تحت عنوان “إيران قد تحصل على ما تريد في النهاية من معركة الصراع على السلطة في بغداد”، قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير لمراسلها لشؤون الشرق الأوسط مارتن شولوف، إن حصار البرلمان وعدم تشكيل حكومة بعد تسعة أشهر من الانتخابات وحرب بين كتلة محلية وجماعات وكيلة عن إيران، هي أمور ليست جديدة بالنسبة للعراقيين. ولكن المراقبين يرون أن المواجهة بين التيار الذي يقوده مقتدى الصدر والجماعات الموالية لإيران تبدو أعقد وأكثر استعصاء على الحل من مواجهات سياسية سابقة.
ويؤكد الكاتب أنه من منطقة الأكراد في شمال البلاد إلى الأنبار في الغرب والمجتمعات الشيعية في الجنوب لا يبدو هناك أمل بظهور حكومة من الصراع على السلطة، قادرة على تمثيل مصالح السكان وحل مشاكلهم. ويقول إن هناك عدة إشارات من أن إيران ستحصل على ما تريد من حرب الاستنزاف المنهكة الحالية، مما سيعطيها القوة للسيطرة على المؤسسات الرئيسية في هذه الدولة الضعيفة وفرض شروطها بطريقة غير مسبوقة.
المراقبون يرون أن المواجهة بين التيار الصدري والجماعات الموالية لإيران تبدو أعقد وأكثر استعصاء على الحل من مواجهات سياسية سابقة
ويشير إلى أنه في مدينة إربيل في منطقة كردستان، التي تطلق عليها الجماعات الوكيلة لإيران المقذوفات الصاروخية، وكان أخرها يوم الثلاثاء، هناك تحول في موقف القادة هناك وانتظار للخطوة المقبلة.
ويذكر أن الإقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي، دعم كتلة مقتدى الصدر الذي يريد الحد من التأثير الإيراني في البلاد. وكان الصدر في عمليات مقايضة بعد الانتخابات بتشكيل حكومة في البرلمان المكون من 329 مقعدا وبالتعاون مع الأحزاب السنية.
ولكن مع فشل محاولات تسمية رئيس، وهي الخطوة الأولى في العملية، بدأ مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان بمناقشة نموذج كونفدرالي لا مركزي، يعمل على سحب السلطات من بغداد ويمنح الاكراد والمناطق الأخرى سلطة على شؤونهم الداخلية.
ولفت الكاتب إلى كلمة ألقاها بارزاني في معهد “تشاتام هاوس” بلندن في نيسان/إبريل، واقترح فيها الكونفدرالية كحل للعراقيين. وكانت تعليقاته خروجا واضحا عن النموذج المركزي الذي روجت له واشنطن حتى وقت قريب، ومنذ الإطاحة بصدام حسين قبل عشرين عاما تقريبا.
وقال إن اهتمام أمريكا بالدفاع عن الديمقراطية في العراق تراجع خلال العام الأول من إدارة بايدن، مما دفع المسؤولين الأكراد للوقوف مع المصالح الإيرانية من أجل تشكيل حكومة في بغداد.
ونقل عن مسؤول كردي بارز قوله إن إيران لديها تأثير في العراق أكبر مما تتمتع به واشنطن، “هناك ثابت مستمر سيظل وسيتفوق على الولايات المتحدة. وكانت نتيجة متوقعة ويمكن منعها. ولم يفهم الصدر إلا بعد 10 أشهر. وقرر التراجع لأنه اكتشف ما رفض قبوله: إيران هنا لتبقى”.
وينوه الكاتب إلى أن الصدر الرابح الأكبر في انتخابات تشرين الأول/أكتوبر أمر نوابه بالاستقالة من البرلمان في الربيع، ولكنه يحتفظ بالقدرة على تجييش وتعبئة الشارع العراقي. وكان يوم الأربعاء ال تذكيرا بقوته، عندما قام مئات من أنصاره بالرقص والغناء في أروقة البرلمان، بعدما هاجموا المنطقة الخضراء.
وقرر الصدر تحريك أنصاره احتجاجا على ترشيح جماعة موالية لإيران وزيرا سابقا وحاكم منطقة، محمد السوداني، ليتولى منصب رئيس الوزراء. ورغم خروجه من البرلمان، إلا أن رجل الدين لا يزال مصمما على تسمية الشخص الذي سيكلف بتشكيل الحكومة.
ويشير الكاتب إلى أن الكتل الموالية لإيران خسرت دعما كبيرا في انتخابات العام الماضي، مما عنى أنها ستخسر التأثير في البرلمان والمؤسسات الأخرى، لكنها قامت في الفترة الماضية باستعادة جزء مما خسرته، وضغطت على معارضيها، وتحديدا الأكراد الذين يريدون بناء صناعة تصدير نفط وغاز منفصلة عن بغداد.
اهتمام أمريكا بالدفاع عن الديمقراطية في العراق تراجع مما دفع المسؤولين الأكراد للوقوف مع المصالح الإيرانية من أجل تشكيل حكومة في بغداد
واستهدفت الهجمات الصاروخية التي أطلقتها الجماعات الوكيلة عن إيران البنى التحتية للغاز، في تحرك فهم على أنه تحذير بعدم الإفراط في التركيز على مصالح الإقليم والعودة إلى التفاوض على المستوى الوطني. وفي الوقت نفسه لم تسمع مناشدات الأكراد في واشنطن، في وقت تحاول فيه إدارة بايدن التوصل لاتفاق مع إيران بشأن العودة للاتفاقية النووية.
وينقل الكاتب في هذا السياق عن مسؤول كردي، قوله إن “مشروع الغاز سيعيد رسم خريطة العلاقات الاقتصادية في الشرق الأوسط”، و”لماذا تسمح به إيران بدون الحصول على مقابل؟ وعلينا أن نكون جادين في التوصل لصفقة معهم وجلبهم إلى الخيمة”.
القدس العربي