بغداد – يتكون بنك الأهداف الإيرانية للرد على مقتل قائد قوة القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني بغارة أميركية في مطار بغداد فجر الجمعة، مستويين، الأول يخص المواقع العسكرية والثاني يتعلق بالمدنيين.
وتوعّد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بالانتقام “في الوقت والمكان المناسبين” لمقتل سليماني، واصفا الهجوم بأنه “أكبر خطأ استراتيجي للولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا، وأن الإدارة الأميركية لن تفلت بسهولة من تداعيات حساباتها الخاطئة”.
وتأتي السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وسط بغداد في أعلى لائحة الأهداف التي قد تخطط طهران لضربها بصواريخ ميليشيات عراقية موالية لها. لكن قصف السفارة، التي ربما فرغت من أيّ وجود مدني الآن، لن يكون معادلا موضوعيا لقتل سليماني، إذ سبق للميليشيات أن ضربت مقر البعثة الأميركية ببغداد مرارا.
وربما تنظر إيران، والميليشيات العراقية المتحالفة معها، إلى أهداف أخرى، تتمتع بقيمة اعتبارية أكبر، لكنها لن تجد في مرماها الكثير، لأن معظم المواقع التي تشغل القوات الأميركية جزءا منها في العراق سبق أن تعرض لهجمات صاروخية.
وتريد إيران هدفا مؤثرا كي تثأر لسليماني، وربما لن تجد أفضل من قاعدة عين الأسد في الأنبار التي تحولت خلال العامين الماضيين إلى معسكر أميركي كبير يضم مدرج طائرات معدلا وفق مواصفات قياسية ليستطيع استقبال الطائرات الكبيرة.
لكن الوصول إلى عين الأسد سيكون محفوفا بالمخاطر، لأن هذه القاعدة تقع وسط بيئة مهادنة للولايات المتحدة، وربما لن تتردد في تقديم المساعدة لحمايتها.
وخلق احتلال تنظيم داعش لأجزاء واسعة من العراق صيف العام 2014 تحولا عميقا في المزاج السني، ليتحول من مناهضة الولايات المتحدة إلى السعي وراء التحالف معها والاستفادة من وجودها لاستحصال الحقوق من الأغلبية الشيعية.
وتحظى القوات الأميركية بترحيب سكان الأنبار وساستها وشيوخ عشائرها، ما يعقّد مهمة إيران في استخدام أرض هذه المحافظة لضرب قاعدة عين الأسد.
ومؤخرا حدث تطور أثبت أن الولايات المتحدة تحظى بصداقات حقيقية مع السكان السنة في الأنبار، إذ ساعدوا في توفير معلومات قادت إلى اعتقال قيادي في الحشد الشعبي تورط في تنسيق هجوم بخمسة صواريخ على قاعدة عين الأسد، لم يسفر عن إصابات.
وهذه هي المرة الأولى التي تلقي الولايات المتحدة فيها القبض على أحد المتورطين في استهداف شيء من مصالحها في العراق.
في المستوى الثاني، تقع جملة أهداف مدنية، ربما يترك أمر التعامل معها للميليشيات المحلية وفرق الاغتيال المرتبطة بها، على غرار العديد من الأعمال المماثلة التي وقعت خلال الشهور الثلاثة الماضية، التي شهدت احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة باستعادة قرار البلاد السياسي من إيران.
وتضم لائحة الأهداف المدنية صحافيين وكتابا ونشطاء ومتظاهرين وساسة مناهضين للنفوذ الإيراني في العراق.
وسارع قادة الميليشيات الشيعية في العراق إلى التلويح بأن “عملاء أميركا في الداخل لن يفلتوا من العقاب”. و”عملاء أميركا” مصطلح شائع في الأوساط السياسية والميليشياوية الموالية لإيران، ويقصد به الجمهور المناهض لطهران أو المطالب بموازنة العلاقات الخارجية بين إيران وغيرها من الدول.
ومنذ بدء الاحتجاجات الشعبية مطلع أكتوبر من العام الماضي قتلت القوات الحكومية والميليشيات الموالية لإيران أو اعتقلت عشرات الصحافيين والكتاب والنشطاء والمتظاهرين في ساحات التظاهر أو في منازلهم، ضاربة عرض الحائط بحملات الإدانة الداخلية والخارجية لهذه الاعتداءات.
وتعتقد الميليشيات الموالية لإيران أن النشطاء والإعلاميين المستقلين هم أشد خطرا على مشروعها في العراق، لأنهم دوما ما يدعون لاستعادة قرار بلادهم المختطف إيرانيا، لذلك تضعهم في لائحة اهتماماتها دوما.
العرب