وفقاً لبيان صادر عن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، يشعر البيت الأبيض بالقلق بشأن “الحاجة إلى أسواق طاقة عالمية موثوقة ومستقرة”. ويثير الإعلان العديد من الأسئلة الجيوسياسية المحرجة، لكن عوامل السوق قد تجعل الضغط الأمريكي موضع نقاش في النهاية.
يشعر البيت الأبيض بالقلق بشأن “الحاجة إلى أسواق طاقة عالمية موثوقة ومستقرة”، وفقاً لبيان صادر عن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في الحادي عشر من آب/أغسطس. وما يُقلق إدارة بايدن بالفعل هو أسعار البنزين، ولذا فهي تدعو – واستعدوا جيداً لقراءة ما يلي – منظمة “أوبك” وروسيا وغيرهما من الدول المصدرة للنفط، التي تُعرف معاً باسم “أوبك +”، إلى زيادة الإنتاج.
باختصار، ستزداد البصمة الكربونية في العالم إذا ما قامت “أوبك” وحلفاؤها بذلك.
ونظراً لالتزام الرئيس بايدن المعلن بالطاقة الخضراء والحدّ من التغيّر المناخي، لم يتم الكشف بعد عن الكيفية التي ستتعامل بها البرامج الإخبارية التلفزيونية المسائية مع طلب إنتاج المزيد من النفط – إلى جانب أحدث اللقطات المروعة لحرائق الغابات التي تضخمت بسبب الاحتباس الحراري.
وفي حين لم يأتِ العنوان الرئيسي لبيان البيت الأبيض على ذكر النفط، إلا أن جميع الأخبار المتبقية الصادرة عن البيان الصحفي كانت تتمحور حول النفط. وبرّر سوليفان الأمر بأن ارتفاع تكاليف البنزين يمكن أن يلحق الضرر بالتعافي العالمي الحالي. وجاء في بيانه: “كانت أسعار النفط الخام أعلى مما سجلته في نهاية 2019، أي قبل تفشي الجائحة”. وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي ظهرت فيها كلمة “نفط” في البيان).
إن استعمال صيغة الماضي “كانت” أمر مثير للاهتمام. وسيدرك أولئك الذين يلاحظون مثل هذه الأمور الخاصة بالصياغة أن أسعار النفط كانت تتراجع خلال الأيام الأخيرة. وبدلاً من أن تتراوح ضمن نطاق 70 و75 دولاراً للبرميل، كانت تسجل بين 65 و69 دولاراً. وتمّ تفسير هذا المنحى التراجعي الطفيف بالخوف من متحور دلتا لفيروس كورونا (“كوفيد-19”)، لا سيما في الصين. وإذا كان الاقتصاد الصيني سيتباطأ، فإن الطلب العالمي على النفط سيتراجع بشكل ملحوظ.
لذا، يطرح بيان البيت الأبيض السؤال التالي: إذا كانت عودة انتشار فيروس كورونا ممكنة وموسم القيادة في الصيف – مع ارتفاع الطلب المرتبط به على الغاز والضغوط المؤدية إلى ارتفاع الأسعار – يشرف على نهايته، فلماذا تجري إثارة موضوع إنتاج النفط الآن؟
ربما ستظهر الإجابات خلال الأيام القليلة المقبلة. وفي هذه الأثناء، يسعى البيت الأبيض إلى كسب تعاون منظمة “أوبك” – أو بالأحرى القائد الفعلي للسعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تحاول الإدارة الأمريكية إبقاءه على مسافة بينهما. كما يعني ذلك أن البيت الأبيض يسعى إلى التعاون مع “أوبك +” – وبشكل أساسي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بلا شك سيستمتع بـ “الطلب” المطلوب منه.
ويتمثل عامل غريب آخر في امتلاك إيران قدرة احتياطية على تصدير النفط، التي ترغب في استخدامها، لكنها مقيدة بالعقوبات التي تقودها الولايات المتحدة بسبب سياستها النووية. وقد تكون عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران والمعروف باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» قد بدت بعيدة المنال، ولكن ربما سيتمّ عقد اتفاق فعلاً في النهاية.
أما الخبر السار، أو ربما ما يعيق التوصل إلى حل محتمل، فهو الإشارة في البيان إلى “أهمية الأسواق التنافسية في تحديد الأسعار”. ليس هناك شك في ذلك. لكن المشكلة هي أن نظرة “أوبك” لما يجب أن تكون عليه هذه الأسعار تختلف عن نظرة البيت الأبيض – وهي بالتأكيد تختلف عما يعتبره المستهلك الأمريكي العادي على الأرجح على أنه سعر عادل.
سايمون هندرسون
معهد واشنطن.