أصبحت أفغانستان واحدة من أكبر الدول المنتجة للزعفران وأكثرها مبيعا في العالم بالعقدين الماضيين، حيث جعلها الموقع الجغرافي المناسب -بمناخها الجبلي وتربتها الغنية- مناسبة لزراعة الزعفران، لكن الجفاف والتغيرات السياسية الأخيرة في البلد أثر على زراعة وتجارة الزعفران في أفغانستان.
توجه الأفغان إلى زراعة الزعفران منذ عام 2006 بعد ما قدم الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد لنظيره الأفغاني حامد كرزاي بصيلات الزعفران، والأخير قدمه لأهالي ولاية هرات غربي أفغانستان لقربه من إيران.
وانتشرت زراعة الزعفران في ولاية هرات والولايات الأخرى من أفغانستان تدريجيا بديلا لزراعة الخشخاش والمخدرات، وأدت إلى تراجع زراعته في ولاية هرات ومناطق أخرى في الغرب الأفغاني.
ورغم انتشار جائحة كورونا التي أثرت بشكل خطير على الاقتصاد العالمي، تمكنت أفغانستان من إنتاج الزعفران وتصديره إلى الخارج، وتحتل أفغانستان -بحصتها السوقية البالغة 12.8% من الصادرات العالمية- المرتبة الثالثة بعد إيران والهند في إنتاج الزعفران، الذي لديه القدرة على إخراج الملايين من الفقر وجلب ملايين الدولارات من الدخل للمزارعين، مما يعزز الاقتصاد الأفغاني بشكل كبير.
إنتاج الزعفران الأفغاني
يقول رئيس جمعية مصدري الزعفران الأفغاني محمد أشرف قاسمي للجزيرة نت “تضاعف إنتاج الزعفران في أفغانستان في السنوات القليلة الماضية، وفي عام 2018، بلغت قيمة إجمالي صادراتها العالمية 21.25 مليون دولار، وفي عام 2019 بلغت 28.94 مليون دولار، وكانت حصة الهند من التصدير نحو 15 مليون دولار لكونه أحد أغلى التوابل في العالم”.
ويصدر الزعفران الأفغاني إلى 27 دولة من أهمها دولة قطر والصين والهند والإمارات العربية المتحدة. ويقول عزيز الله رحمتي للجزيرة نت “بعد انهيار الحكومة الأفغانية السابقة ووصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان توقفت عملية التصدير إلى الخارج، الآن نرسل الزعفران إلى باكستان ومنها إلى دول أخرى، هذه العملية تحتاج إلى وقت ودفع ضرائب إضافية أطلب من السلطات الجديدة إيجاد حل فوري لهذه المشكلة”.
وتضاعف سعر الزعفران هذه السنة 4 مرات ولا يمكن تصديره للخارج بسبب تحذيرات أميركية وإغلاق المطارات، ويقول المزارعون إنه لا يمكن ادخار الزعفران مثل بقية السلع لأنه يفقد لونه ومذاقه.
ويقول رجل الأعمال محمد رفيع للجزيرة نت “الزعفران نادر والحاجات عالية ولهذا ارتفع سعره، لكن لم نعد قادرين على تصدير الزعفران لمعظم الدول. في العام الماضي أبرمنا اتفاقيات مع الإمارات العربية المتحدة والصين لكن لا يوجد الآن مجال للتصدير”.
عقبات عديدة
يعاني التجار والمزارعون من قلة هطول الأمطار والجفاف هذه السنة وهذا يهدد حياة العائلات التي تعيش على إنتاج الزعفران على مدار السنة.
وتظهر الإحصاءات الرسمية للزراعة في هرات أن أكثر من 20 ألف عائلة تعمل في حصاد الزعفران ومعالجته وتعبئته.
حتى إن بعض مزارعي الزعفران أصيبوا بخيبة أمل من استمرار نشاطهم في قطاع زراعة الزعفران، حيث تسبب قلة هطول الأمطار والجفاف في انخفاض المحصول بنسبة 60% إلى 70%.
ويقول عبد الأحد كريم أحد مزارعي الزعفران في ولاية هرات للجزيرة نت “لقد حصدت 450 كيلوغراما من الزعفران العام الماضي، لكن هذا العام لم تصل جميع المحاصيل إلى 100 كيلوغرام من الزعفران، كان مستوى محصول الزعفران هذا العام منخفضا للغاية وخسرنا، ماذا أستفيد من ارتفاع الأسعار وأنا لا أملك الزعفران وكثيرون مثلي يعربون عن خيبة أملهم في الاستثمار في هذا القطاع”.
وتنتج ولاية هرات سنويا 95% من الزعفران، وصدرت في السنوات الماضية ما يقرب من 18 إلى 20 طنا من الزعفران النقي للأسواق العالمية والمحلية، لكن المسؤولين في دائرة الزراعة في هرات يقولون إن الحد الأقصى لحصاد الزعفران النقي قد لا يتجاوز 10 أطنان هذا العام.
وتعترف السلطات المحلية في ولاية هرات غربي أفغانستان بمشاكل تجار الزعفران والمزارعين.
ويقول الملا باتشا إسلاميار للجزيرة نت “إننا نحاول توفير التسهيلات اللازمة لتصدير الزعفران وإن رجل أعمال صيني أبدى استعداده للاستثمار في هذا القطاع”.
المصدر : الجزيرة