يبدو أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين لن تخمد نيرانها المتصاعدة بعد تنصيب الديمقراطي جو بايدن رئيسا لأمريكا، لكن طبولها قد تخفت قليلا بحسب خبراء اقتصاديين.
إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب (2016-2020) اتخذت موقفًا متشددًا تجاه الصين، بلغ ذروته مع إعلان البلدين فرض رسوم جمركية متبادلة.
ورجح 3 خبراء اقتصاديين، في تصريحات منفصلة للأناضول، أن تكون إدارة جو بايدن أكثر عقلانية حيال الحرب التجارية مع الصين، مقارنة بسلفه ترامب، لكنه سيظل مجبرًا على الاستمرار في إعاقة طموح الصين بالحصول على لقب “أكبر اقتصاد بالعالم.”
** أقل عدائية
حسين باغجي، استاذ قسم العلاقات الدولية ورئيس معهد السياسات الخارجية بجامعة الشرق الأوسط التقنية بتركيا، لا يتوقع تغيرا في السياسة الأمريكية تجاه الصين في عهد بايدن بفارق كبير عن سلفه ترامب، لكنها ستكون أقل صرامة وعدائية.
وقال باغجي: “الولايات المتحدة ستستمر في العمل على إعاقة طموح الصين بالحصول على لقب أكبر اقتصاديات العالم، والمتوقع وصولها إليه في غضون الـ20 عاما المقبلة وفق المؤشرات الاقتصادية”.
وأضاف “السياسة الأمريكية الصارمة تجاه الصين أثبتت أنها لن تحقق النتائج أو المردود المأمول، سيما بعد تراجع ترامب عن قرار سابق بحظر بعض الصادرات إلى الصين بعد ان ردت الأخيرة بإجراءات وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل”.
وتابع “القرار الأمريكي أدى إلى بقاء المحاصيل الزراعية في أمريكا في المستودعات وتضررها بشكل كبير”.
وأشار باغجي إلى سعى واشنطن لاستخدام علاقتها مع أوروبا، خاصة ألمانيا، كورقة رابحة في إعاقة النمو الاقتصادي في الصين، لكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وارتباطها باتفاقيات مع بكين سيظل عقبة أمام مساعي الولايات المتحدة.
ولفت إلى التطور العسكري المتسارع للصين، إذ تقوم بكين بصناعة حاملة طائرات كل عامين، وتملك حاليا حاملتي طائرات وستصبح 4 في غضون عام واحد، إضافة إلى صناعة 5 سفن عسكرية خلال السنوات العشر المقبلة.
ورأى أن “هذا التطور العسكري للصين سيفسد على أمريكا خططها في كبح جماح بكين الاقتصادي (..) بايدين لن يسعفه الوقت لإيقاف صعود التنين الصيني”.
** حلول وسطية
كذلك، رأى آلطاي آطلي، الأستاذ بجامعة بوغاز إيتشي بإسطنبول، إن السياسة الأمريكية تجاه الصين لن تتغير كثيرًا في عهد بايدن، لا سيما مع استمرار التهديد الصيني للولايات المتحدة.
وقال آطلي “إدارة بايدن ستكون مطالبة بالوقوف في وجه الصين، ولكن سيتم اتباع أسلوب أكثر عقلانية من الناحية السياسية على عكس عهد ترامب”.
ولا يتوقع آطلي تراجع واشنطن وبكين عن التنافس، لكنه رجح مواصلة الحوار بينهما بهدف الوصول إلى حلول وسطية تحافظ على التوازن الاقتصادي.
وأوضح “جميع قنوات الحوار بين البلدين أغلقت في عهد ترامب، وانخفض الشعور بالثقة إلى أدنى مستوياته، ما أدى إلى تكبيد البلدين أضرارا اقتصادية كبيرة”.
** أكثر شمولية
بدوره، رأى محمد مصطفى آي دوغان، مدير مركز البوسفور للدراسات الآسيوية بتركيا، أن الموقف الصارم للولايات المتحدة حيال النمو الصيني لم يكن من صنيعة ترامب وحده، بل هو سياسة استراتيجية لأمريكا منذ سنوات طويلة.
وتوقع آي دوغان استمرار سيطرة روح التنافس على العلاقات بين واشنطن وبكين، رغم بروز احتمالات خفض حدة الصراع نسبيا مقارنة بعهد ترامب.
وقال “الثقل الاقتصادي العالمي للصين يفرض على بايدن اتخاذ موقف صارم تجاهها”.
وزاد “يتوقع أن تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة إلى حشد الكتل المتحالفة مع واشنطن لمواجهة الصين”.
ورأى الأكاديمي أن الصراع بين أمريكا والصين “سيأخذ منحى أكثر شمولية خلال السنوات المقبلة، وسيكون للتحالفات الاقتصادية دور بارز في معادلة التنافسية بين واشنطن وبكين”.
(الأناضول)