبوية اليمينية في الاقتصادات الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا وإيطاليا.
وهناك عدد مماثل أيضًا يخطط لتقليص المخصصات في عام 2019، ويخطط فقط 13% من المستثمرين السياديين العالميين لزيادة مخصصاتهم إلى أوروبا هذا العام، مقارنة بنسبة 40% سيزيدون مخصصاتهم في آسيا، و36% في الأسواق الناشئة.
صناديق سيادية تتصدر قطاع التكنولوجيا:
تنظر الصناديق السيادية في الشرق الأوسط إلى التكنولوجيا كفرصة استثمارية كبيرة ذات قاعدة واسعة، إذ تضم 89% من تلك الصناديق مجموعة أو فريق عمل متخصص بالتكنولوجيا، مقارنة مع 48% من الصناديق العالمية.
ويذكر ان هيمنة شركات التكنولوجيا من حيث مساهمتها في عائدات الأسهم والتنمية الاقتصادية على مدى السنوات القليلة الماضية، سنجد 75% من المشاركين في استطلاع الرأي من منطقة الشرق الأوسط، يعزون تعزيز عائدات الاستثمار كالسبب الأكثر أهمية الذي يدفعهم للتركيز على هذا القطاع.
ولطالما كانت الصناديق السيادية في الشرق الأوسط من الرواد في استخدام الاستثمارات التكنولوجية لصالح مجتمعاتها المحلية، وتلعب التكنولوجيا والابتكار دورًا مهمًا في هذه المجتمعات، بصفتها جزءًا من العديد من المبادرات الإقليمية لبناء اقتصاد أكثر استدامة.
وهذا جدول حسب (صحيفة الصناديق الاقتصادية) للدول التي تمتلك صناديق سيادية في العالم:
1) صندوق التقاعد الحكومي النرويجي 1074 مليار دولار أمريكي، يعد صندوق معاشات التقاعد الضخم في النرويج، الصندوق السيادي الأكبر في العالم الآن، حيث يُقدر بأكثر من ترليون دولار، ويشكل وحده 13.2% من إجمالي أصول الصناديق السيادية في العالم، وتعادل قيمة الصندوق أكثر من 192 ألف دولار لكل مواطن في النرويج، التي يبلغ عدد مواطنيها 5.2 مليون نسمة.
2) صندوق شركة الصين للاستثمار 941.4 مليار دولار أمريكي، نمت الاستثمارات الصينية بسرعة كبيرة لتصبح الدولة صاحبة ثاني أكبر صندوق سيادي في العالم بعد صندوق المعاشات التقاعدية الحكومي في النرويج، وهو صندوق مملوك من قبل الدولة، ويتكون من أصول مثل الأراضي والأسهم والسندات وأجهزة استثمارية أخرى.
3) صندوق جهاز أبوظبي للاستثمار 697 مليار دولار أمريكي، وهو صندوق سيادي للاستثمار، تابع لحكومة أبوظبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، لم يعلن الجهاز عن القيمة الاجمالية عن الأصول التي يملكها، كنتيجة لذلك، هناك جدل حول الموارد المالية تحت تصرفه حالياً، لكن التقديرات المقبولة تتراوح بين 650 – 875 مليار دولار هي قيمة الأصول.
4) الصندوق السيادي الكويتي، 592 مليار دولار، هو أول صندوق سيادي في العالم، وقد أنشأته دولة الكويت تحت أسم الهيئة العامة للاستثمار، وتعود جذور الهيئة إلى مجلس الاستثمار الكويتي إلى خمسينيات القرن الماضي، وفي عام 1982، تم إنشاء الهيئة العامة للاستثمار بموجب القانون رقم 47 باعتبارها هيئة حكومية مستقلة مسئولة عن إدارة الأصول المالية للدولة.
