أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء، مباحثات مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ وصول السيسي إلى الحكم صيف 2014. وشدد الرئيسان في مؤتمر صحافي على الموقف الثابت لدولتيهما الداعي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والعدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، وأعلنا عن مرحلة جديدة من العلاقات بينهما.
وقال الرئيس المصري إن زيارته لتركيا “تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين”، وأعرب عن سعادته البالغة بزيارته الأولى إلى تركيا ولقائه الرئيس أردوغان. وأكد أن “زيارته تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والتكامل بين البلدين”. وأضاف: “شهدنا ازدهاراً مستمرا في التواصل بين الشعبين المصري والتركي خلال السنوات الماضية”.
وأشار السيسي، إلى “موقف مصري تركي ثابت بضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووقف العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية”. وقال: “ناقشنا سبل معالجة المأساة الإنسانية التي يعانيها الفلسطينيون في قطاع غزة”.
من جهته، قال أردوغان إن مساهمات تركيا ومصر في السلام والاستقرار الإقليميين تشكل أمراً حيوياً. وأوضح أردوغان، في كلمته، أن تركيا أكدت إرادتها في تعزيز التعاون مع مصر في جميع المجالات؛ بما في ذلك الصناعة والتجارة والدفاع والصحة والبيئة والطاقة.
تأتي الزيارة التي جاءت بعد سنوات من التراشق والقطيعة على خلفية موقف تركيا من الإطاحة بالرئيس محمد مرسي عام 30 /يونيو 2013، واعتبارها ما شهدته مصر انقلابا على أول رئيس منتخب بعد ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2011، وصفتها الرئاسة المصرية بالتاريخية. وتحمل الزيارة رمزية مهمة في مسار تطور العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر. هذا التطور الذي من شأنه أن يعزز التعاون الوثيق في الجانب الاقتصادي من تبادل تجاري واستثماري، هذا التعاون سيعود عليهما بالفوائد الكثيرة على المستوى الإقليمي،كما أن هذا التطور الدبلوماسي سيؤسس لصيغة تفاهمية في القضايا الخلافية بين الدولتين. وستنقلها إلى مستوى جديد من خلال تأسيس مشروع شراكة بينهما عبر تدشين مجلس التعاون الإستراتيجي.
كما أن تطور العلاقات بين تركيا وأنقرة سيكون له انعكاسات واسعة على الأمن الإقليمي، بالنظر إلى البعد الاستراتيجي للدولتين وثقلهما في الإقليم، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من اتساع دائرة التهديدات بالنظر لاستمرار القتال في جبهات شتى، سواءً ما يحدث في غزة، أو ما يدور في السودان، أو القضايا التي كانت تمثل نقاطًا خلافيّة على رأسها الأزمة الليبية وقضية ترسيم الحدود البحرية وملف الطاقة بالبحر المتوسط.
فتركيا تحرص كل الحرص على إنهاء حالة الدولة التصادمية، والحاجة لدعم مصر لقبول تركيا في منظمة غاز شرق المتوسط، وحاجة تركيا أيضا لرفع وتنمية التبادل التجاري مع مصر فى ظل الأوضاع الاقتصادية التركية، وكذلك هناك دوافع مصرية منها تعزيز العلاقات الثنائية، وحرصها على تهدئة الأجواء بليبيا كأحد شواغل الأمن القومي المصري، وحرصها على بدء صفحة جديدة من التعاون الإقليمي المشترك بين الجمهورية الجديدة المصرية والدولة التركية. لكن من غير المتوقع أن تؤدي هذه العلاقات الجديدة إلى تغييرات جذرية في السياسات الخارجية للدولتين حول القضايا المشتركة، فإن الوضع الحالي يفرض عليهما التنسيق لتحويل التنافس إلى تعاون.
أن أهمية التأسيس لمرحلة استراتيجية جديدة بين تركيا ومصر يزيد من التقارب لما له من تأثير على التوزانات الإقليمية، خاصة أن مصر وتركيا تتمتعان بالعديد من الخواص المشتركة، فكلتاهما دولتان كبيرتان في العالم الإسلامي والشرق الأوسط، وعلاقتهما معززة بأواصر تاريخية كبيرة، كما أنهما متقاربتان في حسابات القوى الشاملة، سواء على المستوى الاقتصادى أو على المستوى الاستراتيجي وكذاك على المستوى الحضارى.
أن التكامل الحقيقى بين مصر وتركيا سيلقى بظلاله خلال الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للعلاقات الاستراتيجية، والذى تم توقيعه خلال زيارة الرئيس أردوغان للقاهرة، ما يعنى انفراج لكثير من القضايا الإشكالية. خلاصة القول البيئة الإقليمية أمام بدء صفحة جديدة ومستقبل قد يكون واعدًا للعلاقات المصرية التركية، فى ظل حسابات القوى الشاملة وفى ظل حسابات الطموح والرغبة فى الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين.
وحدة الدراسات التركية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية