على أطراف مدينة أعزاز بريف حلب شمالي سوريا، ووسط الأراضي الزراعية الطينية، يتراءى “مخيم شاكر” العشوائي للنازحين السوريين القادمين من أرياف حلب وحماة وإدلب، ممن دمرت منازلهم جراء القصف وتقدم النظام السوري.
ونتيجة اكتظاظ المخيمات في الشمال السوري، عمد الأهالي لنصب خيامهم وسط العراء في أرض تفتقر إلى الخدمات الأساسية من الصرف الصحي ومياه الشرب والكهرباء، في وقت يتحول المخيم إلى بركة كبيرة من الوحل ويغرق سكانه وخيامهم مع كل هطول مطري خفيف.
ويتشارك سكان المخيم بالحصول على الماء من خزانات بلاستيكية تتوسط المخيم، وغالبا ما يصطف الأهالي ضمن طابور طويل للحصول عليه بغرض الشرب وطهي الطعام.
ولم يسمع السكان هنا يوما بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وقلة منهم يمتلك هاتفا ذكيا به خدمة الإنترنت، وحتى إن كان يمتلكه، فأقصى استخداماته هي للتواصل مع أقاربه وجيرانه النازحين في مخيمات أخرى.
عوامل الانتشار
ورغم الحملات الإرشادية التي تقوم بها مديرية الصحة وفرق الدفاع المدني حول وباء كورونا وسبل مواجهته، فإن أحدا لم يصل إلى المخيم لإخبار السكان عنه.
يقول حسن الصطوف (40 عاما) من سكان مخيم شاكر، إن “المخيم يفتقر إلى وجود نقطة طبية لعلاج أو فحص المرضى في حال ظهرت على أحدهم أعراض الوباء، ناهيك عن غياب الوعي الصحي لدى الجميع وعدم معرفتهم بالمرض وسبل الوقاية”.
ويشير الصطوف في حديثه للجزيرة نت إلى أن عوامل انتشار الفيروس في المخيم متوافرة من قلة كمية المياه لأجل غسل اليدين والنظافة، وغياب مواد التعقيم والصرف الصحي وتمديدات مياه الشرب والغسل.
وحذر صطوف من انتشار الوباء بين سكان المخيم، جراء الاختلاط المستمر بين سكانه على طوابير الماء واستلام حصص الطعام، فضلا عن التجمعات البشرية لأكثر من أسرة داخل الخيمة الواحدة.
في كل صباح، يتجمع أطفال المخيم من أجل اللعب واللهو في الساحة، فلا مظاهر للعزل أو الحجر الصحي الطوعي للسكان، وغالبا ما يشدهم القفز في برك الطين والوحل المتشكلة من هطول الأمطار. ومع نهاية الوقت يتوجه الأطفال لشرب الماء من صنبور الماء بشكل جماعي.
من جهتها، تقول أم حسين (65 عاما) وهي نازحة من ريف حماة، إن أحفادها الثلاثة يمضون وقتهم في اللعب خارج الخيمة منذ الصباح وحتى مغيب الشمس، كبقية أطفال المخيم.
وتضيف أم حسين للجزيرة نت أنها لم تسمع من قبل بمرض كورونا وانتشاره بين دول العالم وسوريا إلا عندما أخبرناها عن مخاطره وطرق انتشاره، مطالبة المنظمات الإغاثية بزيادة الدعم الغذائي لمواجهة المرض.
وحسب أم حسين، فإن الأسر داخل المخيم بالكاد تحصل على الصابون من إحدى منظمات الدعم، لاستخدامها في غسل اليدين والملابس، دون توفر أي مواد نظافة.
جهود حكومية
وحتى هذه اللحظات، لم تسجل أي حالة إصابة بوباء كورونا بمناطق سيطرة المعارضة السورية، وفق تصريحات وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، مرام الشيخ، الذي أكد خلو الشمال السوري من المرض.
وفسر الشيخ للجزيرة نت عدم تسجيل حالات إصابة بين المدنيين في مناطق المعارضة، “كون المنطقة مغلقة بشكل شبه تام إضافة للتدابير المتواضعة من قبلنا في التوعية المجتمعية وقائيا”.
وحول الجهود التي تبذلها حكومة المعارضة، أشار الوزير إلى تشكيل فرق توعية مجتمعية بالتعاون مع المجالس المحلية والدفاع المدني لتوضيح طبيعة الوباء، إضافة إلى تعقيم المؤسسات العامة، والحث على سياسة التباعد المجتمعي بالحد من الدوام وتعليقه في جامعة حلب الحرة وفي المدارس.
وعن التحذيرات الأممية من تفشي الوباء داخل المخيمات شمالي سوريا، تحدث الوزير عن لقاءات مع مديري المخيمات، للتأكيد على ضرورة زيادة المخصصات المائية والغذائية، والحث على اتخاذ تدابير وقائية من حيث النظافة وتخفيف التجمعات ما أمكن، واتباع الإرشادات الوقائية.
المصدر : الجزيرة