يشكل طريق البحر المتوسط أهمية خاصة لإسرائيل، لأنها تنقل من خلاله ما يقرب من 90% من تجارتها الخارجية، مما يزيد من أهمية حرية الملاحة في هذه المنطقة للحفاظ على الرخاء الاقتصادي للدولة العبرية. علاوة على ذلك، فإن حقول الغاز البحري المكتشفة حديثاً يمكن أن تحول إسرائيل إلى دولة لديها اكتفاء ذاتي من الطاقة، ومصدرة للغاز بشكل كبير. ولكن هذه التطورات ترتبط بقدرتها على تأمين ممر بحري حر، والدفاع عن حقول الغاز والنفط المكتشفة حديثاً.
وبينما ساعدت الاضطرابات الإقليمية الأخيرة على تحسين البيئة الاستراتيجية لإسرائيل، في ظل ضعف خصومها العرب، فقد أصبح الشرق الأوسط أكثر تعقيداً بسبب زيادة الحضور الروسي، والنشاط التركي في المنطقة، وزيادة العمليات الإرهابية والجماعات المتشددة، والصراع على الطاقة، وبزوغ المحور القبرصي- اليوناني- الإسرائيلي. كما أن تآكل نظام الدولة حول المتوسط أعطى القوى الإسلامية – التي لديها أجندة معادية للغرب- الصدارة.
لتسليط الضوء على التحديات التي تواجهها إسرائيل بعد تراجع الدور الأمريكي في شرق المتوسط، أصدرت مجلة “ميدل ايست كوارترلي”، المؤيدة لليمين الإسرائيلي في عددها الحادي والعشرين، الصادر في خريف 2014، دراسة تحت عنوان “التحديات الإسرائيلية في شرق المتوسط”، والتي أعدها إفرايم أنبار مدير (BESA) مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان. وتناولت الدراسة الأهمية الاستراتيجية لمنطقة شرق المتوسط، ومظاهر انهيار الهيكل الأمني الأمريكي في المنطقة، وتداعيات تراجع الدور الأمريكي في المنطقة.
الأهمية الإستراتيجية لمنطقة شرق المتوسط
بشكل عام، أشارت الدراسة إلى أن منطقة شرق المتوسط لا تزال تشكل أهمية استراتيجية كبيرة – فهي تضم اليونان، وتركيا، وسوريا، ولبنان، وإسرائيل، وغزة، ومصر، وليبيا، وقبرص المقسمة- منذ أن شهدت منافسة كبرى أثناء الحرب الباردة، فهي تضم الطرق المهمة بين الشرق والغرب مثل: طريق الحرير، وقناة السويس، بالإضافة إلى أنها مصدر للقضايا الدولية المهمة مثل:الإسلام المتطرف، والإرهاب الدولي، وانتشار الأسلحة النووية. كما أن السياسة التركية التي تعتمد على الخلافة العثمانية، وتقوم على أساس إسلامي، أدت إلى توتر العلاقة مع إسرائيل.
وتمثل هذه المنطقة أهمية كبرى في نقل الطاقة، حيث ينقل من خلالها ما يقرب من 5% من النفط العالمي، و15% من الغاز الطبيعي العالمي المسال، والذي يُنقل من خلال قناة السويس، بينما تستضيف تركيا ما يقرب من 6% من تجارة النفط العالمي عبر مضيق البوسفور، واثنين من خطوط الأنابيب الدولية. فاكتشاف مكامن للنفط والغاز قبالة سواحل إسرائيل، وغزة، وقبرص، وإمكانية وجود اكتشافات نفطية إضافية قبالة سوريا ولبنان، يعد تطورا واعدا ومبشرا لمستقبل الطاقة في المنطقة.
مظاهر انهيار الهيكل الأمني الأمريكي في المنطقة
أشارت الدراسة إلى احتفاظ واشنطن بالهيمنة العسكرية والسياسية في شرق المتوسط منذ فترة ما بعد الحرب الباردة، حيث كان الوجود البحري للأسطول السادس الأمريكي منقطع النظير كما ذكرت الدراسة. وأدارت واشنطن المنطقة من خلال شبكة من التحالفات مع القوى الإقليمية. وكان أبرز هذه التحالفات اثنين من العلاقات الثلاثية، والتي ترجع أصولها إلى الحرب الباردة، وكان المحور الأول يضم (إسرائيل، وتركيا، والولايات المتحدة)، حيث دخلت أنقرة في شراكة استراتيجية مع القدس بتشجيع من واشنطن. وشمل المحور الثاني (الولايات المتحدة، ومصر، وإسرائيل).
