كيف تسير الحرب ضد ” تنظيم الدولة الإسلامية(داعش)”؟ وما موقف كردستان العراق، الحليف الأكثر موثوقية في المعركة بالنسبة للولايات المتحدة؟ كردستان العراق لديه أطول جبهة ضد الإرهابيين، وقبل أربعة أشهر، سافر اثنان من كبار المسؤولين الأكراد إلى واشنطن لتقديم بعض التحذيرات: وكان ” التنظيم ” ما يزال تتوسع، حيث لا يمكن لقوة عسكرية في المنطقة وقفه، بينما كردستان ذاتها لم تعد على استعداد للبقاء جزءا من العراق الممزق.
قام الاكراد في الاسبوع الماضي بجولة ضغط جديدة، ويمكن أن نشهد بعض التغييرات الكبيرة، ومنها الضربات الجوية التي بدأت في أغسطس الماضي لمواجهة خطر هجوم ” تنظيم الدولة ” لاجتياح أربيل، بعد استيلائه على مواقع رئيسة. ثم بدأوا المفاوضات في بغداد لتسوية النزاعات التي طال أمدها بسبب الطائفية، بعد تشكيل حكومة جديدة بمشاركة الأكراد.
ومع ذلك، فإن بيت القصيد، من وجهة نظر الاكراد: ان “التنظيم” ما زال مسيطرا على ثلث العراق وسوريا، ولديه القدرة على تنفيذ هجمات عسكرية تقليدية وهجمات ارهابية، والاكثر خطورة أنه يحافظ على ملاذ له. والأسوأ من ذلك، فإن احتمال هزيمته من قبل قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ضئيلة. وبهذا الصدد قال فؤاد حسين، رئيس ديوان الرئاسة الكردية ” لدينا تحالف دولي، ولكن الائتلاف لا يزال في السماء”، وقال “نحن بحاجة إلى التحالف على الأرض، ولا يبقى الاكراد وحدهم في ساحة القتال”.
ويصف مسؤولون أمريكيون وعراقيون هذا الامر بالغلو، لمشاركة قوات الجيش العراقي بمقاتلة ” تنظيم الدولة ” في غرب العراق، حيث تمكنت من استعادة مصفاة نفط بيجي الاستراتيجية الاسبوع الماضي. ومع ذلك، لا يزال الجيش في بغداد ضعيفا ومجزأ، ويعتمد على وحدات قليلة منه، ومساندة الميليشيات الشيعية التي تحظى برعاية إيرانية مستقلة ولا تخضع لسيطرة الحكومة المركزية.
لاتزال هناك خطة لتجنيد وتدريب رجال القبائل السنية، لتشكيل الحرس الوطني الجديد، وأشار حسين الى ان “هذه فكرة جيدة”. وقال: “ربما تصبح هي الخطة، ولكن ماهي الاجراءات لتنفيذ ذلك؟ وكيف يمكنك إنشاء الحرس الوطني على الاراضي المسيطر عليها من قبل (تنظيم الدولة ) ؟”
ويتمثل التغيير السياسي الكبير الذي حدث في الصيف، في رغبة الأكراد باعطاء الحكومة المركزية في العراق فرصة أخرى، أو على الأقل تأجيل خطواتهم المفتوحة نحو الاستقلال. ففي يوليو أصرت إدارة كردستان على انها ستمضي قدما في اجراء استفتاء على مستقبل المنطقة، رافضة الضغوط الامريكية للمشاركة في “حكومة وحدة وطنية” جديدة في بغداد. وكان ذلك قبل هجوم ” تنظيم الدولة ” على كردستان، ليختلف الحال مع بداية الضربات الجوية الأمريكية ونجاح إدارة أوباما في إجبار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على الرحيل.
ويقول حسين “نحن جزء من هذه الحكومة العراقية، ونأمل أن تنجح.” وأضاف: “نحن لن تتخلى أبدا عن حقنا في تقرير المصير. ولكن أولويتنا الآن هي تدمير “داعش”. مشيرا الى ان الاكراد ارسلوا مؤخرا وفدا إلى بغداد وتم التوصل الى اتفاق مبدئي مع حكومة حيدر العبادي حول شحنات النفط الكردية إلى بغداد مقابل مبالغ الميزانية المتأخرة.
ومع ذلك، فالجيش ما زال في الغالب على الورق مثله مثل الحكومة المركزية العراقية، التي أعيد بناؤها ، إذ لا تزال القضايا المتعلقة مع كردستان دون حل، بما في ذلك ما إذا كان سيسمح للإقليم بتصدير نفطه؟ وما إذا كان سيتم الاحتفاظ بالسيطرة على مدينة كركوك؟، وبأية شروط سيصبح 150.000 مجند جزءا من الحرس الوطني العراقي؟ فالهوة بين حزب العبادي والشيعة وزعماء السنة لا تزال واسعة.
في نهاية المطاف، فإن الأكراد يرون انهم وحدهم، وكان فحوى الضغط الكردي على واشنطن للحصول على الأسلحة الثقيلة الامريكية وتسليمها إلى أربيل، مع أو من دون موافقة بغداد. وجاء رد وزارة الدفاع على مضض: هناك خطة لتسليم 250 مركبة مدرعة إلى العراق، سيحصل الأكراد على 25 منها. وخطط الادارة الامريكية الحالية تفيد بتدريب تسعة الوية عراقية وثلاثة كردية، على أمل أن هذا سيكون كافيا لشن الهجوم على “داعش” في شمال وغرب العراق. ولكن المسؤولين الامريكيين ما زالوا يصرون على أن أي شحنات اسلحة إلى الأكراد لابد ان تمر عبر الحكومة المركزية.
يرى الأكراد ويشاركهم الرأي العديد من الخبراء العسكريين الأمريكيين كوزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس أن هذه الخطة تنقصها الدافعية ” ثلاث فرق تعني 10.000 مقاتل” كما قال حسين، فالموصل، التي اعلنت منها “الخلافة الإسلامية”، هي مدينة يعيش فيها أكثر من مليون شخص، محصنة على نحو جيد بسبب الاسلحة الامريكية التي استحوذوا عليها. ويتساءل حسين “من هو ذاهب لتحرير الموصل؟”، مضيفا:”لا يمكننا القيام بذلك من دون أسلحة ثقيلة – طائرات الأباتشي وعربات همفي والمدفعية والصواريخ وبنادق قنص.” “لتحرير الموصل، نحن بحاجة إلى جيش معنا” متسائلا: “من اين سيأتي هذا الجيش ؟ هذا السؤال الذي لم تجب عنه إدارة أوباما حتى الآن!
جاكسون ديل
نقلا عن صحيفة الواشنطن بوست
23/11/2014