طهران – بعد مضي أكثر من 6 أعوام على إقرار البرلمان الإيراني قانونا يتيح للحكومة الاقتراض الخارجي لتجاوز الأزمة المالية كشف مسؤول إيراني عن موافقة الحكومة الروسية على منح قرض حكومي بقيمة 5 مليارات يورو لتمويل المشاريع الاقتصادية في بلاده.
وأوضح المدير التنفيذي لشركة إنتاج الطاقة الكهروحرارية بهنام خائفي نجاد أن الموافقة الروسية على منح طهران قرضا جاءت في إطار معاهدات التعاون الثنائي، وأن الجانبين الإيراني والروسي اقترحا مشاريع مشتركة داخل إيران لتمويلها من القرض المذكور.
والقرض الروسي الأخير لم يكن فريدا من نوعه، إذ أفادت وسائل إعلام إيرانية عام 2017 عن منح الحليف الروسي قرضا بقيمة 2.1 مليار يورو لتمويل مشروع اقتصادي بمحافظة هرمزكان، كما مولت روسيا مشروعا آخر بقيمة 2.1 يورو عام 2018 في محافظة سمنان (وسط إيران).
قروض وتعاون
من ناحيته، كشف غلام علي رحيمي مساعد مكتب القروض في وزارة الاقتصاد الإيرانية في تصريح لإذاعة “كفت وكو” الإيرانية عن التوصل إلى اتفاق لمنح موسكو طهران قرضا آخر بقيمة 5 مليارات يورو، فضلا عن المفاوضات المستمرة للحصول على قرض تجاري ثالث.
في السياق، يرى رئيس تحرير صحيفة “طهران تايمز” علي أكبر جناب زاده أن القرض الروسي الأخير ليس سوى حلقة من سلسلة التعاون الإستراتيجي بين البلدين، وأن الجانبين الإيراني والروسي في طريقهما لتمويل مشاريع مشتركة أخرى في الداخل الإيراني.
وأشار جناب زاده -في حديثه للجزيرة نت- إلى العقوبات الغربية المفروضة على كل من طهران وموسكو، معتبرا أن التعاون المالي بينهما يصب في مصلحة الدولتين اللتين تتعرضان لضغوط أميركية، مستدركا أن بلاده هي الأكثر تأثرا بالحصار المالي الغربي، وهذا ما يؤكد ضرورة الاقتراض من الحلفاء لمواجهة الحصار المالي المفروض على طهران.
واعتبر التعاون المالي بين إيران وروسيا يرمي لإبطال مفعول العقوبات المالية الأميركية على طهران بالدرجة الأولى، مؤكدا أن السوق الإيرانية تمثل في المقابل فرصة كبيرة لدعم الاقتصاد الروسي في مواجهة العقوبات الغربية.
مواجهة العقوبات
وشدد جناب زاده على عزم بلاده تحرير تعاونها التجاري مع بعض الدول الأخرى -ولا سيما روسيا- من الدولار الأميركي، معتبرا أن الإعلان عن التعاون المالي المشترك بين طهران وموسكو يبعث رسالة بعدم استعجال إيران للتوصل إلى اتفاق نووي من خلال مفاوضات فيينا، وأنه لم يعد بإمكان الولايات المتحدة التلاعب بورقة العقوبات المالية للضغط على خصومها.
وختم جناب زاده بالقول إن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي تولي الأهمية الكبرى للتوجه نحو الشرق -ولاسيما الصين وروسيا ودول الجوار، وإن تجربة عقد الاتفاقيات الإستراتيجية طويلة المدى يمكن أن تتكرر بين طهران والدول الآسيوية الأخرى.
والإعلان عن موافقة روسيا منح إيران قروضا بقيمة مليارات اليورو يأتي بالتزامن مع تخطيط طهران لتنفيذ مشاريع مشتركة أخرى بالتعاون مع حلفائها الشرقيين.
وفي هذا السياق، كشف المدير التنفيذي لشركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية سياوش أمير مكري عن عزم بلاده التعاون مع الصين وروسيا لإنشاء عدة مطارات دولية على مستوى عالمي بما يتناسب مع حاجة البلاد المستقبلية.
وفي تصريحات أدلى بها للصحفيين أوضح مكري أن المطارات الموجودة في إيران تلبي احتياجات خطوطها الجوية حتى 15 سنة قادمة، وأن التعاون مع الصين وروسيا يستهدف إنشاء عدة مطارات خلال 25 عاما.
نهر إيران
ويعول الإيرانيون على روسيا للمساعدة في النهوض باقتصادهم الوطني من خلال مد قناة “رود إيران” (تعني نهر إيران) التي من المفترض أن تربط بحر قزوين في أقصى الشمال الإيراني بالمياه الخليجية في أقصى مناطقها الجنوبية.
ويرى مراقبون في إيران أن مشروع شق قناة مائية بين بحري عمان وقزوين سيساهم إلى حد بعيد في تحقيق المصالح الجيوإستراتيجية والجيواقتصادية على حد سواء، إلا أن هناك من يرى في المشروع ضرورة لا بد منها في ضوء الجفاف التي تعاني منه البلاد منذ عقود.
ولاحتواء دائرة الاحتجاجات على شح المياه قام الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو بتوقيع اتفاق بقيمة 15 مليار دولار لبناء محطات نووية لتحلية المياه في بلاده، ولا سيما في المناطق الصحراوية التي من المقرر أن تمر قناة “رود إيران” منها.
ورغم الفائدة المتوقعة جراء استحداث ممر بحري لنقل البضائع من المحيط الهندي إلى البحر الأسود فإن خبراء الاقتصاد يشددون على ضرورة رفع كفاءة شبكة السكك الحديدية وتطويرها للنهوض بقطاع النقل بين ميناء جابهار على الضفة الشمالية من بحر عُمان وميناء آستارا على مياه بحر خزر.
وفي السياق، أعلن وزير الاقتصاد الإيراني إحسان خاندوزي عن تمويل صفقة شراء ألفي قاطرة من روسيا عبر القرض الروسي.
من ناحيته، حث مدير جمعية الصداقة الإيرانية الروسية أمير محمود زاده -في حديث للقناة الأولى بالتلفزيون الإيراني- على استقطاب رؤوس الأموال الروسية لتكميل مشاريع سكك الحديد بين ميناءي جابهار وآستارا.
المصدر : الجزيرة