جنيف – سيطر التشنج والاتهامات المتبادلة على ملتقى الحوار بجنيف، والذي يهدف إلى الاتفاق على قاعدة دستورية للانتخابات في ليبيا، وهو ما أفشل مساعي البعثة الأممية للوصول إلى نتيجة في أقرب وقت، ودفع بالمبعوث الأممي يان كوبيتش إلى دعوة المشاركين للامتناع عن “السلوك غير المهذب والهجمات الشخصية”.
يأتي هذا في وقت يدخل فيه فرقاء الأزمة إلى الملتقى بشروط مسبقة تعبّر عن الجهات والأجندات التي تقف وراءهم.
واتهم منسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ريزيدون زينينغا أعضاء ملتقى الحوار الحاضرين في جنيف بـ”خذلان الشعب الليبي الطامح إلى حقه في انتخاب رئيس وبرلمان في الموعد المقرر مسبقا”.
وجاءت كلمات زينينغا وكوبيتش عن “الخذلان” و”خيبة الأمل” و”السلوك غير المهذب” للتعبير عن صدمة البعثة من لامبالاة الممثلين في ملتقى الحوار الذين فكروا فقط في حسابات أحزابهم والجهات والشخصيات التي تقف وراءهم، وهو ما حدا بالمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند إلى القول إنهم “حملوا معهم حبوبا سامة” إلى جنيف.
إلهام سعودي: تأجيل الملتقى أفضل نتيجة ممكنة في ظل الخيارات المطروحة
وانحصر النقاش في اجتماع جنيف على مسائل انتخاب الرئيس من قبل البرلمان أو بالاقتراع السري المباشر من الشعب، وكذلك شروط الرئيس ومسألة الجنسية المزدوجة وهل من حق العسكريين الترشح.
ودفع التوتر والخطاب المتشنج بين الفرقاء البعثة الأممية إلى تمديد جلسات المؤتمر لخمسة أيام بدل أربعة وتنتهي في الأخير إلى إنهاء الملتقى وتحميلهم المسؤولية بالفشل.
وقال زينينغا “جئنا إلى جنيف بخطة وجدول زمني واضحين، ومكثنا 5 أيام لبحث المقترحات، خاصة المقترح التوافقي للجنة الاستشارية”.
وأضاف “ظهرت بعد المداولات 3 مقترحات، بعضها يوافق خارطة الطريق وبعضها الآخر يخالفها، ثم اتفق الأعضاء على تشكيل لجنة للتوافقات تتولى التوفيق بين الآراء، وأعيد تشكيلها مرة أخرى لشكوى بعض الأعضاء من غياب التوازن فيها”.
وتابع “احتدم النقاش حول تقرير اللجنة الاستشارية وهدّد بعض أعضاء الملتقى بمغادرة الملتقى إذا طرح للتصويت.”
من جانبه اتهم المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند السبت بعض أعضاء الحوار الليبي بمحاولة عرقلة إجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل.
وقال نورلاند في بيان نشرته السفارة الأميركية في ليبيا “لقد تابعنا عن كثب اجتماعات الملتقى في جنيف هذا الأسبوع، بما في ذلك العديد من الأعضاء الذين يبدو أنهم يحاولون إدخال ‘حبوب سامة’ تضمن عدم إجراء الانتخابات، إما عن طريق إطالة العملية الدستورية أو من خلال خلق شروط جديدة تجب تلبيتها لإجراء الانتخابات”.
ولا يستبعد مراقبون أن يدفع فشل الحوار في جنيف إلى توترات جديدة خاصة بعد تصريحات قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر أكد فيها أنه “إن لم تجر الانتخابات فسنعود لتحرير العاصمة (طرابلس) مرة أخرى”.
في المقابل اتهم خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة حفتر بأنه هو من عرقل التوافق في جنيف وأرسل ابنه إلى هناك للضغط على بعض أعضاء ملتقى الحوار للذهاب إلى الانتخابات مباشرة دون وثيقة دستورية.
ويعتقد المراقبون أن فرقاء الأزمة الليبية وتحت الضغط الخارجي أعطوا فرصا للمسار السياسي، لكنّ أغلبهم يتعامل مع الحوار كمرحلة ظرفية ستنتهي بالفشل وأن الحل بالنسبة إليهم هو الحل العسكري، مستفيدين من استمرار التحشيد الإقليمي حول ليبيا، خاصة من قبل تركيا.
ورغم فشل جلسات جنيف أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ريال لو بلون أنه “يسعى حقا لتحقيق توافق للمضي قدما لإيجاد الأساس الدستوري الذي يسمح للبلاد بإجراء الانتخابات المقررة في الـ24 من ديسمبر”.
لكن إلهام سعودي عضو المنتدى قالت إن ما حدث لم يكن النتيجة التي تطلع إليها المشاركون لكنها أفضل نتيجة ممكنة في ظل الخيارات المطروحة وعجز قيادة بعثة الأمم المتحدة عن إبقاء المحادثات في مسارها.
والانتخابات جزء أساسي من الجهود الدولية لإرساء الاستقرار في ليبيا التي تشهد اضطرابات منذ انتفاضة دعّمها حلف شمال الأطلسي في2011 وأدت للإطاحة بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي.
وأسفرت عملية سلام تقودها الأمم المتحدة عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار الصيف الماضي ثم تشكيل حكومة وحدة.
وجاءت محادثات سويسرا بعد مؤتمر دولي عُقد في برلين الأسبوع الماضي.
العرب