تعثرت الإجراءات الحكومية الأخيرة في العراق لوضع حد للارتفاع المتزايد في أسعار السلع الاستهلاكية ومواد البناء فيالسوق المحلية، والتي وصلت إلى معدلات قياسية، خاصة المستوردة منها. وفيما هبطت القدرة الشرائية للمواطنين، بدأت قوى سياسية تتنافس على تقديم وعود بخفض الأسعار، ما اعتبره مراقبون مجرد “كلام سياسي”.
وأمس الأربعاء، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى معاقبة كلّ من يحاول رفع أسعار السوق، ما دفع الكتلة الصدرية إلى التعهد، عقب ذلك، بمراقبة الأسعار ودعم المنتج المحلي.
وقال نائب رئيس الكتلة البرلمانية حسن الكعبي، في مؤتمر صحافي: “ستكون لنا جولة في دعم المنتج المحلي والصناعة الوطنية ومراقبة ومتابعة المؤسسات المعنية بمراقبة أسعار السلع والمنتجات الغذائية التي تمس قوت المواطن، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين الفاسدين من الحكومات السابقة والحالية، وبصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الحزبية أو العرقية، من خلال عمل اللجان النيابية المختصة في سبيل تحقيق مشروع الإصلاح والقضاء على الفساد”.
كذا، وعد ائتلاف “دولة القانون” بزعامة “نوري المالكي”، أيضا، بتحرك برلماني لخفض الأسعار. النائب عن الائتلاف جاسم العلوي أكد أن نواب كتلته سيتخذون إجراءات للحد من ارتفاع الأسعار، وقال، في تصريح صحافي، إن “السوق العراقية تشهد مزاجية في الأسعار وارتفاعها بين حين وآخر، تحت حجج عديدة ووسط غياب شبه تام للدور الحكومي في حماية المستهلك، خصوصا بعد سياستها في رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي”.
ويُقدّر عضو غرفة تجارة بغداد علي الزبيدي نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنحو 20 بالمائة والإنشائية كالإسمنت وحديد التسليح ومواد البناء الأخرى بأكثر من 30 بالمائة، عازيا ذلك إلى تخفيض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار، وعدم سيطرة الحكومة على رفع الأسعار، وإضافة التاجر ما يدفعه من عمولات ورشى لنقاط التفتيش وموظفي التخليص في المنافذ على السعر النهائي للبضاعة.
ويضيف أن “هناك مسؤولية مشتركة بين التاجر والحكومة في ارتفاع الأسعار، الذي وصل أيضا إلى قطاع الأدوية والاستشفاء”، معتبرا في حديثه مع “العربي الجديد” أن “الوعود السياسية بخفض الأسعار، أو تغيير سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، لا تعدو كونها تصريحات سياسية”.
وشدد على ضرورة أن “يبتعد السياسيون عن إطلاق تلك الوعود، التي لا تهدف في حقيقتها لتحقيق مصلحة الشعب، بقدر ما هي تصريحات للكسب السياسي”.
وكان البنك المركزي العراقي قد نفى في وقت سابق ما تعد به بعض القوى السياسية من رفع قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، مؤكدا أن الملف مرتبط بالبنك حصرا دون غيره.
يشار إلى أن حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اعتمدت، بداية تشكيلها، سعرا جديدا للصرف بواقع 1450 ديناراً عراقياً للدولار الواحد، بعد أن كان 1220 ديناراً للدولار، ضمن ما وصفتها بالسياسة الإصلاحية للحكومة، ما أثر على أسعار البضائع في السوق المحلية ورفعها.
وقد تم استغلال الملف سياسيا طوال هذه المدة من قبل بعض الأطراف السياسية، لا سيما خلال فترة الانتخابات، وأطلقت وعود برفع قيمة الدينار العراقي وإعادته إلى ما كان عليه، واليوم يثار الملف أيضا ضمن جدل تشكيل الحكومة
العربي الجديد