5) صندوق هونغ كونغ للنقد الأجنبي، هو صندوق ثروة سيادي صيني يملك 522.6 مليار دولار أمريكي، واسمه الكامل هو “محفظة الاستثمار التابعة لمؤسسة النقد في هونج كونج”، وتديره السلطة النقدية في الدولة، وهي سلطة النقد في هونج كونج، ويستخدم لدعم دولار هونج كونج.
6) صندوق مؤسسة الخليج للاستثمار السنغافوري، 390 مليار دولار أمريكي، والذي أنشأته حكومة سنغافورة في عام 1981، لإدارة الاحتياطيات الأجنبية لسنغافورة، وتتمثل مهمته في الحفاظ على القوة الشرائية الدولية للاحتياطيات وتعزيزها، بهدف تحقيق عوائد جيدة طويلة الأجل، أعلى من التضخم العالمي على مدار فترة الاستثمار البالغة 20 عامًا، من خلال شبكة من المكاتب في العواصم المالية الرئيسة في جميع أنحاء العالم.
7) الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الصيني، صمم لمساعدة السكان المسنين في البلاد، يملك 295 مليار دولار أمريكي، وليكون احتياطيا استراتيجيا لدعم نفقات الضمان الاجتماعي في المستقبل.
8) صندوق شركة سيف للاستثمار، يملك 441 مليار دولار أمريكي، يعتبر صندوق شركة سيف للاستثمار، فرع هونج كونج لإدارة الصين للنقد الأجنبي، والغرض الرئيس منه هو إدارة احتياطيات الصين من العملات الأجنبية الضخمة.
9) صندوق تيماسيك القابضة، 375 مليار دولار أمريكي، وهو صندوق سيادي أنشأته شركة تيماسيك القابضة السنغافورية وهي مملوكة لحكومة سنغافورة.
10) صندوق الاستثمارات العامة السعودي، 50.000 مليار ريال سعودي، يسعى إلى أن يصبح واحداً من أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم، وذلك بالعمل على بناء محفظة استثمارية متنوعة ورائدة من خلال الاستثمار في الفرص الاستثمارية الجذابة على الصعيدين المحلي والدولي.
11) صندوق هيئة قطر للاستثمار، 320 مليار دولار أمريكي، وهو صندوق ثروة سيادي تابع لقطر، ويرأسه تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، أسسته حكومة قطر في عام 2005 لإدارة فوائض النفط والغاز الطبيعي، وتقع عليه مهمة دعم تطوير تنافسية الاقتصاد القطري، وتسهيل التنوع الاقتصادي، وتطوير المهارات المحلية.
12) صندوق مؤسسة دبي للاستثمار، 233.8 مليار دولار أمريكي، ويسعى إلى أن يصبح واحداً من أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم، وذلك بالعمل على بناء محفظة استثمارية متنوعة ورائدة، من خلال الاستثمار في الفرص الاستثمارية الجذابة على الصعيدين المحلي والدولي.
13) صندوق مبادلة للاستثمار، 226 مليار دولار أمريكي، تنفذ مبادلة للاستثمار مشاريع التطوير والاستثمار حول العالم، بهدف الانتقال باقتصاد الإمارات إلى مرحلة جديدة، وتحقيق المنافع المستدامة للمساهمين والشركاء وجيل المستقبل.
14) صندوق شركة كوريا للاستثمار، 134.1 مليار دولار أمريكي، يعد صندوق الثروة السيادي الأعلى الذي يمثل حجر الزاوية في المستقبل الاقتصادي لكوريا الجنوبية، من خلال زيادة الثروة الوطنية، والمساهمة في تطوير الصناعة المالية الكورية، وتسعى محفظة الأصول التقليدية بالصندوق إلى تحقيق عوائد مستقرة معدلة، حسب المخاطر، من خلال الاستثمار في الأوراق المالية المتداولة في البورصة، ومعظمها من الأسهم والسندات.
