الحرب الروسية – الأوكرانية بين نبوءة هنتنغتون ووصايا بريجنسكي

الحرب الروسية – الأوكرانية بين نبوءة هنتنغتون ووصايا بريجنسكي

وفقا لمعيار هنتنغتون الحضاري، فإن أوكرانيا بلد متصدع الأركان، ومنقسم داخليا على أسس تاريخية وجغرافية ودينية، حيث يقع غرب أوكرانيا في الزاوية الأوروبية وشرق أوكرانيا والقرم في مدار روسيا الأرثوذكسية.

أصدر المفكر الأميركي صامويل هنتنغتون كتابه “صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي” في العام 1996 متحدثا عن صراعات ما بعد الحرب الباردة التي لن تكون، وفق تقديره، بين الدول القومية واختلافاتها السياسية والاقتصادية، بل ستكون نتيجة للاختلافات الثقافية خلال السنوات القادمة، ووفق رؤيته لمستقبل العالم، فإنه يمكن تقسيمه إلى “حضارات” ثقافية كلية منفصلة، غربية، وأرثوذكسية، وإسلامية، وهندوسية، وما إلى ذلك، على أساس اللغة والثقافة والدين المشتركين.

وتوقع أنه في عالم ما بعد الحرب الباردة، سيكون الصراع متجذرا في هذه الاختلافات الثقافية، مثل الصفائح التكتونية الجيوسياسية، محذرا من أن “خطوط الصدع بين الحضارات ستكون خطوط معركة المستقبل”.

صدام حضارات

توفي هنتنغتون في العام 2008 بحيث لم يتمكن من متابعة رؤيته بشأن أوكرانيا وهي تحدث على أرض الواقع، وهو الذي طالما حذّر من مخاطر الوضع الأوكراني، وتوقع أن أوكرانيا “يمكن أن تنقسم على طول خط صدعها إلى كيانين منفصلين، شرق يندمج مع روسيا، وغرب يبحث عن موطأ قدم في أوروبا”.

لا يقبل الغرب إلا بروسيا تابعة ورغم تعهداته بعدم الاقتراب للضغط على موقعها، إلا أن الواقع شهد إنقلابا على ذلك

وفي رؤية أقرب إلى النبوءة، تحدث هنتنغتون عن طبيعة الصراع في أوكرانيا مستبقا النزاع المسلح الذي انطلق في العام 2013 ويشهد حاليا فصله الأكثر دموية، وهو ينقل عن جنرال روسي أكد له في عام 1992 أن أوكرانيا أو بالأحرى أوكرانيا الشرقية ستعود في غضون 5 أو 10 أو 15 عاما، بينما أوكرانيا الغربية يمكن أن تذهب إلى الجحيم،  إذ أن أوكرانيا ذات التوجه الغربي لن تكون قابلة للحياة إلا إذا حظيت بدعم غربي قوي وفعال. مثل هذا الدعم، بدوره، من المرجح أن يأتي فقط إذا تدهورت العلاقات بين الغرب وروسيا بشكل خطير وأصبحت تشبه تلك التي كانت في الحرب الباردة.

حاول هنتنغتون أن يحيد بهذه النبوءة عن موقعها القابل للتصديق، وقال “إذا كانت الحضارة هي الأهم، فإن العنف بين الأوكرانيين والروس أمر غير محتمل”. وأضاف “بدلا من ذلك السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن تظل أوكرانيا موحدة، وتظل متصدعة، وتظل مستقلة، وتتعاون بشكل وثيق مع روسيا بشكل عام، فالمنهج الحضاري السليم هو ذلك الذي يشجع على التعاون بين روسيا وأوكرانيا على عكس النظريات الواقعية المنافسة التي تنذر بالصراع”.

على أرض الواقع، تأكدت نظرية هنتنغتون حول صدام الحضارات في تلك المنطقة المهمة من العالم حيث كانت العلاقات بين روسيا وأوكرانيا غارقة في الكراهية خلال القرون الماضية، وهو ما انعكس على الوضع الأوكراني الداخلي، لقد جادل المفكر الأميركي المحافظ فكرة أن الانقسام المحتمل بين السلاف الأوروبيين في غرب أوكرانيا والروسو – سلاف في شرق أوكرانيا لن يكون نتيجة للاستقطاب العرقي.

وتعرضت أوكرانيا إلى حقبات طويلة من الهيمنة الأجنبية، من قبل المغول والليتوانيين والبولنديين، وفي أجزاء مختلفة من أراضيها انتشر النمساويون والهنغاريون والرومانيون وتتار القرم والأتراك. ومع ذلك، يبدو أن الروس وحدهم من قُدّر لهم أن يتعرضوا للكراهية الشديدة من قبل المثقفين القوميين الأوكرانيين منذ أوائل القرن التاسع عشر، وبالمقابل، يشعر الروس بأن الأوكران غير غرباء عنهم، وإنما هم فرع من الشجرة الروسية الكبرى.

