كانت “مكافحة الإرهاب”من قضايا الأمن الدولي القليلة، التي يمكن للغرب وروسيا العمل معاً بشأنها على مدى أكثر من عقدين في الأمم المتحدة، ولكن الغزو الروسي لأوكرانيا وجه ضربة قاصمة للنظام الدولي القائم على القواعد منذ الحرب العالمية الثانية، وفقاً للمسؤول الأمريكي السابق إريك روزاندا والأستاذ المساعد في كلية إليوت للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، أليستر ميلار، في مقال مشترك نشره موقع “ذا هيل”.
ذا هيل: الغزو الروسي لأوكرانيا وجه ضربة قاصمة للنظام الدولي المتعدد الأطراف
وبحسب ما ورد، ركز المحللون وصناع السياسات إلى حد كبير على معرفة الآثار المترتبة على المؤسسات المتعددة الأطراف وطريقة استجابتها للغزو، حيث ضاعف الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) دعمهما لأوكرانيا من خلال تطبيق عقوبات غير مسبوقة ضد موسكو كما تصارعت المنظمات الأممية والدولية، ومن بينها منظمة التعاون وصندوق النقد والأمم المتحدة، بشأن كيفية الرد عندما ينتهك أحد أعضاء مجلس الأمن بشكل صارخ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وأشار الكاتبان إلى تحذير سفير كينيا لدى الأمم المتحدة من أن التعددية باتت على “فراش الموت”، وقالا إن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا ليست واضحة على النظام المتعدد الأطراف حتى الآن، ولكنها ستكون كبيرة جداً بشكل خاص فيما يتعلق بمعالجة التهديدات والتحديات العالمية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب.
ذا هيل: الإجماع الدولي بشأن مكافحة الإرهاب جاء بعد تقديم تنازلات من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا
ولاحظ روزاندا، وهو مسؤول كبير سابق في مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية، وميلار، الذي يشارك في مبادرة “تأمين المستقبل” المهتمة بممارسات مجلس الأمن لمكافحة الإرهاب، أنّ “مكافحة الإرهاب” كانت من القضايا القليلة التي يمكن التوصل فيها إلى إجماع بين الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، ولكن الاتفاق حصل بعد تنازلات من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بسبب وجهات نظر روسيا المختلفة بشأن مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، بمشاركة الصين.
وفي الواقع، أشار نشطاء حقوق الإنسان إلى أن بعض الدول كانت تتلاعب بقضية “مكافحة الإرهاب” من أجل استهداف المعارضة وخنق حرية التعبير، كما تمت الإشارة إلى استغلال بعض الدول لنظام مجلس مكافحة الإرهاب، الذي يترك لكل دولة تحديد من هو “الإرهابي” و”غير الإرهابي”.
وفي عام 2021، أصبحت النرويج أحدث حكومة ديمقراطية تلفت الانتباه إلى الممارسات السيئة باسم مكافحة الإرهاب، ووفقاً للمقال، قالت النرويج إنها قلقة للغاية بشأن إساءة استخدام تدابير مكافحة الإرهاب لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين والأقليات الدينية أو العرقية، ولكن مندوب روسيا تجاهل مخاوف النرويج ، وحذر من أن المجلس يولي الكثير من الاهتمام لجوانب حقوق الإنسان في مكافحة الإرهاب على حساب ضمان الأمن.
وعلى الرغم من اختلاف “وجهات النظر” بشأن مكافحة الإرهاب بين الدول الغربية من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، إلا أن إجماع مجلس مكافحة الإرهاب نجا من تداعيات الغزو الروسي لجورجيا وشبه جزيرة القرم ودعم موسكو لنظام الأسد في سوريا، ولكن بأي ثمن؟.
وبالنسبة لروزاندا وميلار، فإن الإجابة السليمة للخروج من هذا المأزق، هي ضرورة التركيز على المنظمات الإقليمية والتحالفات المتسقة متعددة الأطراف والجهات الفاعلة المحلية للتعامل مع التهديدات الإرهابية، وقالا إنه بالنظر إلى البيئة الجيوسياسية الحالية، فإنه من الأفضل الابتعاد عن روسيا في قضية “مكافحة الإرهاب”، لكي تكون أكثر فاعلية ومبدئية.
القدس العربي