كوخافي من واشنطن: لا نعترف بـ”التقويم السنوي” أمام إيران.. وبايدن لن يدوم

كوخافي من واشنطن: لا نعترف بـ”التقويم السنوي” أمام إيران.. وبايدن لن يدوم

ساد صمت وحالة من الاهتمام في قاعة المحاضرات بفندق “فيلرد” في واشنطن. وقف رئيس هيئة الأركان الفريق أفيف كوخافي على المنصة بينما يقف أمامه حول الطاولة حوالي عشرين من الأدمغة الرفيعة في الولايات المتحدة في مجال الأمن القومي. كان هناك وزراء دفاع سابقون، ورؤساء هيئات أركان مدمجة، ومتقاعدون ورؤساء مراكز أبحاث ريادية. مصدر دبلوماسي إسرائيلي في واشنطن كان قد شارك في اللقاء تنبه إلى تفاصيل خطاب رئيس هيئة الأركان. فقد أكد كوخافي أمام سامعيه بأن قرار إسرائيل إحباط المشروع النووي العسكري الإيراني كان قد اتخذ قبل الانتخابات الأمريكية بعام تقريباً، ومن قبل أن يبدأ الحديث عن العودة للاتفاق النووي. وأوضح رئيس هيئة الأركان أن الجيش أعد على الإقليم ثلاث خطط عملياتية لتحقيق هذا الغرض. وأتاحت حكومة نتنياهو الميزانية للمشروع، وتعهدت حكومة بينيت بإضافة مبالغ غير قليلة لاستكمال فجوات الجاهزية بأسرع وقت ممكن.

كل واحدة من هذه الخطط قائمة بذاتها وتعكس مستويات مختلفة من إلحاق الضرر بالقدرات العسكرية النووية الإيرانية. التحديات التي واجهت المستوى العسكري في خضم ذلك تختلف كثيراً عما كان قد واجهه الجيش وأعده قبل عقد من الزمان في عهد باراك – أشكنازي. فعلى سبيل المثال، المنظومة الجوية الإيرانية اليوم أكبر بستة أضعاف عما كانت عليه قبل عقد من الزمان. هذا ناهيك عن الصواريخ المتقدمة S-400 بنسختها الإيرانية. كما أن عدد المواقع النووية الموجودة في باطن الأرض قد ازداد. وكان الخبراء الأمريكيون مؤدبين بدرجة دفعتهم لعدم إعطاء تفصيلات إضافية من رئيس هيئة الأركان.

وحمل كوخافي هذه الرسائل في كل جلسة من جلسات العمل التي عقدها في واشنطن الأسبوع الماضي: مع وزير الدفاع لويد اوستن، ورئيس الهيئات المشتركة الجنرال مارك ميلي، ومستشار الأمن القومي جيك سليفان، ورئيس السي.اي.ايه وليم بيرنز، ونائبة رئيس وكالة الاستخبارات في وزارة الدفاع سوزان فايت. وقال المشاركون في دائرة رئيس هيئة الأركان، ضاحكين: ليس واضحاً ما هو الأصعب لرئيس هيئة الأركان، أن يقوم بإعداد ربطة عنقه في الصباح، أم يقنع الزملاء الذين يرى بعضهم لأول مرة بخطورة العودة لأخطاء الاتفاق النووي الأول.

لا يطلبون تعويضاً

خلال هذه اللقاءات، طرح رئيس هيئة الأركان أمام الأمريكيين معضلات إسرائيلية. على سبيل المثال، كان من المفترض -حسب الاتفاق النووي الأول الذي ألغاه ترامب- بأن تحصل إيران في الأول من كانون الثاني 2026 على إذن بتطوير وإنشاء أجهزة طرد مركزي متطورة قادرة على تخصيب اليورانيوم بوتيرة خمسة أضعاف مقارنة بالسرعة الحالية. وفي 2031 سيكون بمقدور إيران أن تفعل ما تشاء في المجال النووي. ومن المنظور الاستراتيجي الإقليمي، يمكن القول إن هذه التواريخ تبدو وكأنها يوم غد.