لبوتين رأي مختلف

في الثاني عشر من يوليو 2021 نشر مقال للرئيس فلاديمير بوتين بعنوان “حول الوحدة التاريخية للروس والأوكرانيين” أكد فيه أن “الروس والأوكرانيين كانوا على مدى قرون شعبا واحدا، كلا واحدا”. وبحسب المقال فالروس والأوكرانيون والبيلاروسيون “جميعهم من نسل روسيا القديمة… مرتبطون معا بلغة واحدة (والتي نشير إليها الآن بالروسية القديمة)، والروابط الاقتصادية، وحكم أمراء سلالة روريك، وبعد معمودية روس – الإيمان الأرثوذكسي”، واعتبر أن اللغة والاقتصاد والتاريخ والدين المشترك تظل القوى المهيمنة التي تحدد القواسم المشتركة بين ثلاثة شعوب مقسمة إلى ثلاث دول قومية (روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا) والتي تضم ما كان هنتنغتون يطلق عليه حضارة واحدة.

تاريخيا، سمح سقوط القسطنطينية أمام الأتراك العثمانيين في العام 1453، لأمير موسكو إيفان الرابع المعروف باسم إيفان الرهيب، بتولي اللقب الإمبراطوري للقياصرة الشرقيين الذين سقطوا، ومن خلال سلطة الارتباط على الإمبراطورية البيزنطية التقليدية أصبحت للقادة الروس المتعاقبين القدرة على المطالبة بقيادة الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. وفي عام 1746 أصبح شبه جزيرة القرم  جزءا من إمبراطورية الملكة كاترين العظيمة وذا أهمية تاريخية كبيرة بالنسبة إلى موسكو.

وخلال الحرب العالمية الثانية، مثّلت معركة مدينة سيفاستوبول الساحلية بالقرم مواجهة رئيسية ضد تقدم النازيين، فمن هناك أوقفت البحرية السوفييتية التقدم العسكري للنازيين من الجنوب، لقد كان انتصارا عسكريا عظيما في التاريخ الروسي هو الانتصار على الأسطول النازي في سيفاستوبول التي تحتل مع شبه جزيرة القرم بشكل عام مكانة مقدسة ضمن الأحداث العسكرية التاريخية الروسية.

وفي عام 1991 أصبحت سيفاستوبول مدينة أوكرانية بعد استقلال أوكرانيا، وفي عام 1997 وقعت أوكرانيا مع روسيا اتفاقية تتمكن روسيا بموجبها من إدارة القواعد البحرية بالمدينة، لتكون بذلك نافذتها الأساسية على البحر الأسود، لكن تراجع السلطات الأوكرانية الموالية للغرب على ذلك الاتفاق بعد الإطاحة بالسلطات الموالية لموسكو، دفع نحو النزاع الذي جعل روسيا تعلن ضم القرم إليها كضمانة لأمنها القومي ولحركة أسطولها البحري.

حركة أوزوف تتولى إدارة معسكر لتدريب الأطفال على القتال، هذا الأمر يعد طبيعيا تحت غطاء مواجهة الغرب مع روسيا

لقد أثرت التداخلات والتجاذبات والصراعات في المنطقة على الوضع الجيوسياسي ككل. لا يقبل الغرب الليبيرالي إلا بروسيا تابعة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ورغم تعهدات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بعدم الاقتراب للضغط على موقع الاتحاد الروسي، إلا أن الواقع شهد انقلابا على ذلك بضم أغلب الدولة المنبثقة عن الاتحاد السوفييتي السابق إلى الناتو، وبدأ الاقتراب من موسكو من خلال الصراع داخل أوكرانيا المنقسمة بين شرقها المرتبط ثقافيا وحضاريا بروسيا والموالي لها، وبين الغرب المندفع للتحرر من الإرث التاريخي والباحث عن مكانة له في الاتحاد الأوروبي وفي حلف الناتو، ومن بين حركاته النشطة ما يسمى بـ”الميليشيا الوطنية”، وهي مجموعة قومية متطرفة تم تشكيلها حديثا تتعهد باستخدام القوة لفرض النظام.

ولا يمكن التنكر لعدد من الحقائق المهمة، ومنها وجود الميليشيا الوطنية من حركة آزوف، وهي واحدة من 30 كتيبة متطوعة ممولة من القطاع الخاص، والتي ساعدت الجيش النظامي منذ العام 2014 على الدفاع عن الأراضي الأوكرانية ضد ما تصفهم بالانفصاليين الموالين لروسيا، على الرغم من أنها تستخدم رمزية الحقبة النازية وتقوم  بتجنيد النازيين الجدد في صفوفها.

