يبحث تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري، طرح اسم مرشحٍ جديد لتولي منصب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة، خلفاً لعبد المهدي المستقيل، وسط تسريبات باتفاقٍ «شبه نهائي» بين الأطراف المنضوية في التحالف، على منح المنصب لقائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب السابق، الفريق الركن عبد الغني الأسدي.
«القدس العربي» علمت من مصدر مُطلع على سير مفاوضات ترشيح رئيس الوزراء الجديد، أن الأسدي يحظى بمقبولية لدى جميع الأطراف المنضوية في تحالف البناء، كما أن له مقبولية لدى الشارع العراقي، كونه قارع الإرهاب ولم تُسجّل عليه أي شبهات.
ووفق المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، فإن اسم الأسدي يحظى أيضاً بقبول السنّة، وخصوصاً تحالف القوى بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والذي يعدّ أكبر تجمّع سياسي سنّي (نحو 40 نائباً)، مبيناً أن «سنّة البناء» موافقون على الترشيح.
وأضاف: «مقبولية الشارع العراقي للأسدي، بالإضافة إلى عدم ورود اعتراض من قبل سائرون عليه، قد يجعله أوفر المرشحين حظاً لتولي المنصب»، موضّحاً أن «الأسدي تنطبق عليه الشروط التي حددها المتظاهرون والمرجعية والبرلمان، كونه مستقلا ولم ينتم لأي جهة سياسية، بالإضافة إلى الكفاءة والنزاهة».
سحب الترشيح
وتابع: «اسم الأسدي طُرح لشغل منصب رئيس الوزراء بعد الانتخابات الأخيرة، وحصل البناء في حينها على موافقة أغلب الكتل السياسية، لكن اتفاقاً بين سائرون والفتح على عادل عبد المهدي حال دون توليه المنصب». في الأثناء، قال النائب عن كتلة «الصادقون»، عبد الأمير التعيبان، في بيان صحافي أمس، «نزولاً إلى رغبة الشارع العراقي والجماهير الغاضبة تم سحب ترشيح أسعد العيداني لرئاسة الوزراء».
وأضاف أن «البناء بصدد دراسة شخصية مرموقة لتقديمها إلى رئيس الجمهورية»، مشيرا إلى أن «من خلال توجه رغبة الشارع باختبار شخصية عراقية معروفة أتوقع ترشيح الفريق الركن عبد الغني الأسدي لرئاسة الحكومة الانتقالية المقبلة».
ودعا التعيبان تحالف «البناء»، إلى «ترشيح الأسدي للمنصب كونه مقبولا لدى المحافظات وساحة التحرير وسط بغداد»، مبينا أن «الأسدي شخصية مخلصة لا غبار عليها».
وأشار إلى «استمرار البناء بالاجتماعات التشاورية مع باقي الكتل حول اختيار شخصية جديدة»، لافتا إلى أن» هناك توجها من نواب الفتح والبناء لتمرير الأسدي».
ويحمّل تحالف «الفتح» رئيس الجمهورية برهم صالح مسؤولية عدم اختيار مرشحٍ بديل لمنصب رئيس الوزراء الجديد، إذ أشار النائب التعيبان في بيانه، إلى أن «ما حصل من ردة فعل اتجاه رفض مرشح الكتلة الأكبر اعتبره تحالف البناء خرق للدستور وعدم الالتزام لرئيس الجمهورية بمسؤولياته حسب المادة 76 من الدستور». وأردف أن «رئيس الجمهورية يتعرض إلى ضغوط من كتل سياسية معروفة؛ لكن هذا لا يمنعه ولا يعطيه الحق من تمرير مرشح البناء وكان بإمكانه الجلوس وطالب تقديم مرشح جديد بدلا من السفر إلى السليمانية».
كما، رفع النائب عن كتلة «صادقون» عدي عواد، دعوى قضائية ضد صالح.
وجاء في نصّ وثيقة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لدعوى قضائية عواد ضد صالح بتهمة انتهاك العديد من نصوص الدستور.
ودعا النائب عن كتلة «صادقون» الممثل السياسي لحركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، المحكمة الاتحادية، حسب الدعوى القضائية، إلى «سحب يد الرئيس برهم صالح وإصدار أمر ولائي بتكليف رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بمهامه لتكليف رئيس للوزراء».
«معقد وصعب»
لكن، الخبير القانوني طارق حرب بين أن الطريق الذي رسمه الدستور العراقي لإعفاء صالح «صعب ومعقد جدا».