وأضافت أن التحالفين كانا الأقوى للولايات المتحدة في شرق المتوسط، حيث تعاونا عن كثب على القضايا العسكرية والاستراتيجية التي مثلت أهمية كبيرة للمصالح الأمريكية في المنطقة، ولكن تفكك هذا الهيكل الأمني مع مرور الوقت. وتمثلت مظاهر انهيار الهيكل الأمني الأمريكي في المنطقة فيما يأتى:
أولا- توتر العلاقات التركية مع إسرائيل:
أرجعت الدراسة سبب تبني تركيا نهج نشط تجاه منطقة الشرق الأوسط، وتوتر العلاقة مع إسرائيل إلى دوافع الخلافة الإسلامية والعثمانية التي تقوم عليها السياسة التركية. وأصبح ذلك واضحاً، عقب محاولة السفينة التركية مرمرة في مايو 2010، فى كسر الحصار البحري الإسرائيلي على غزة. ففي أكتوبر عام 2010، أعلن مجلس الأمن القومي التركي – في إحدى وثائقه السياسية الرسمية- أن إسرائيل واحد من التهديدات الرئيسية للبلاد، مما أسفر عن انهيار أحد الأسس التي كانت تقوم عليها السياسة الأمريكية في شرق المتوسط.
فمع صعود حزب العدالة والتنمية الإسلامي (AKP) منذ فوزه الانتخابي في نوفمبر 2002، شهدت السياسة الخارجية التركية مرحلة من إعادة التوجيه. ورأى الكاتب أن تركيا في ظل حكم هذا الحزب للبلاد نأت بنفسها عن الغرب، وزادت طموحاتها لقيادة العالم الإسلامي. ومع ترأس رجب طيب أردوغان للدولة التركية، بدأت تركيا تدعم حماس – أحد أفرع جماعة الإخوان المسلمين طبقاً لما ذكرته الدراسة- وساعدت إيران في التهرب من العقوبات المفروضة عليها من قبل الغرب بسبب برنامجها النووي، كما ساعدت المجاهدين السُنًة في الدخول إلى سوريا، فضلاً عن الترويج للأفكار المعادية للولايات المتحدة، ومعاداة السامية، كل ذلك في ظل فرض النظام السلطوي بشكل متزايد في الداخل التركي.
ثانياً- التقارب والتباعد في العلاقات الأمريكية –المصرية:
ألمحت الدراسة إلى استفادة الولايات المتحدة من عملية السلام بين مصر وإسرائيل لدعم الاستقرار في شرق المتوسط، والتي بدأت عندما اتخذ أنور السادات قراره في سبعينيات القرن الماضي بالانفتاح على الولايات المتحدة، وتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979. وحتى بعد رحيل السادات، استمر حسني مبارك مواليا للولايات المتحدة، خلال حقبة ما بعد الحرب الباردة. فالتقارب في المصالح بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل خدم الحفاظ على الهيمنة الأمريكية في شرق المتوسط، كما أشارت الدراسة. وتطرق الكاتب هنا إلى دور مصر في المنطقة بحسبانها أكبر دولة عربية، ولها وزن كبير، وذات مكانة كبرى في شرق المتوسط وإفريقيا.
وتشهد حالياً العلاقات المصرية-الأمريكية-الإسرائيلية بعض التوترات منذ استقالة مبارك في فبراير 2011. وعلى الرغم من ذلك، يواصل الجيش المصري تعاونه مع إسرائيل للحفاظ على البنود العسكرية لمعاهدة السلام، على حد قول الكاتب. وأما عن موقف جماعة الإخوان المسلمين – التي جاءت للسلطة عبر صناديق الاقتراع – فكانت متحفظة للغاية تجاه العلاقات مع إسرائيل. ولفتت الدراسة إلى أن جماعة الإخوان – التي تعد معادية للولايات المتحدة – حصلت على دعم غير متوقع من إدارة أوباما، كما أن عزل الجيش المصري لنظام جماعة الإخوان المسلمين في يوليو 2013 زاد من تقويض العلاقة الثلاثية – بين مصر وإسرائيل وأمريكا- منذ أن عدت الإدارة الأمريكية تلك الخطوة “غير ديمقراطية”. وازداد الأمر سوءاً، بقرار الرئيس أوباما لإلغاء المناورة العسكرية المشتركة “النجم الساطع”، وتعليق واشنطن لمساعداتها إلى مصر – بصورة جزئية- في أكتوبر عام 2013.