وعندما ضمت روسيا جزيرة القرم، تدخلت الميليشيات اليمينية مثل آزوف والقطاع الأيمن لمواجهة الانفصاليين الموالين لموسكو بينما أعاد الجيش الأوكراني تنظيم صفوفه، ثم تم دمجها رسميا في القوات المسلحة النظامية. ووفق المنظمات الحقوقية فإن حركة أوزوف مثلا تتولى إدارة معسكر لتدريب الأطفال على القتال، وهذا الأمر يعد طبيعيا تحت غطاء مواجهة الغرب مع روسيا، لكنه يذكّر بالاعتماد في مناسبات عدة على جماعات إرهابية في إدارة الصراعات.

ووفقا لمدير مشروع أوكرانيا في فريدوم هاوس ماثيو شاف “توجد العديد من الجماعات اليمينية الراديكالية المنظمة في أوكرانيا، وبينما تم دمج كتائب المتطوعين رسميا في هياكل الدولة، فإن بعضها قد نسج منذ ذلك الحين الهياكل السياسية وغير الهادفة للربح لتنفيذ رؤيتها”. وأشار شاف إلى أن “زيادة الخطاب الوطني الداعم لأوكرانيا في صراعها مع روسيا قد تزامنت مع زيادة واضحة في خطاب الكراهية العام من قبل المسؤولين الحكوميين وتضخيمه من قبل وسائل الإعلام، وكذلك العنف تجاه الفئات الضعيفة مثل مجتمع المثليين”، وهي ملاحظة تدعمها دراسة حديثة لمجلس أوروبا.

 الغرب ينقض تعهداته

بحسب معهد ريسبابليكا، وهو منظمة غير حكومية محلية مؤيدة للديمقراطية، فإن النشطاء  في كييف كثيرا ما يتعرضون لمضايقات من قبل الشرطة عند عقد اجتماعات قانونية أو تجمعات تتعلق بالمواقف المثيرة للجدل سياسيا، مثل تعزيز حقوق مجتمع الميم أو معارضة الحرب، وقد هاجمت حركة آزوف وميليشيات أخرى  المظاهرات المناهضة للفاشية واجتماعات مجلس المدينة ووسائل الإعلام والمعارض الفنية والطلاب الأجانب والغجر.

وفي مارس 2018 مثلا، أدت الهجمات الوحشية التي استهدفت مسيرات اليوم العالمي للمرأة في العديد من المدن الأوكرانية إلى إصدار بيان قوي بشكل غير عادي من منظمة العفو الدولية، حذرت فيه من أن “الدولة الأوكرانية تفقد احتكارها للعنف بسرعة”، لكن أغلب المراقبين يرون أن السلطات الحاكمة في كييف تخضع لسيطرة تلك الجماعات التي تستقوي بدورها في محاولة إحداث توازنات داخل المجتمع المنقسم على نفسه، ولو بقمع المختلفين عرقيا وثقافيا ومناطقيا وسياسيا، مع الاعتماد على ضوء أخضر غربي يفيد بأن الإرهاب إذا استهدف روسيا في أوكرانيا ليس إرهابا، تماما كما كان الوضع مع الإرهاب الذي استهدف الاتحاد السوفييتي ولا يزال العالم يدفع فاتورة احتضانه في أفغانستان إلى اليوم.

حرب عصابات

تدريب الأطفال على القتال

في ذات الوقت لا بد من الإشارة إلى الدعم الذي تجده الميليشيات المعادية لموسكو في غرب أوكرانيا تمهيدا لتوظيفها في حرب طويلة المدى. وتحدث زبيغنيو بريجنسكي المفكر الاستراتيجي وراسم سياسيات واشنطن من خلال موقعه كمستشار للأمن القومي لدى الرئيس الأميركي جيمي كارتر بين عامي 1977 و1981، أنه يجب على الولايات المتحدة أن تقدم حجة ذات مصداقية بأن الغرب سيدعم أوكرانيا في حرب عصابات طويلة في المناطق الحضرية للقتال من أجل استقلالها. وأضاف أنه إذا قرر بوتين الغزو، فسيكون خيار الأوكرانيين إما الاستسلام أو القتال على غرار حرب العصابات في مدنهم، وهو صراع يمكن أن ينتشر إلى أجزاء أخرى من الاتحاد السوفييتي السابق ولاسيما مولدوفا، مرجحا أن الحرب في أوكرانيا، بدعم من الغرب، من المحتمل أن تشبه من نواح كثيرة الحرب الأهلية الإسبانية في الثلاثينات.

