يواجه الاقتصاد العالمي مشاكل كبيرة في سلاسل التوريد، وهو ما يجعل الدول الأكثر استيرادا للبضائع من الخارج، مثل المملكة المتحدة، تعاني أكثر من غيرها.
في تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت” (Independent) البريطانية، يقول الكاتب هاميش ماكراي إن نظرة سريعة على تدفق السلع عالميا تظهر -وفقا لإحصائيات وكالة بلومبيرغ- أن سعر لحم السلطعون بولاية ميريلاند قد تضاعف 3 مرات، وتأخر وصول شحنة سيارات جديدة إلى بوخارست 6 أشهر، في وقت تعاني نيروبي من نقص حاد بالأدوية، وانخفض إنتاج دعامات العنق والركبة في المكسيك، وكل ذلك يُظهر بوضوح اضطراب سلاسل التوريد على مستوى العالم الآونة الأخيرة.
وهذه الاضطرابات في الغالب نتيجة لتداعيات وباء كوفيد-19. ووفقا للكاتب، على سبيل المثال، أدى انتشار خدمات التوصيل إلى المنازل منذ بداية الجائحة إلى إيجاد العديد من الوظائف، ولكنه تسبب في خسارة العديد من الوظائف الأخرى.
وخلال عمليات الإغلاق المبكرة، كانت سلاسل التوزيع الجديدة تحت ضغط كبير، وكان من الصعب الحصول على خدمة التوصيل بسهولة.
لكن مع تحسن الأوضاع على مستوى خدمات التوصيل إلى المنازل، تعرضت صناعة النقل البحري لصدمة مماثلة، إذ تسبب سلوك المستهلكين “الانتقامي” ردا على نقص السلع أثناء عمليات الإغلاق، بطفرة كبيرة في الطلب، ولم تتمكن صناعة الشحن من التأقلم سريعا مع هذا الوضع، مما لمضاعفة تكاليف الشحن 4 مرات، وتأخير مواعيد التسليم.
نقص العمالة
وإلى جانب نقص السلع وارتفاع الطلب، هناك أيضا نقص بالعمالة، وما حدث على الأرجح أن صدمة الوباء جعلت الكثيرين يقررون مراجعة خياراتهم المهنية ويبحثون عن وظائف جديدة، خاصة مع توفر الكثير من الفرص الفترة الماضية.
وارتفع عدد الوظائف الشاغرة بالمملكة المتحدة إلى أكثر من مليون وظيفة في أغسطس/آب الماضي، وهو أعلى مستوى يسجله مكتب الإحصاءات الوطنية، ويفوق بربع مليون وظيفة أرقام ما قبل الجائحة.
لكن الأمر لا يقتصر فقط على الوباء – حسب الكاتب-، إذ كان أحد أسباب ارتفاع أسعار الغاز في المملكة المتحدة نقص الاستثمار في منشآت الغاز خلال السنوات الأخيرة.
وفي ظل الخيارات الحكومية الهادفة لخفض انبعاثات الكربون، بدأ الاضطراب في سوق الغاز يظهر بوضوح خلال الفترة الماضية، ومن المنتظر أن تتعمق الأزمة لأن دول العالم تعاني عموما من نقص إمدادات الغاز.
ثغرات الاقتصاد
ويرى الكاتب أن محاولات إيجاد اقتصاد عالمي شديد الصرامة والكفاءة مثّلت جزءا من المشكل، ففي ظل هذا النظام المترابط الذي يتطلب دقة مواعيد التصنيع والتسليم، أصبحت أي ثغرة صغيرة تسبب أزمات حادة، فعندما تكون هناك عقبة أمام تدفق رقائق الحاسوب من شرق آسيا بالمستويات العادية، كما هو الحال الآن، تُغلق مصانع بأكملها بأميركا الشمالية.
من جهة أخرى، يتم ملء محلات السوبر ماركت بالبضائع على أساس عمليات بيع يومي بمعدلات ثابتة، لكن الواقع أن الطلب يرتفع وينخفض على بضائع محددة بشكل مستمر. وفي ظل نقص عدد سائقي الشاحنات، أصبحت المحلات عاجزة عن الحفاظ على الأرفف ممتلئة.
وكمثال على مدى ارتباط الاقتصادات العالمية ومدى تأثير تعطل سلاسل التوريد، يقول الكاتب إن هاتف آيفون يحتوي على مكونات من 43 دولة. وفي ظل عقبات التوريد، تقوم شركة “آبل” (Apple) حاليا بصنع المزيد من المكونات بالولايات المتحدة، مما يعني الاتجاه بشكل أكبر إلى اقتصاد الأقلمة والابتعاد عن العولمة.
المصدر : إندبندنت