وأخيرا، تم ربط تدفق المساعدات الأمريكية بالتقدم نحو إرساء نظام ديمقراطي منتخب، وحكومة مدنية، من خلال انتخابات حرة. وأعاقت هذه التطورات إمكانية التعاون بين القاهرة وواشنطن والقدس، كما لم تفلح الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية في إقناع واشنطن بعدم الاعتماد الكامل على الديمقراطية في علاقتها مع مصر، كما أوضح الكاتب.
ثالثاً- ارتباك السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة:
كشفت الدراسة أن الاضطرابات في العالم العربي، منذ عام 2011، أدت إلى تآكل الموقف الأمريكي. وأرجعت ذلك بشكل جزئي إلى السياسة الخارجية المتعمدة لإدارة أوباما، والتي تهدف إلى تقليص التزامات الولايات المتحدة الخارجية، واستعادة مكانتها في العالم، فكان الموقف الأمريكي متناقضا ومتضاربا تجاه الانتفاضات العربية. ودلل الكاتب على ذلك بالإشارة إلى موقف الإدارة الأمريكية من استخدام النظام السوري برئاسة بشار الأسد الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين الأبرياء، وعدم اتخاذ الولايات المتحدة أي إجراء عسكري تجاه سوريا، على الرغم من تصريح أوباما بأن ذلك يعد “خطا أحمر”. وأعقب ذلك الاتفاق النووي في نوفمبر 2013، والذي توصلت إليه الولايات المتحدة ومجموعة (5+1) وإيران، والذي سمح للجمهورية الإسلامية بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم، والذي نظرت إليه دول شرق المتوسط على أنه انتصار دبلوماسي لطهران.
ويرى الكاتب أن انسحاب واشنطن من العراق وأفغانستان، واسترضاء أعدائها – إيران وسوريا- عزز التصور العام لضعف وارتباك السياسة الخارجية الأمريكية. وبرر الكاتب الموقف الأمريكي المتناقض بسبب التكاليف الباهظة للحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان، واكتشافات النفط الصخري لديها، مما جعلها تفضل عدم الانخراط في صراعات الشرق الأوسط التي لم تعد تمثل خطورة على مصالحها.
ويوضح أن الجيش الأمريكي لا يزال قادراً على التصرف في شرق المتوسط، على الرغم من تراجع الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وتخفيض ميزانية الدفاع، والتصور العام السائد في المنطقة حول الموقف الأمريكي القائم على افتقار إدارة أوباما الإرادة اللازمة، والمهارات لفرض دورها. واستبعد احتمالية قيام الحلفاء الأوروبيين في الناتو أو الاتحاد الأوروبي بملء مكان الولايات المتحدة في شرق المتوسط، مشيراً إلى أن أوروبا ليست لاعباً استراتيجياً حقيقياً بسبب افتقارها للمعدات العسكرية اللازمة، والرؤية الاستراتيجية الواضحة، والإرادة السياسية للاستعاضة بها عن الدور الأمريكي.
رابعا: انعكاسات تراجع الدور الأمريكي في المنطقة
ثمة مجموعة من الانعكاسات لتراجع الدور الأمريكي في المنطقة، ومن أبرزها:
– تزايد الجماعات الإسلامية الراديكالية، حيث أرجعت الدراسة سبب تزايد قوة الجماعات الإسلامية الراديكالية في منطقة المتوسط إلى ضعف قدرة أغلب الدول الإسلامية – مثل ليبيا، وسوريا، ومصر، وغزة، وتركيا- على الحفاظ على هياكلها، مما سمح للقوى السياسية الإسلامية للتأثير في الشئون الداخلية لتلك البلدان أكثر من أي وقت مضى، مما يهدد أمن إسرائيل. وتسيطر حماس على غزة، وهي منظمة إسلامية متشددة متحالفة مع إيران – على حد قول الكاتب- وبذلك، فإن احتواء التهديد الإسلامي من غزة تحد خطير.
– التوترات الأمنية في بعض دول الجوار، حيث أوضحت الدراسة أن ليبيا لا تزال تعاني الفوضى بعد ثلاث سنوات من الانتفاضة ضد معمر القذافي. فانعدام النظام ربما يؤدي إلى انقسام الدولة، ويسمح بمزيد من حرية العمل للمتطرفين المسلمين. كما أن مصر، التي تتحكم في قناة السويس – التي تعد ممراً أساسياً للربط بين أوروبا والخليج العربي والشرق الأقصى- ربما تقع في أيدي الإسلاميين، كما توقع الكاتب، لأنه من السابق لأوانه – كما يرى- الحكم بأن العناصر الإسلامية ستلعب دورا ثانويا في النظام السياسي الناشئ الذي يعد فيه الجيش اللاعب الأساسي.