وحول حاجة الولايات المتحدة للنظر في توفير الأسلحة لحرب عصابات طويلة في المدن من قبل الأوكرانيين، قال بريجنسكي قبل سنوات “بالنسبة إلى الروس، لن يكون الأمر مكلفا وطويل الأمد إلا إذا قاتل الأوكرانيون. لن يقاتل الأوكرانيون إلا إذا اعتقدوا أنهم سيحصلون في النهاية على بعض المساعدة من الغرب، لاسيما في نوع الأسلحة التي ستكون ضرورية لشن دفاع ناجح. إنهم لن يهزموا الروس في الحقول المفتوحة، حيث تتحرك الآلاف من الدبابات”. وأضاف “سوف يهزمونهم بطريقة واحدة فقط: المقاومة الحضرية المطولة… ثم تصبح الحرب مكلفة. ثم تتصاعد تكاليفها الاقتصادية بشكل كبير بالنسبة إلى الروس، ثم تصبح الحرب عقيمة سياسيا. ولكن لتتمكن من الدفاع عن مدينة، يجب أن تكون لديك أسلحة محمولة مضادة للدبابات، ويجب أن تكون لديك صواريخ محمولة، ويجب أن يكون لديك بعض التنظيم”.

وتتضح رؤية بريجنسكي في صورة الدفع نحو الحرب التي يراد لروسيا التورط فيها على غرار غزو الاتحاد السوفييتي لأفغانستان، واليوم هناك تحركات واضحة لنقل كل من يكنّون العداء لموسكو ومن بينهم الجماعات الجهادية الإسلامية في شمال سوريا وغيرها إلى أوكرانيا لخوض حرب استنزاف الاتحاد الروسي وللقضاء على نظام بوتين، وهذا المخطط ليس جديدا وإنما كان جزءا من مخطط الصراع الذي اندلع مع بدايات “ثورات الربيع العربي” للسيطرة على مراكز النفوذ في المنطقة العربية وتحويلها إلى مساحات لحكم الإسلام السياسي الموالي للغرب والمعادي للقوى الصاعدة وأهمها روسيا والصين.

وفي مقاله، سالف الذكر، قال بوتين إن الغرب يعتزم تحويل أوكرانيا إلى دولة معادية لروسيا، ونقطة انطلاق مناهضة لها، وحاجزا بين روسيا وأوروبا. وهذا يعكس الخطط التي وضعها في الماضي “الأيديولوجيون البولنديون النمساويون” الذين كانوا ينوون خلق “روس مناهض لموسكو”. ويتعارض هذا مع مصالح الأمة الأوكرانية، التي استغلت من قبل بولندا والنمسا والمجر وألمانيا النازية في الماضي، و”استخدمت بشكل ساخر” مرة أخرى في عام 2014.

ويضيف بوتين أن المشروع “المناهض لروسيا” يؤدي إلى عسكرة أوكرانيا (بما في ذلك توسيع البنية التحتية لحلف شمال الأطلسي على أراضيها) ويعتبرها محمية للقوى الغربية. وبالتالي فإن هذا المشروع ينكر سيادة أوكرانيا الحقيقية.

ويُنظر إلى “الملايين من الأشخاص” الذين يرفضون هذه الخطة “المعادية لروسيا” على أنهم عملاء لموسكو، يتعرضون للاضطهاد أو حتى القتل فقط أولئك الذين يكرهون روسيا يعتبرون “النوع المناسب من الوطنيين”. هذا يعني أن الدولة الأوكرانية تُبنى على الكراهية، وهذا أساس هش للغاية للسيادة، مثقل بمخاطر هائلة، وفق نص المقال.

لقد تحول صدام الحضارات الذي تحدث عنه هنتنغتون إلى مبرر لصراع أشمل في أوكرانيا بالاعتماد على استغلال التباينات الحضارية للتضييق على روسيا التي لا يمكن إجبارها على التخلي عن نزعتها الإمبراطورية ولا عن سيادتها الإقليمية على ثمن مساحة العالم، وجاءت قراءة بريجنسكي لتؤكد أن المواجهة تم التخطيط لها سلفا، لكن أوكرانيا التي كانت سبّاقة في 2003 لإرسال قواتها لغزو العراق تنفيذا لمشروع أميركي من خارج مجلس الأمن، تجد اليوم نفسها تقاتل وحيدة على الميدان، وفي ذات الوقت، تتهاطل عليها الأسلحة بما في ذلك الفتاكة منها، من مختلف الدول الحليفة، مع مؤشرات تحذر من أن تتحول هزيمة روسيا إلى مشروع حرب تتجاوز إطارها الإقليمي ينخرط فيها الإرهابيون الذين سيخوضون الصراع باسم الحرب ضد روسيا والثأر من بوتين بما في ذلك العرب ما سيطلق عليهم اسم “الأوكرانيون العرب” كما كان الأفغان والبوسنيون العرب

الحبيب الأسود

صحيفة العرب