وقال في بيان له إن «الطريق الذي رسمه الدستور في المادة 61 منه لإنهاء خدمة رئيس الجمهورية معقد وصعب جداً، فهما شروط بينها طلب يحدد الأسباب، وتصويت أغلبية عدد الأعضاء وليس أغلبية الحضور، وتحقق حالة من الحالات التي حددها الدستور وهي الحنث باليمين الدستورية أو انتهاك الدستور، والخيانة العظمى بحيث يتم تصويت النواب، ثم يحال الموضوع إلى المحكمة الاتحادية العليا لكي تتولى اصدار حكم على الرئيس أنه ارتكب واحدة من الحالات أي الحنث أو الانتهاك أوالخيانة». وتابع «هنالك فرق بين الإعفاء وبين الإقالة وسحب الثقة والعزل كما إن المحكمة لا تثبت الإدانة في جميع ما ينسب للرئيس لكي يتم اعفاؤه وإنما الإعفاء يكون إذا ثبت للمحكمة أن الرئيس انتهك الدستور أو حنث باليمين أو ارتكب الخيانة العظمى وهذه مسائل قانونية صعبة ودقيقة وليس الأفعال الأخرى كالسرقة والقتل مثلا».
ومضى الخبير القانوني بالقول إن «أعلى هيئه قضائية في العراق تتولاها وليس غيرها، بالإضافة إلى مسألة جمع هذا العدد من الأصوات أي أن الموضوع برلماني قضائي وبأغلبية عالية وليس مثل حال رئيس الوزراء الذي يكتفى بالمساءلة البرلمانية فقط».
في السياق، كشف السياسي المستقل وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي، عن ترشيحه من قبل كتلة «البناء» لمنصب رئيس الحكومة المقبلة إلى جانب مرشحين اثنين آخرين. وقال إن كتلة «البناء» رشحته إلى جانب الفريق المتقاعد في الجيش عبد الغني الأسدي والعسكري المتقاعد وعضو البرلمان السابق الفريق توفيق الياسري لشغل منصب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة المقبلة. وأضاف أن ترشيح هذه الأسماء يوحي بقرب «انفراج الأزمة» في البلاد. وتقول «البناء»، المدعومة من إيران، إنها «الكتلة الأكبر» في البرلمان العراقي؛ ما يمنحها حق تقديم مرشحين لرئاسة الوزراء. وتشغل الكتلة نحو 150 من أصل 329 مقعدا في البرلمان، ويقودها الثنائي المقرب من إيران، رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، وزعيم ائتلاف «الفتح» هادي العامري. وأشار علاوي، وهو ابن عم زعيم «ائتلاف الوطنية» (21 مقعدا) رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، إلى أن «ترشيح تحالف البناء للشخصيات الثلاث المستقلة هو استجابة لمطالب المتظاهرين السلميين».
وأعرب عن أمله في أن يتم اختيار أحد هذه الشخصيات الثلاث بالتنسيق مع المواطنين الممثلين للمتظاهرين السلميين. وأردف أن «أولى الخطوات التي يجب اتخاذها هو إيقاف حالة الاحتقان ومواجهة التظاهرات السلمية والسعي للإفراج عن المختطفين ومعالجة الجرحى وتعويض الشهداء ومعاقبة المسؤولين عن الدماء».
وشدد على عدم استعداده لتسلم هذا المنصب «ما لم يحظ بموافقة المتظاهرين»، مؤكدا أن هدفه خدمة البلاد من أي موقع.
وتولى علاوي حقيبة الاتصالات في الحكومة الثانية لنوري المالكي (2010-2014) إلا أنه استقال في عام 2012 بعد عامين احتجاجاً على «تدخلات سياسية من قبل المالكي تعرقل عمل الوزارة».
«مجرم حرب»
إلى ذلك، كشف المرشح لرئاسة الوزراء، النائب اللبرالي المثير للجدل فائق الشيخ علي عن السبب وراء رفض زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، ترشحه للمنصب. وقال في «تغريدة» له، إن «قرار العراق الآن بيد هادي العامري. فهو الذي يرفض الموافقة على ترشيح فائق الشيخ علي لرئاسة الوزراء».
وأضاف: «هل تعلمون لماذا؟ لأنه يعلم علم اليقين أنني سأحاكمه كمجرم قاتَلَ العراق وشعبه، وبرقبته دماء الأبرياء من العراقيين، وكسارق سرق نفط العراق وأموال وزارة النقل. وعشرات التهم بانتظاره»، على حدّ قوله.
القدس العربي