وأضاف أنه حتى إذا كان الجيش المصري قادرا على كبح القوى الإسلامية، فإن قبضته على شبه جزيرة سيناء واهية، على الرغم من محاولات الجيش المصري بقيادة السيسي لطرد الجهاديين، إلا أنه لم يستعيد السيطرة على سيناء بصورة كاملة. وحذر من أن يؤدي ذلك إلى ما وصفه بـ “صوملة” شبه جزيرة سيناء، مما يؤثر سلباً فى التجارة البحرية على طول المتوسط، وقناة السويس والبحر الأحمر.
– الصراع حول الطاقة، حيث ذكرت الدراسة أنه ربما يزيد اكتشاف حقول الغاز في شرق البحر المتوسط من تصاعد التوترات في هذه المنطقة المضطربة على نحو متزايد. ففي شمال إسرائيل، تقع لبنان- التي يسيطر عليها حزب الله الشيعي- والتي طالبت بالفعل ببعض حقول الغاز التي اكتشفتها إسرائيل حديثاً. وأوضحت أن سوريا – عدو إسرائيل والحليف القوي لإيران- تمارس نفوذاً كبيراً على لبنان.
كما أن تركيا مهتمة بالسيطرة على حقول النفط في شرق المتوسط بهدف التقليل من اعتمادها على الطاقة الروسية والإيرانية، وتحقيق طوحها لتكون جسراً للطاقة إلى الغرب، مما يضع أنقرة في خلاف مع نيقوسيا والقدس، والتى تتشارك المصلحة في تطوير حقول النفط والغاز في مناطقها الاقتصادية الخالصة، وتصدير الغاز إلى أوربا المتعطشة للطاقة. كما أن اليونان – التي تقع في غرب تركيا- لديها قدرة عسكرية محدودة لصد التحدي التركي وحدها، خاصة أنها غارقة في المشكلات الاقتصادية.
ففي الآونة الأخيرة، أظهرت روسيا اهتمامها بحقول النفط المكتشفة حديثاً. ففي يوليو 2012، تطرق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته إلى إسرائيل، لمناقشة حقول الغاز. ويُذكر أن موسكو وقعت اتفاقا للطاقة لمدة 25 عاما مع سوريا، مما يفتح الطريق للتحرك الروسي إلى منطقة شرق المتوسط الغنية بالغاز.
وعلى الجانب الآخر، أشارت الدراسة إلى أن التهديدات وقضايا المنطقة المحدقة بإسرائيل أدت إلى دعوة مسئولي الدفاع الإسرائيليين للبحرية الإسرائيلية للدفاع عن حقول الغاز البحرية، وأيضاً تعزيز العلاقات بين إسرائيل، وقبرص، واليونان. وبغض النظر عن المصالح المشتركة بين هذه الدول في مجال أمن الطاقة، فإن لديها مخاوف من أن يصبح شرق المتوسط بحيرة إسلامية. ولذلك، تأمل القدس وأثينا ونيقوسيا في تنسيق عمل جماعات الضغط في واشنطن لتوعية الإدارة الأمريكية بمخاوفها.
وبالفعل، فإن هناك تعاونا عسكريا بين إسرائيل واليونان، كما أن هناك زيارات متبادلة بين البلدين على المستوى الرسمي، فقد قام نتنياهو بزيارة اليونان في أغسطس 2010، وكان من ضمن مجالات التعاون التي تمت مناقشتها إمكانية إنشاء مثلث للغاز – يضم إسرائيل، وقبرص، واليونان- بحيث تكون اليونان هي محور صادرات الغاز الإسرائيلي والقبرصي إلى أوروبا، مما يقلل من اعتماد القارة على الطاقة الروسية.
– عودة الدور الروسي، حيث أشار الكاتب إلى أن تراجع الدور الأمريكي أسهم في عودة الدور الروسي المفقود منذ نهاية الحرب الباردة. فمع تراجع القوات البحرية الأمريكية والأوروبية في المنطقة بشكل تدريجي على مدى سنوات، احتفظت روسيا بقاعدتها البحرية في طرطوس على الساحل السوري، وحسًنت تدريجياً حجم أسطولها، وكثفت دورياتها في شرق المتوسط بالتزامن مع تصاعد الحرب الأهلية السورية، كما قامت بالعديد من المناورات البحرية. وقد أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، أخيرا عن إنشاء قوة بحرية في البحر المتوسط بشكل دائم.
