حمّلت صحيفة “نيويورك تايمز” في افتتاحيتها الرئيس دونالد ترامب مسؤولية هجوم الغوغاء من أنصاره على الكابيتول هيل في واشنطن يوم الأربعاء في 6 كانون الثاني/ يناير. وقالت إن الرئيس حرض على العنف وكلامه له تداعيات.
وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها أن الرئيس والداعمين والمحركين له في الحزب الجمهوري، كانوا وراء التحريض على الهجوم ضد الحكومة التي يقودونها والشعب الذي يعترفون بحبه، ويجب عدم التسامح معهم. وكان خطاب ترامب الدافع على الفتنة وراء اقتحام آلاف الغوغاء لمبنى الكونغرس، ودخل بعضهم إلى قاعة مجلس الشيوخ والنواب حيث كان ممثلو البلاد قد اجتمعوا للمصادقة على انتخاب جوزيف بايدن رئيسا.
واعتبرت الصحيفة أنه كان هجوما يحمل الكثير من المعاني، خاصة أن بعض الغوغاء حمل راية الانشقاق (الكونفيدريت) وهم يهاجمون كرسي الحكم في الولايات المتحدة، وأجبروا المجتمعين على تعليق مداولاتهم، وهشموا النوافذ وكسروا الأبواب وتصادموا مع الحرس، وهم يصرخون بشعارات تدعم ترامب ويتحدّون للنتائج القانونية لانتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقتل أربعة أشخاص بينهم امرأة وتم نقل المشرعين لأماكن آمنة. وعثر على متفجرات في الكابيتول هيل، ومواقع أخرى حول واشنطن. وقام أنصار ترامب بإغلاق مراكز الحكم في الولايات حول أمريكا. وقالت الصحيفة إن “ترامب كان هو الشخص الذي أشعل فتيل هذه الهجمات، حيث عبأ أنصاره خلال الأشهر الماضية ضد نتائج الانتخابات. وهو الذي دعا أنصاره للاجتماع في واشنطن يوم اجتماع الكونغرس وشجعهم على الزحف نحو الكابيتول هيل وأخبرهم أن الانتخابات مسروقة وحثهم على القتال، وقال لهم إنه قد ينضم إليهم حتى عندما اقتحموا المبنى الكبير”.
وسكت ترامب طوال الساعات عن شجب مناصريه أو حثهم على التوقف أو الدفاع عن الدستور الذي أقسم بالحفاظ عليه والدفاع عنه. وعندما رفع صوته في النهاية، أكد غضب المحتجين وأخبرهم مرة أخرى أن الانتخابات مسروقة، ولكن عليهم الذهاب إلى بيوتهم.
وقالت “نيويورك تايمز”: “كانت تصرفات رجل ليس مستعدا للوفاء بواجباته كرئيس أو مواجهة تداعيات سلوكه”. مضيفة: “لهذا يجب محاسبة الرئيس إما من خلال محاكمته في الكونغرس، أو توجيه تهم جنائية له في المحكمة، وينسحب الأمر على داعميه الذين قاموا بالتخريب في الكابيتول هيل. ويجب أن يكون هناك تحقيق في فشل شرطة الكابيتول في تأمينه وعدم استعدادهم للهجوم الذي تم الإعلان عنه وتم التخطيط له علنيا”.
وتؤكد الصحيفة أن هذا ليس هجوما على نتائج انتخابات 2020 بل هو سابقة، رخصة لمعارضة مماثلة لنتائج الانتخابات في المستقبل. ويجب أن يرفض ويتم التعامل معه على أنه فعل لا تسامح معه، ويتحمل قادة الحزب الجمهوري مسؤولية الهجوم على الكونغرس.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن عددا من أعضاء الحزب الجمهوري شاركوا في نشر الأكاذيب عن الانتخابات، وحاولوا تقويض الثقة بالديمقراطية والتشكيك بشرعية انتصار بايدن بدون أي دليل، وأدت تصريحاتهم إلى استنتاج ممن يثقون بهم أن العنف ضروري.
وكان بعضهم واضحا مثل رودي جولياني، محامي الرئيس الشخصي، الذي قال: “علينا المحاكمة من خلال القتال”، وظل الجمهوريون في داخل المجلس يمزقون الديمقراطية، في الوقت الذي هاجم فيه الغوغاء مبنى الحكم في البلاد.
واستحضر السناتور الجمهوري عن تكساس، تيد كروز ما قامت به لجنة 1887 لحل الخلاف الرئاسي في انتخابات 1886 كنموذج لمناقشة الشكوك المنطقية بشأن انتخابات 2020. ولا توجد أدلة حقيقية حول الشكوك التي يتحدث عنها كروز. ففي 1876 استخدم الديمقراطيون البيض العنف السياسي لمنع السود من التصويت، وطالبوا بإنهاء فترة إعادة البناء في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية الأمريكية، كثمن لبقاء الجمهورية، مما أدى لمرحلة من الإرهاب العرقي وتقوية استبعاد الجنوب الأسود من المشاركة في الديمقراطية.
وما يحاول الحزب الجمهوري الحديث من جهد منظم لرفض التصويت وعدم اعترافه بشرعية الإنتخابات التي خسرها هي طريقة مشابهة للحفاظ على السلطة السياسية بناء على الحرمان.
وتلفت الصحيفة إلى أن “تمرد الأربعاء هو مثال يدعو للقلق حول استعداد الحزب لمواصلة تحقيق الهدف عبر العنف. ومن الواضح أن عددا من الجمهوريين باتوا يكتشفون مخاطر دعم ترامب”.
وقبل بداية الهجوم، شجب السناتور ميتش ماكونيل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، جهود عدد من الجمهوريين الذين يريدون قلب نتائج الانتخابات. ولكن فصاحته بالتعبير كان متأخرة، وهو جهد قليل بعد سنوات من ترضية ترامب، “فمن يزرع الريح يحصد العاصفة”.
وكان بعض الجمهوريين أكثر وضوحا، فسناتور ولاية يوتا، ميت رومني، قال في تغريدة: “ما حدث في الكابيتول هيل كان تمردا حرّض عليه رئيس الولايات المتحدة”.
ومهمة الكونغرس هي عد والإعلان عن نتائج الانتخابات في 6 كانون الثاني/ يناير، ورغم تعليق العملية بسبب هجوم الغوغاء، إلا أن العملية استمرت ولن يستطيعوا النيل منها. وسيقام حفل تنصيب بايدن بعد أسبوعين.
وتشير نيويرك تايمز إلى أن “السادس من كانون الثاني/ يناير 2021 سيكون يوما أسودا. والسؤال فيما إن كانت أمريكا مع نهاية حقبة ترامب في الرئاسة تدخل مرحلة من الانقسام أم تنهي واحدة، ولكن المخاطر حقيقية والسؤال ليس محددا، ولدى الساسة الجمهوريين المسؤولية لتحديد طريق مختلف ووقف خطابهم الذي يهاجم الديمقراطية الأمريكية والدفاع عن الأمة الأمريكية التي أقسموا لخدمتها”.
القدس العربي