حسب وجهة نظر رئيس هيئة الأركان، لا يجب تحديد موعد بالتقويم السنوي. إن اعتمدتم 2035 كغاية لإنهاء الاتفاق، فما الذي سيغيره ذلك؟ سأل رئيس هيئة الأركان. هو يعتقد أن على الأمريكيين أن يحددوا موعد انتهاء وفقاً للتطورات السياسية. مثل استبدال الحكم في طهران أو على الأقل حدوث تغيير جوهري في نظرته للحكم.

أوساط جهاز الأمن الإسرائيلي اغتبطت جداً لسماعها بايدن يتعهد علانية في هذا الأسبوع أمام روبي ريفلين بأنه لن تكون للإيرانيين قدرات نووية عسكرية في عهده. ولكن يتساءلون في الغرف المغلقة هناك: ماذا سيحدث بعد حكم بايدن؟ رئيس هيئة الأركان أيضاً تساءل أمام نظرائه الأمريكيين: عندما تتحدثون عن اتفاق أطول وأقوى، فما الذي تقصدونه؟ ما هو الأقوى وما هو الأطول؟ ذلك لأنكم في السابق اقترحتم علينا الرقابة على نطنز، وبعد فترة محددة عرضتم علينا المنشآت التي أخفاها الإيرانيون في بوردو. هل تستطيعون التعهد بعدم وجود منشآت مخفية لا تعرفون بأمرها اليوم أيضاً؟ هذه الأسئلة بقيت معلقة في الهواء، ذلك لأن الأمريكيين يتخبطون أيضاً في موضوع الرقابة على المشروع النووي الإيراني، وليست لديهم إجابات جيدة كافية.

واصل رئيس هيئة الأركان طرح أسئلته الصعبة: ما الذي سيدفع الإيرانيين للموافقة على إحداث تغيير في الاتفاق؟ من وجهة نظرهم، أنتم الذين خرقتم الاتفاق، ولن يكونوا مستعدين لتقديم تغييرات جوهرية إن لم تظهروا الجدية. بكلمات أخرى: إن لم يطرح على الإيرانيين خيار عسكري حقيقي إلى جانب استمرار العقوبات الاقتصادية الصعبة فليس لديهم سبب لإبداء المرونة. ليس من الممكن خداع الإيرانيين وتوجيه تهديدات بلا رصيد، قال كوخافي للأمريكيين. لدى الإيرانيين منظومة استخبارات جيدة، ويعرفون متى يكون التهديد جدياً ومتى لا يكون.

بالمناسبة، لم تتحدث إسرائيل وأمريكا في أي مرحلة من الاتصالات بينهما حول الخط الأحمر الذي سيدفعهما لاستخدام القوة العسكرية ضد إيران إن تجاوزته. كما أنه لم يجرِ الحديث عن إلزام لرد الفعل بخط محدد. تميل إسرائيل لعدم مطالبة الأمريكيين بتعويض إذا ما تم توقيع اتفاق جديد مع إيران، لأن ذلك يعني موافقة إسرائيلية ضمنية على اتفاق لا تقبله أصلاً.

مصادر أمنية رفيعة المستوى تتولى الاتصالات الجارية مع واشنطن في القضايا الإقليمية ومن بينها وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، تفيد بأن هناك اعتقاداً أن إدارة بايدن نفسها ليست ناضجة تماماً لتوقيع اتفاق مع إيران. ما زالت مفاوضات فيينا عالقة. وينتظر الأمريكيون توجهات رئيسي بعد دخوله للمنصب الجديد. كما أن وكالة الطاقة النووية لم تحصل بعد على رد إيراني على الرسالة التي وجهتها لها بصدد مواصلة عمل المفتشين الذين أوقفوا قبل أكثر من أسبوع.

كل شيء مشروع الآن: بإمكان الأمريكيين مواصلة التشاور مع إسرائيل وإعلامها بما يحدث من تقدم في المفاوضات مع إيران، وبإمكانها أن لا تفعل إن أرادت. من الممكن أن تستطيل المفاوضات لأشهر طوال وربما في مرحلة مبكرة أكثر. لن تتفاجأ إسرائيل أن إعلان الإدارة الأمريكية سيكون خلال أسابيع عن التوقيع على الاتفاق. في المقابل، تبدي إسرائيل موقفاً شفافاً وواضحاً تماماً، فهي لا تخفي تحضيراتها العسكرية عن الأمريكيين.

بقلم: أليكس فيشمان

القدس العربي