وألمحت الدراسة إلى أهمية الدعم الروسي في الحفاظ على بقاء نظام الأسد في السلطة، وعلاقات موسكو مع طهران. وأشار الكاتب هنا إلى ازدياد النفوذ الروسي في مصر بعد الانقلاب العسكري، محذراّ من إغفال القوى الغربية الأهمية الاستراتيجية لتعزيز العلاقات المصرية- الروسية.
وألقت الدراسة الضوء على آراء بعض المحللين بأن موسكو مهتمة في المقام الأول بتسويق ثروات الطاقة في المنطقة، وتأمين احتياطيات الغاز في شرق البحر المتوسط، مما يساعدها في الحفاظ على مركزها المهيمن كمورد للغاز الطبيعي إلى أوروبا الغربية، والذي ربما يكون له منافسون جدد في المنطقة. وعلاوة على ذلك، أسهم تأخير نقل الغاز الروسي إلى أوروبا في تعزيز دور روسيا كمورد رئيسي للطاقة إلى أوروبا، وإبقاء الأسعار مرتفعة.
-احتمال العدوان التركي، حيث توقعت الدراسة أن تركيا ربما تستغل تفوقها العسكري في القيام بعمل عسكري في العديد من المناطق، مثل: بحر إيجة، وقبرص، وسوريا، وربما العراق. فالتفكك المحتمل لسوريا، وإمكانية إنشاء دولة كردستان الكبرى المستقلة ربما يكونان حوافز للتدخل التركي، مشيرة إلى أن السلوك العدواني الروسي في القرم يمكن أن يعزز هذا الاتجاه. وبسبب طموحها في الطاقة، ذكرت الدراسة أنه ربما يدفع ذلك أنقرة لاستكمال احتلالها لقبرص، والتي بدأت تركيا بغزوها، واحتلال الجزء الشمالي منها في 1974، وتعد قبرص المحطة الرئيسية لنقل الغاز التركي إلى أوروبا. ويعزز ذلك الاتجاه امتلاك تركيا لأكبر قوة بحرية في شرق المتوسط، مما يمكن أن يدفعها للقيام ببعض الإجراءات لإبراز قوتها البحرية في المنطقة.
-الإرهاب الدولي، حيث أوضحت الدراسة أن تعامل الأجهزة الأمنية مع الإرهاب في المنطقة أثًر سلبا في السياسة الداخلية، مما أفقدها بعضا من كفاءتها، فقد تحولت سيناء إلى طريق لعبور الأسلحة الإيرانية إلى حماس، وقاعدة لشن هجمات إرهابية ضد إسرائيل، كما ذكر الكاتب. وذكر الكاتب أن هذه الأنشطة الإرهابية تؤثر سلباً فى الملاحة عبر قناة السويس، كما أن سوريا أيضا ملاذ للكثير من الجماعات الإسلامية نتيجة للحرب الأهلية، مما يزيد من احتمالية إلحاق الضرر بأمن إسرائيل.
– تزايد الوجود الإيراني، حيث ذكرت الدراسة أن انخفاض قوة الولايات المتحدة في المنطقة، والاضطرابات في العالم العربي، وبقاء الأسد في السلطة، تعد أمورا بالغة الأهمية من أجل تأسيس “الهلال الشيعي” من الخليج العربي إلى بلاد الشام، والذي من شأنه تعزيز النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وشرق البحر المتوسط. كما عززت طهران من تعاونها البحري مع موسكو، وينظر إليها كشريك محتمل في الجهود المبذولة لتقليص نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.
وخلصت الدراسة إلى التحذير من انعكاسات تراجع الدور الأمريكي في منطقة شرق المتوسط، والتطورات التي تشهدها المنطقة في التأثير فى أمن إسرائيل ومستقبلها بسبب حيوية منطقة شرق المتوسط لإسرائيل للحفاظ على حرية الطرق البحرية للتجارة الخارجية، وتوفير الأمن لحقول الغاز المكتشفة حديثا لها.
عرض: سارة محمود خليل: باحثة ماجستير علوم سياسية
http://goo.gl/85AmG0
الكلمات الدلالية : البحر المتوسط،إسرائيل،امريكا،ايران،الهلال الشيعي،روسيا،مصر،الخليج العربي،بلاد الشام.