أصبح من الواضح أن التحالف بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية لا يخلو من خلافات، ورغم الطابع الاستراتيجي والمؤسسي الذي يتسم به هذا التحالف، من حيث كون تركيا عضوًا في حلف الناتو،إلا أن التفاعلات المرتبطة به لم تغير من درجة الاختلاف في المصالح والتصورات بين أنقرة وواشنطن حول الصراع في سوريا تحديدًا، وما يرتبط به من دعم الحرب على داعش.
ثلاثة مؤشرات:
عوامل متعددة:
عندما أعلن عن تشكيل التحالف الدولي ضد “داعش”، التقى وزير الدفاع الأمريكي السابق تشاك هيجل مع مسئولين أتراك لحثهم على الانخراط في التحالف، إلا أن أزمة الرهائن الأتراك التي تصاعدت حينها دفعت تركيا إلى عدم إعلان دعمها الكامل لهذا التحالف، رغم مشاركة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر جدة، في 11 سبتمبر 2014، ورغم وعود الرئيس التركي بتدريب المعارضة السورية “المعتدلة”.
ويمكن تفسير الخلاف بين واشنطن وأنقرة، في ضوء عدة عوامل: يتمثل العامل الأول، في إدراك أنقرة أن دورها في هذا التحالف مهم حتى تنجح العمليات العسكرية في تحقيق أهدافها، وأن تحقيق هدف Destruction and Degradation بالنسبة لـ”داعش”، كما أعلنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لن يحدث دون مشاركة فعلية من جانبها، خاصة أن قوات التحالف لا تستطيع التدخل بريًا دون مساندة من تركيا، كما أن تدريب المعارضة “المعتدلة” يحتاج إلى مساعدة تركية، ولعل ذلك هو ما يجعل الأخيرة في موقف قوي، على نحو يبرر تمسكها بإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع سوريا، وهو الأمر الذي ما زالت واشنطن تعتبره قيد النظر.
وينصرف العامل الثاني، إلى وجود خلاف جوهري حول مستقبل الأسد، ففي حين تطالب تركيا بشكل مستمر بإسقاط الأسد، ترى واشنطن أن الأولوية لمحاربة “داعش”، وربما السعى إلى الوصول لحل سياسي أيًا كان دور الأسد فيه، ولعل ذلك يفسر عدم استهداف عمليات التحالف في سوريا أى أهداف تابعة لنظام الأسد، مقابل عدم محاولته عرقلة هذه العمليات.
ويتعلق العامل الثالث، بوجود خلاف في التصورات بين الجانبين حول معركة كوباني، حيث تنظر تركيا إليها على أنها معركة بين تنظيمين إرهابيين لا يقلان خطورة عن بعضهما، وذلك على خلاف التصورات الأمريكية التي ترى ضرورة دعم الأكراد لإحكام سيطرتهم عليها. كما لم تدعم أنقرة الأكراد المقاتلين في كوباني، رغم تضررها من نزوح عدد كبير من قاطني كوباني إلى أراضيها. وقد لا تكون تركيا اللاعب الرئيسي في الحرب على “داعش”، ولكنها لاعب مهم، بالنظر إلى أن عدم تعاونها مع الأكراد يفسح المجال لمزيد من سيطرة “داعش” على الأرض، لا سيما وأن تمدد الأخير يمثل فرصة لإضعاف الأكراد السوريين، وهو ما يصب في صالح تركيا.
رغم إدراك واشنطن لأهمية دور أنقرة في الحرب ضد “داعش”، إلا أن ذلك لا يدعم من احتمالات اتجاهها، خلال المرحلة الحالية، نحو تقديم تنازلات للأخيرة، وهو ما سيدفع أنقرة إلى التمسك بموقفها، بما يعني أن أى تغير في موقفيهما، يتطلب حدوث تطور مفاجيء يرفع تكلفة عدم التعاون بينهما في الحرب على “داعش”.
المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية
http://goo.gl/8q44K2
الكلمات الدلالية : الولايات المتحدة،تركيا،داعش،سوريا،العراق، الاكراد،