صواريخ حزب الله المأزوم تأخرت عن نجدة حماس

صواريخ حزب الله المأزوم تأخرت عن نجدة حماس

غابت إطلالة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله طيلة أحد عشر يوما دون أن يظهر ليعلن عن دعم حماس في مواجهة إسرائيل، كما لم تنطلق صواريخ الحزب لنجدة الفصائل الفلسطينية وفك الحصار عنها إلى آخر لحظة قبل بدء سريان اتفاق التهدئة فجر الجمعة، في الوقت الذي يتحدث فيه مراقبون عن ظروف صعبة في لبنان تمنع الحزب من أي مغامرة جديدة.

كان ظل حزب الله يلوح في الأفق خلال معركة إسرائيل وحماس، وكان الفلسطينيون والعرب ممن صفقوا طويلا للحزب ينتظرون أن يطلق العنان لترسانته من الصواريخ الأقوى من صواريخ حماس وفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل وإرباكها ودفعها إلى التراجع عن تهديم البنى التحتية للفصائل الحليفة في غزة.

ويعتقد مراقبون لبنانيون أن سكوت الحزب كان متوقعا منذ اليوم الأول لانطلاق مواجهة حماس وإسرائيل، لافتين إلى أن الحزب يعيش وضعا ماليا وسياسيا وشعبيا صعبا لم يكن يسمح له بأي مغامرة جديدة في لبنان فما بالك بغزة.

جويس كرم: الحزب لا يميل إلى إفساد محادثات إيران على الجبهة النووية

ويقول هؤلاء المراقبون إن حزب الله ما بعد التدخل العسكري في سوريا ليس هو حزب الله القديم الذي كان يبحث عن فرص الاشتباك مع إسرائيل، مشيرين إلى أنه فقد الكثير من مقاتليه في الحرب، وأن البقية الباقية من المقاتلين غير مؤهلين نفسيا لخوض معركة جديدة مع إسرائيل، كما أن التحمّس للالتحاق بالحزب والقتال في صفوفه تراجع بين اللبنانيين الشيعة.

وتشير تقارير مختلفة إلى أن الحزب فقد الكثير من التعاطف داخل البيئة الشيعية الحاضنة له بسبب فاتورة الحرب السورية بشريا وماليا، خاصة أن نسق المساعدات التي كان يقدمها للمقاتلين وعائلاتهم وعائلات قتلى الحرب السورية قد تراجع وبدأ الحزب يفقد أوراق نفوذه بين أنصاره.

واكتفى الحزب ببيان يتيم هنأ فيه الجمعة الفصائل الفلسطينية بـ”الانتصار التاريخي” على إسرائيل بعد بدء سريان وقف إطلاق النار.

وبارك البيان لـ”قيادة فصائل المقاومة الفلسطينية”، قائلا “لقد كسرت المقاومة في هذه الجولة البطولية من المواجهة معادلات قديمة عمل العدو على تثبيتها بالحديد والنار والمجازر وأنشأت قواعد جديدة سوف تمهد للانتصار الكبير القادم”.

وإضافة إلى وضعه الداخلي الصعب كان حزب الله سيجد صعوبة كبيرة في الترويج لأي مغامرة جديدة بين اللبنانيين بما في ذلك الطيف المسيحي المتحالف معه. ولا يمكن للبنان الذي يعيش انهيارا اقتصاديا وماليا وسياسيا لا مثيل له أن يتحمل قصفا جديدا مدمرا وشبيها بما حدث في 2006.

عاموس يادلين: نصرالله يعرف أن تكرار خطأ 2006 سيكون مدمرا للبنان

واعتبر المحلل السياسي اللبناني قاسم قصير أنه لا توجد بالنسبة إلى حزب الله نية لفتح الجبهة الجنوبية لأنها “ستؤدي إلى حرب شاملة مع عواقب لا يمكن لأحد التنبؤ بها”.

وطوال الأيام الماضية اكتفى أنصار حزب الله بتنفيذ احتجاجات استعراضية يريد الحزب من خلالها أن يقول إنه موجود، وإنه داعم ولو رمزيا لحلفائه في غزة. وحتى حين قُتل أحد الشبان المحتجين بأعيرة نارية إسرائيلية اكتفى الحزب بالصمت.

وفي حديثه خلال تجمع في جنوب بيروت يوم الاثنين تفاخر القيادي في حزب الله هاشم صفي الدين بقوة الجماعة التي قال إنها تضاعفت عدة مرات منذ حرب 2006، لكنه أشار إلى أن الوقت لم يحن لتدخل حزب الله.

وأضاف “نحن في حزب الله نتطلع إلى اليوم الذي سنقاتل فيه جنبًا إلى جنب مع الشعب الفلسطيني لاجتثاث الغدّة السرطانية وإزالة إسرائيل من الوجود… هذا اليوم قادم، إنه أمر لا مفر منه”.

ومع ذلك قال عاموس يادلين رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق إن جميع التقييمات الاستخباراتية تشير إلى أن حزب الله لا يريد صراعا شاملا مع إسرائيل.

وأضاف أن “نصرالله في وضع لا يريد أن يكرر فيه خطأ سنة 2006. إنه يعلم أنه لن يكون مدافعا عن لبنان، بل سيكون مدمرا للبلاد”.

إسماعيل هنية: نشكر إيران التي قدمت المال والسلاح لمقاومتنا في غزة

وقالت مصادر سياسية لبنانية إن رفع سقف الشعارات ضد إسرائيل في مثل هذه الوضعية كان رسالة تفيد بأن الهدف هو تسجيل الحضور وإقناع جمهور في الداخل اللبناني وكذلك حلفائه في غزة بأنه معهم، مشيرة إلى أن أجندة الحزب في المرحلة الحالية ترتبط بشكل وثيق بحسابات إيران.

وأضافت أن الهدف الأول هو تخريب علاقات لبنان مع المحيط العربي ومنع أي تقارب مع دول الخليج، خاصة مع السعودية، ومنعها من ملء الفراغ الذي يتركه تراجع الحزب والدعم الإيراني؛ وهو ما يفسر الهجوم الذي شنه شربل وهبة وزير شؤون المغتربين ضد الخليجيين بلغة غير مسبوقة قبل أن تضطرّه الضغوط إلى الاستقالة.

كما أن الحزب بات يراعي حسابات إيران في محادثات فيينا بشأن برنامجها النووي، ومن شأن التهدئة مع إسرائيل أن تساعد طهران على المضي في إظهار رغبتها في التوصل إلى اتفاق.

وقالت جويس كرم، وهي أستاذة مساعدة في العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، إن “حزب الله لا يميل إلى إفساد محادثات إيران مع القوى العالمية على الجبهة النووية حتى الآن لأنه يريد تخفيف العقوبات عن داعمه السياسي والعسكري والمالي في الأساس”.

ورغم تراجع حزب الله عن نجدة حماس لم يغفل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، عن توجيه التحية إلى إيران حين قال “نشكر إيران التي قدمت المال والسلاح لمقاومتنا في غزة”.

القدس العربي