تعتمد حرب فلاديمير بوتين على الأموال، التي تحصل عليها روسيا من بيع الوقود الأحفوري إلى أوروبا، وبينما صدت أوكرانيا، بشكل لا يصدق، محاولة موسكو للاستيلاء على كييف، إلا أنه لن يتم إيقاف بوتين بشكل نهائي حتى تنهي أوروبا اعتمادها على الطاقة، وفقاً للكاتب بول كروغمان في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.
كروغمان: التصرفات الألمانية بشأن الاعتماد على الغاز الطبيعي من روسيا هي دليل على النفاق الألماني
واستنتج كروغمان، ايضاً، أن ألمانيا أصبحت في الواقع أداة التمكين الرئيسية لبوتين، مشيراً إلى إصرار قادة البلاد ورجال الأعمال على عدم القدرة على الاستغناء عن الغاز الطبيعي الروسي، على الرغم من عدم موافقة العديد من الاقتصاديين على ذلك.
ووصف الكاتب التصرف الألماني بالعار، وقال إنه دليل على النفاق الألماني الحديث، وبحسب ما ورد، فقد تم تحذير ألمانيا منذ عقود من مخاطر الاعتماد على الغاز الروسي ولكن قادتها، الذين ركزوا على الفوائد قصيرة المدى للطاقة الرخيصة، تجاهلوا هذه التحذيرات.
وليس هناك أي شك في أن قطع تدفق الغاز أو حتى تقليله بشكل كبير سيكون مؤلماً، ولكن العديد من التحليلات الاقتصادية، ومن بينها دراسات لوكالة الطاقة الدولية ومعهد بروغل، قد وجدت أن آثار التخفيض الكبير لواردات الغاز من روسيا لن تكون كارثية على الإطلاق على ألمانيا.
قطع تدفق الغاز سيكون مؤلماً ولكن آثار التخفيض الكبير للواردات لن تكون كارثية
وأشار صاحب المقال إلى تصريح واضح لمجلس خبراء الاقتصاد في ألمانيا بأن فرض حظر على الغاز الروسيسيكون صعباً ولكنه “ممكن”، وقد اقترحت التقديرات السيئة بأن فرض الحظر من شأنه أن يقلل الناتج المحلي الحقيقي لألمانيا بنسبة 2.1 في المئة.
وأشار الكاتب إلى مزاعم العديد من رجال الصناعة في ألمانيا بأن حظر الغاز سيكون كارثياً وقال إن الصناعيين الأمريكيين في عام 1990 أصدروا تحذيرات خاطئة مشابه ضد سياسات تقليل المطر الحمضي، وقالوا إنها ستكلف مليارات الدولارات وستؤدي إلى تدمير اقتصاد الغرب الأوسط، ولكن لم يحدث أي شيء من ذلك، وفي الواقع، أدت القواعد الجديدة إلى الكثير من الفوائد الصحية بتكلفة مالية متواضعة.
حرص ألمانيا الشهير على التعامل مع السياسة الاقتصادية على أنها لعبة أخلاقية ينطبق فقط على الدول الأخرى
وانتقد مقال “نيويورك تايمز” المستشار الألماني أولاف شولتز، ولاحظ أنه انحاز إلى دعاة الذعر، مشيراً إلى أنه اعترف، على مضض، بضرورة “القيام بشيء ما” بعد الكشف عن الفظائع الروسية في أوكرانيا.
وتحدث الكاتب عن التناقض بين إحجام ألمانيا الحالي عن تقديم تضحيات معتدلة، حتى في مواجهة جرائم الحرب المروعة، والتضحيات الهائلة التي طالبت بها ألمانيا الدول الأخرى أثناء أزمة الديون الأوروبية قبل عقد من الزمن.
وقال إن ألمانيا كانت مستعدة لفرض كارثة اقتصادية على دول جنوب أوروبا، ولكنها لم تكن راغبة في فرض تكاليف أقل بكثير على نفسها.
وخلص كروغمان إلى أن حرص ألمانيا الشهير على التعامل مع السياسة الاقتصادية على أنها لعبة أخلاقية ينطبق فقط على الدول الأخرى.
القدس العربي