مقال في غارديان: البريكست أسوأ قرار في التاريخ الحديث.. فلماذا يصمت المعارضون؟

مقال في غارديان: البريكست أسوأ قرار في التاريخ الحديث.. فلماذا يصمت المعارضون؟

قال السياسي البريطاني المخضرم مايكل هيزلتاين إن المملكة المتحدة ستصبح قريبا وحيدة إثر خروجها رسميا من الاتحاد الأوروبي فيما يُعرف إعلاميا بـ”البريكست”.

وحذّر هيزلتاين -الذي تقلد منصب نائب رئيس وزراء في حكومة جون ميجور بين عامي 1995 و1997- من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يستحدث وظائف للشعب ولن يضمن مستقبلا “مجيدا”، رغم أنه سيجعل الدولة تستعيد سيادتها وسيطرتها على شؤونها.

ووصف في مقال نشرته له صحيفة غارديان البريكست بأنه “أسوأ قرار” تتخذه لندن في العصر الحديث، وتساءل عن مغزى صمت الوزراء المعارضين للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال إن ما يعرفه من واقع تجربته في العمل الحكومي أن هناك شحًّا في المعلومات والمعطيات، ووفرة في سجالات الرأي والمناورات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشأن البريكست.

وأمس الأحد، اتفقت بريطانيا والاتحاد الأوروبي على مواصلة المحادثات لمحاولة التوصل إلى اتفاق بشأن علاقتهما المستقبلية. ويعد قرار تمديد المفاوضات الأصعب في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. كما يأتي في ظل إشارات كثيرة من الطرفين إلى احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.

وأوضح هيزلتاين في مقاله أن استخدام عبارة “استعادة بريطانيا السيطرة على شؤونها” ينطوي على استنهاض الروح الوطنية البريطانية، داعيا القيادة في بلاده إلى الاستماع إلى وجهة النظر المخالفة وإدراك ما ستفضي إليه التسويات من نتائج ما تلبث أن تجعل من النعرة الوطنية معتقدا لدى غالبية المجاميع الحزبية المتطرفة.

وأشار إلى أنه لا يعرف بالضبط ما ستتمخض عنه كل تلك المواقف من مآلات بحلول يناير/كانون الثاني المقبل، مضيفا أن ما يعرفه هو “أننا سنكون خارج الاتحاد الأوروبي نظريا وعمليا سواء باتفاق أو من دون اتفاق”.

ويرى السياسي البريطاني المخضرم أنه في ضوء تلك السياسة انتخب الشعب حكومة المحافظين الحالية التي “ستتحمل ببساطة مسؤولية أسوأ قرار يُتخذ في زمن السلم” في التاريخ الحديث.

واستطرد معلقا بالقول إنه يعرف أن وزراء في الحكومة يدركون مغبة ذلك القرار جيدا، لافتا إلى أنه مع ذلك لا يفهم الأسباب التي تدعوهم لالتزام الصمت.

وحذر نائب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق من أن بلاده تغامر بعلاقتها التجارية مع أكبر سوق على مقربة منها، تستأثر بنحو نصف وارداتها وصادراتها. ورغم ذلك -يضيف هيزلتاين- ظل دعاة الخروج “يحدثوننا عن مستقبل مجيد، لكن ما يعوزنا ذرة من دليل أو حقيقة واحدة”.

وتابع قائلا إن “الوهم” السائد بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعقد صفقة ملائمة مع بريطانيا تبخر إثر خسارته الانتخابات الأخيرة.

وسيحيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على منظمة التجارة العالمية وما يستوجبه ذلك من الامتثال لشروط المنظمة، مما يعني أن أي رسوم جمركية تفرض على دولة من الدول ستنسحب على الجميع.

وأكد هيزلتاين أن ذلك يعني أيضا أن السيادة على القوانين ستتحول ببساطة من بروكسل البلجيكية (مقر الاتحاد الأوروبي) إلى رئاسة منظمة التجارة العالمية في مدينة جنيف السويسرية.

ومضى إلى القول إن من بين القضايا العالقة في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي مسألة الصيد البحري التي تُعد على وجه التحديد إحدى القضايا العاطفية لدى الطرفين.

ومن دون اتفاق على الخروج، ستفقد قوارب الصيد الأوروبية حق الوصول إلى المياه البريطانية والعكس صحيح. ولهذا السبب وضعت بريطانيا 4 سفن حربية على أهبة الاستعداد لمراقبة مياهها الإقليمية ومنع السفن الأوروبية من الصيد.

ودعا الكاتب إلى ضرورة أن تبذل بريطانيا كل ما في وسعها للاستفادة من الأسواق الآسيوية “التي تتمتع بمعدلات نمو عالية نسبيا”، منوّها إلى أن النجاح في هذا الصدد يعتمد على ما تملكه دولة ما من سلع ترغب دولة أخرى بشرائها بأسعار تتوافق مع ما تستطيع دفعه مقابلها.

وشدد على أن أهم مأخذ يأخذه على الحكومة البريطانية أنها لم تبذل جهدا كبيرا لفهم الطبيعة الحقيقية للتحديات التي تواجه الشعب أو لتهيئة البلاد كي تتصدى لها.

وقال إن ما من أحد سيلقي اللوم على الحكومة في أزمة فيروس كورونا (كوفيد-19)، التي ربما انحسرت أخيرا بشكل كبير بعد تصنيع لقاح للمرض. لكن الجائحة كانت بمنزلة ستار حجب عن الناس رؤية البريكست وهو يقترب منهم خلسة، على حد تعبيره.

وأعرب السياسي المحافظ عن أمله بأن يسود المنطق السليم ويتراجع طرفا التفاوض عن حافة الهاوية، قائلا إنه إذا انصاع رئيس الوزراء بوريس جونسون لمن وصفهم بالمتشددين المحسوبين عليه وظل “متصلبا” في مواقفه فعندئذ سيسقط في اختبار القيادة و”سيدفع الشعب الثمن”.

المصدر : غارديان