أصدر البيت الأبيض أمرين تنفيذيين جديدين مساء أول أمس الخميس يحظران عمليا أي معاملات أميركية مع تطبيقي وسائل التواصل الاجتماعي الصينيين “تيك توك” (TikTok) و”وي تشات” (WeChat).
وفي تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي Foreign Policy الأميركية، قال الكاتب جيمس بالمر إن هذا القرار اتخذ بموجب قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية الذي يرتكز عليه برنامج العقوبات الأميركية، وإنه ربما كان القرار الأهم ضمن جملة الإجراءات المتخذة ضد الصين من قبل الحكومة الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة.
ما هو تطبيق “وي تشات”؟ وما مدى أهمية حظره؟
أشار الكاتب إلى أن القيود الجديدة المفروضة على تطبيق “تيك توك” الشهير تعزز احتمال بيعه خلال فترة وجيزة لشركة مايكروسوفت عملاقة البرمجيات الأميركي التي أبدت اهتمامها بشراء التطبيق، وفي حين أنه قد يكون من السهل الاستحواذ على النسخة الدولية من “تيك توك” من الشركة الصينية التي تمتلكه فإن تطبيق “وي تشات” لا يتغير، سواء في الولايات المتحدة أو الصين.
ووفقا للتقرير، فإن “وي تشات” يكتسي أهمية كبيرة في الصين، حيث كان في البداية مجرد برنامج للدردشة ليصبح فيما بعد منصة قائمة بذاتها تجمع بين خصائص العديد من التطبيقات مثل إنستغرام وفيسبوك وواتساب وتويتر وأوبر إيتس.
وأضاف التقرير أنه تطبيق سهل الاستخدام، ويوفر خدمة الدفع الشائعة في المدن الصينية، وحتى بالنسبة لأنظمة الهوية التي تمثل جزءا مهما من الحياة في الصين -خاصة منذ انتشار فيروس كورونا- فقد أصبحت مدمجة في التطبيق.
ومع ذلك، لم يحقق تطبيق “وي تشات” نفس النجاح الذي حققه “تيك توك” خارج الصين، ويعود ذلك إلى صعوبة فهم معظم ميزاته دون معرفة اللغة الصينية، أو في كثير من الحالات دون الحصول على هوية صينية معترف بها.
وتفسر هيمنة تطبيق وي تشات في الصين جزئيا بأن هذا البلد لم يترك مجالا للمنافسة، حيث حظر جميع وسائل التواصل الاجتماعي الأجنبية منذ عقد أو نحو ذلك.
ما تأثير القيود الجديدة؟
وأشار تقرير المجلة إلى أن التأثير الفعلي لقرار الحظر ليس واضحا تماما كما هو الحال في العديد من القرارات الصادرة عن البيت الأبيض، فقد صيغ القرار المتعلق بـ”وي تشات” بشكل سيئ لدرجة أنه يبدو كما لو كان يشمل جميع المعاملات مع شركة “تينسنت” (Tencent) المالكة للتطبيق، وهو أمر من الممكن أن يضر بقطاعات ضخمة من الاقتصاد التكنولوجي، لكن مسؤولي البيت الأبيض أوضحوا أن الأمر يتعلق فقط بتطبيق وي تشات وحده.
كما أشار إلى أن طريقة تنفيذ قرار الحظر الأكثر احتمالا هي إجبار آبل وغوغل على حذف التطبيقين من متاجر التطبيقات الإلكترونية، وبالتالي حذفهما بشكل كامل من هواتف المستخدمين.
اعلان
ورغم ذلك فإن بإمكان المستخدمين الاستمرار في تشغيل تطبيق غير مدعوم، أو استخدام شبكة افتراضية خاصة للولوج إلى متاجر التطبيقات الخاصة ببلد آخر، إلا أن هذه العملية معقدة ومزعجة، وبما أن مقر كلتا الشركتين يقع في الولايات المتحدة فإن من المحتمل أن يتم تطبيق الحظر بفعالية على المستوى الدولي أيضا.
ألا تعد “آبل” شركة مهمة في الصين أيضا؟
ووفقا لتقرير المجلة، فإن مبيعات شركة آبل (Apple) من الهواتف تبلغ أكثر من 3 ملايين جهاز آيفون في الصين شهريا، مما يجعل هذا البلد ثاني أكبر سوق للشركة بعد الولايات المتحدة، وإذا أجبرت آبل على حذف “وي تشات” من الإصدار الصيني من متجر التطبيقات فقد يمثل ذلك ضربة قاضية محتملة لعملاقة التكنولوجيا التي يقع مقرها في كاليفورنيا.
ويشير تاريخ الشركة إلى الكثير من الانصياع لأوامر السلطات الصينية وفقا للكاتب، فقد تنازلت عن مبادئها لإزالة تطبيقات الاحتجاج في هونغ كونغ، ومن المرجح أن تبذل آبل كل ما بوسعها لتجنب سيناريو قد يرغم فيه المستهلكون على الاختيار بين أجهزة آيفون وتطبيق “وي تشات”.
هل تمثل هذه التطبيقات تهديدا للأمن القومي الأميركي؟
أوضح تقرير المجلة أن تطبيقي “وي تشات” و”تيك توك” يعملان كبرامج تجسس، حيث يجمعان بيانات ضخمة عن المستخدمين، لكن التطبيقات الأميركية مثل فيسبوك تقوم بالشيء نفسه، وتمتلك الصين قوانين أقوى لحماية البيانات مقارنة بالولايات المتحدة لكن المشكلة تكمن في حقيقة أن هذه القوانين تصبح غير فعالة بمجرد تدخل الحكومة، حيث إنه بموجب قانون الأمن القومي الصيني ينبغي على الشركات تسليم تلك البيانات إلى الدولة.
وأشار الكاتب إلى أن تطبيق “وي تشات” يخضع لرقابة مكثفة مثل جميع منصات التواصل الاجتماعي الصينية، خاصة الحسابات الأجنبية.
ونظرا لأنه تطبيق شائع الاستخدام لدى المهاجرين الصينيين فإنه يشكل جزءا رئيسيا من الجهود التي يبذلها الحزب الشيوعي الصيني للسيطرة على السكان من الأصول الصينية في شتى أنحاء العالم.
ما الجهات الأكثر تضررا؟
أشار الكاتب إلى أن الملايين من الأشخاص في الخارج يستخدمون تطبيق “وي تشات” كأداة أساسية للتواصل مع الأصدقاء والعائلة في الصين الذين تمنعهم السياسات الصينية من استخدام أي منصات تواصل اجتماعي أخرى، ولهذا السبب يلعب هذا التطبيق دورا عاطفيا وعمليا مهما في حياة الصينيين بالخارج.
تعاطي الصين مع قرار الحظر
وعن رد فعل الصين على قرار الحظر، قال الكاتب إن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية استنكر استخدام الولايات المتحدة الأمن القومي ذريعة لحظر التطبيقين، واتهم إدارة ترامب باستغلال سلطة الدولة لقمع الشركات غير الأميركية، وذلك على الرغم من أن الصين تحظر منذ وقت طويل استخدام كل من غوغل وفيسبوك وتويتر ويوتيوب، ولا يمكن الوصول إلى الإنترنت غير الصينية دون الاتصال بمساعد الشبكة الخاصة الافتراضية في الصين.
الجزيرة