15) صندوق المستقبل الأسترالي، 103 مليار دولار أمريكي، أنشئ كجزء من قانون صندوق المستقبل، ويخضع الصندوق لمجلس من الأوصياء الذين يعين أعضائه لفترات خدمة محدودة.
16) صندوق التنمية الوطنية الإيراني، 91 مليار دولار، وهو صندوق الثروة السيادية لإيران، ويمتلك ميزانية مستقلة عن ميزانية الحكومة، وذلك بناءً على المادة الـ(84) من خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية الخمسية الخامسة (2010-2015).
17) شركة البرتا لإدارة الاستثمار الليبية، 66 مليار دولار أمريكي، تعتبر المؤسسة الليبية للاستثمار، شركة قابضة حكومية وهي صندوق الثروة السيادية لليبيا، تم تأسيسها بموجب القرار رقم 208 الصادر عن اللجنة الشعبية العامة “سابقاً”، ويقع على رأس هرم المؤسسة مجلس الأمناء المتكون من رئيس الوزراء للدولة الليبية، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ووزراء كل من وزارة المالية ووزارة التخطيط والاقتصاد، إلى جانب عدد اثنين من الأعضاء المستقلين من ذوي الخبرة في مجال الاستثمار الدولي، ويهدف الصندوق إلى خلق وإيجاد مصادر متنوعة للثروة لصالح الأجيال المستقبلية لليبيا من خلال الاستثمار عبر الصعيد الدولي برؤية مستدامة لتحقيق عوائد مالية مستقرة طويلة الأجل ضمن معايير المخاطر المحددة، وبالتالي فإن مساءلة المؤسسة الليبية للاستثمار في نهاية الأمر منوطة بالشعب الليبي، وتتمثل ولاية المؤسسة في حماية وصون الأصول والاستثمارات وإنمائها، كما يهدف إلى تنويع أوجه الاستثمار القومي بعيداً عن الاعتماد على إنتاج النفط والغاز، والاتجاه إلى الاستثمار بالخارج استناداً على دراسات الجدوى الاقتصادية في شتى المجالات، ورغم أن الغالبية العظمى من الأصول يتم إدارتها خارج ليبيا، فإن المؤسسة الليبية للاستثمار تمتلك حصة لغرض الاستثمار محلياً والتي تقوم بها عبر صندوق معني بإنماء الاستثمار الداخلي، وفي غمار إدارتها للأصول، تحرص المؤسسة الليبية للاستثمار على تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي وخلق آفاق استثمارية طويلة الأجل.
18) صندوق الثروة الكازاخستاني، صندوق الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) 515.6 مليار دولار أمريكي.
19) صندوق الثروة القومي الروسي، صندوق الرفاه الوطني الروسي 68.5 مليار دولار أمريكي، أنشئ ليكون سندا للاقتصاد الروسي خلال فترات الأزمات وانخفاض أسعار النفط، الذي يعد سلعة تقليدية في الصادرات الروسية، وصندوق الرفاه هو صندوق الثروة السيادية لروسيا، تم إنشاؤه بعد تقسيم صندوق الاستقرار في الاتحاد الروسي إلى صندوقين منفصلين للاستثمار في 30 يناير 2008، والصندوقان هما صندوق الاحتياطي، الذي يستثمر في الخارج في الأوراق المالية ذات العائد المنخفض، ويستخدم عندما تنخفض دخول النفط والغاز، وصندوق الرفاه.
20) صندوق ألاسكا للدعم الدائم، 65.7 مليار دولار أمريكي، هو تخصيصٌ مقننٌ تشريعيا، تم تأسيسه في عهد الحاكم جاي هاموند، لإدارة الفائض من العائدات النفطية، والذي جاء بعد تشييد شبكة خطوط الأنابيب عبر ألاسكا المسماة “ترانس ألاسكا”.
ويرى معظم الخبراء أن ظهور تلك الصناديق وتأثيرها العالمي، شكل مؤشر إيجابي في عالم أسواق المال.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية