أنقرة – يستعد البرلمان التركي للنظر في مشروع قانون تقدم به حزب الحركة القومية، الذي يتزعمه دولت بهشه لي، حليف حزب العدالة والتنمية الإسلامي في الحكومة لتجريد نواب من المعارضة من الحصانة.
وتأتي هذه العملية لتعطي بعدا آخر حول استغلال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأزمة وباء كورونا من أجل إقصاء خصومه من المشهد السياسي والتضييق عليهم بشكل أكبر.
وبعد عزل واحتجاز العشرات من رؤساء البلديات المنتخبين، أطلق نظام أردوغان حملة واسعة ضد نواب حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في البرلمان.
ويستهدف مشروع القانون رفع الحصانة عن ثلاثين نائبا معارضا ثلثهم من الشعوب الديمقراطي، من بينهم نائب رئيس الكتلة النيابية للحزب المؤيد للأكراد نعمة الله أردوغموش وميرال دانيش باش طاش.
وتتنوع التهم الموجهة إلى هؤلاء النواب، وتتضمن تهما متعلقة بالإرهاب، والإهانة والتشهير والتهديد، والتزوير، والإشادة بالجرائم، ومخالفة قانون الاجتماعات والمظاهرات، وانتهاك الخصوصية.
وكانت صحيفة جمهورييت المعارضة قد كشفت الاثنين الماضي، أن الرئاسة التركية قد قدمت إلى لجنة الدستور والعدالة في البرلمان مذكرات لرفع الحصانة عن أولئك النواب.
ويتهم أردوغان الحزب المؤيد للأكراد بالإرهاب ووجود علاقات مع حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، وهو أمر ينفيه تماما قادة حزب الشعوب الديمقراطي.
ويرى الحزب المذكور، الذي تتهمه السلطات التركية بأنه واجهة سياسية لحزب العمال الكردستاني، أن ما يحصل له يهدف إلى إقصائه من البرلمان حيث يشكل حاليا القوة الثالثة.
ويقول معارضو أردوغان إن رفع الحصانة هو جزء من استراتيجية لإقصاء حزب الشعوب الديمقراطي من الحياة السياسية وتقوية وضع حزب العدالة والتنمية الحاكم وتعزيز الدعم في البرلمان للنظام الرئاسي.
واعتبر عضو لجنة العلاقات الخارجية في حزب الشعوب بركات كار، أن المطالبات برفع الحصانة عن نواب حزبه ليست جديدة. وقال إن “رئاسة البرلمان تحقق حاليا في الملفات القضائية لثلاثين نائبا استعدادا لرفع الحصانة عنهم”.
واتهم كار حزب الحركة القومية بالسعي ليس فقط لرفع الحصانة عن نواب حزب الشعوب الديمقراطي، بل لحظر أنشطته وتصنيفه كحزب إرهابي.
ولفت إلى أن هناك مطالبات مشابهة من أحزاب أخرى مثل حزب الوطن، الذي دعا السلطة القضائية أكثر من مرة لحظر أنشطة الحزب المؤيد للأكراد، لكن تلك الدعوات فشلت دون أن تحقق أهدافها.
وتستبعد مصادر مطلعة أن ينجح حزب أردوغان وحليفه بهشه لي في مساعيهما لرفع الحصانة عن نواب الحزب المؤيد للأكراد.
ويؤكد حزب الشعوب الديمقراطية أنه في حال تم رفع الحصانة عن أعضاء كتلته البرلمانية سيضطر إلى تشكيل حزب آخر يحمل نفس الأفكار.
وتتزامن تحركات النظام الحاكم فضد المعارضين مع تأكيد مراقبين بأن أردوغان يقوم باستغلال تفشي الوباء لكسر عزلته الدولية وحل مشاكله الداخلية والخارجية وضرب المعارضة.
وأشار معهد الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الأميركي في تقرير حديث إلى أن الرئيس التركي واجه مشكلات كبيرة في الداخل والخارج قبل انتشار كورونا، بما فيها تدهور اقتصاد بلاده وصعود المعارضة بخسارته لانتخابات بلديتي أنقرة وإسطنبول.
وأكد معدو تقرير المعهد أن أردوغان من الواضح أنه يستغل أزمة كورونا لتقويض المعارضة التي برزت في واجهة الجهود لاحتواء الوباء ومعاقبة منتقديه.
العرب