مع وقف الدول الأوروبية واردات النفط الروسي بنهاية 2022، في إطار العقوبات على موسكو، عكفت تلك الدول على زيادة وارداتها من دول الشرق الأوسط وأفريقيا.
وتفرض حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تم اعتمادها في يونيو الماضي حظرا كاملا على النفط الخام والمنتجات البترولية المستوردة عبر البحر من روسيا، والتي تغطي 90 في المئة من واردات النفط الحالية من روسيا.
ويخضع الحظر لفترة انتقالية معينة يتم من خلالها التخلص تدريجيا من النفط الروسي، من أجل السّماح لقطاع النفط والأسواق العالمية بالتكيف معه.
ويضخ خط أنابيب دروجبا، الذي ينقل النفط من روسيا إلى أوروبا والذي يعد واحدا من أكبر شبكات خطوط أنابيب النفط في العالم، نحو 800 ألف برميل نفط في اليوم.
ودخلت العقوبات الأوروبية حيز التنفيذ فورا في يونيو الماضي، فيما تستمر الفترة الانتقالية بالنسبة إلى النفط الروسي المنقول بحرا حتى نهاية العام، ومهلة شهرين إضافيين لاستيراد المنتجات البترولية.
تستورد أوروبا حوالي 1.4 مليون برميل من النفط الخام يوميا من الشرق الأوسط بينما تستورد 2.6 مليون برميل من أفريقيا
وبحسب المفوضية الأوروبية، استورد الاتحاد الأوروبي، العام الماضي، ما قيمته 48 مليار يورو (47 مليار دولار) من النفط الخام و23 مليار يورو (22.5 مليار دولار) من المنتجات النفطية المكررة من روسيا.
ورغم أن حزمة العقوبات الأوروبية على روسيا تمنح إعفاء لبعض الدول الأعضاء، إلا أن تلك الدول لن تكون قادرة على إعادة بيع النفط الخام والمنتجات البترولية إلى دول أوروبية أخرى أو دول ثالثة.
ووفق ما ورد في بيان حزمة العقوبات للمفوضية الأوروبية، فإنه “تم الاتفاق على منح المجر استثناء مؤقتا خاصا حتى نهاية عام 2024 نظرا لطبيعتها الجغرافية”.
والمجر دولة حبيسة أي ليس لديها ميناء بحري، لذلك تعتمد على “دروجبا” لاستيراد النفط الروسي الذي يؤمن لها 65 في المئة من حاجتها من النفط.
وجاء في بيان المفوضية الأوروبية أنه “سيكون بمقدور المجر الاستمرار في استيراد النفط الخام والمنتجات البترولية (الروسية) عبر النقل البحري”.
ومع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا شهرها السابع، تنعكس مساعي الاتحاد الأوروبي لتقليص الاعتماد على الخام الروسي المنقول عبر البحر على الأرقام.
فبحسب موقع “فورتكسا” لتتبع شحنات الطاقة، انخفضت حصة روسيا من واردات الاتحاد الأوروبي من النفط الخام المنقول بحراً إلى 10 في المئة بحلول 21 أغسطس الماضي، بينما انخفض اعتماد أوروبا الإجمالي على واردات النفط الروسي إلى 25 في المئة مقارنة بنسبة 40 في المئة كانت قبل حرب أوكرانيا.
وانخفضت صادرات الخام الروسي إلى الاتحاد الأوروبي إلى 1.1 مليون برميل يوميا، أي أقل من المعتاد بمقدار 550 ألف برميل يوميا، فيما يبلغ الخام الكازاخستاني عبر روسيا إلى الاتحاد الأوروبي حاليا 800 ألف برميل يوميا، بانخفاض 140 ألف برميل يوميا.
وتستورد أوروبا حوالي 1.4 مليون برميل من النفط الخام يوميا من الشرق الأوسط، بزيادة 600 ألف برميل يوميا بينما تستورد 2.6 مليون برميل يوميا من أفريقيا، بزيادة قدرها 200 ألف برميل يوميا.
كما تستورد أوروبا 1.54 مليون برميل من النفط الخام المنقول بحراً يوميًا من أميركا الشمالية، بزيادة قدرها 140 ألف برميل، بينما تستورد 600 ألف برميل من أميركا الجنوبية، بزيادة قدرها 240 ألف برميل يوميًا.
وبينما ما تزال المجر ورومانيا تستوردان من روسيا، أنهت دول أوروبية أخرى بشكل أساسي استيراد النفط الخام الروسي المحمول بحراً، بانخفاض 700 ألف برميل يوميا في الأشهر الستة التي سبقت بدء حرب أوكرانيا.
وقال كبير الاقتصاديين في “فورتكسا” ديفيد ويتش إن “التخلي عن 1.1 مليون برميل يوميا المتبقية من النفط الخام الروسي يجب أن يكون سهلا نسبيا، نظرا لوفرة المصادر القريبة، مع احتمال أن تكافح روسيا أكثر للعثور على منافذ بديلة على رأس الهند والصين”.
من جانبه، صرح نيل كروسبي، كبير محللي أويل إكس، أن الصادرات الروسية إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا في أغسطس الماضي، قلت بمقدار 500 ألف برميل يوميا عن المستويات التي لوحظت في يناير الماضي.
رغم أن حزمة العقوبات الأوروبية على روسيا تمنح إعفاء لبعض الدول الأعضاء، إلا أن تلك الدول لن تكون قادرة على إعادة بيع النفط الخام والمنتجات البترولية إلى دول أوروبية أخرى
وأضاف أنه لم تكن هناك أيّ إشارة إلى أن نية التخلص التدريجي قد تغيرت ماديا وهذا يعني أنه يجب توقع حدوث اضطراب كبير في التدفقات التجارية وربما أيضا تقلبات في أسعار النفط في أواخر عام 2022 وأوائل 2023 مع تقدم عملية التخلص التدريجي.
وشدد على “أننا نتوقع ضياع بعض النفط الروسي من السوق، مع تقدم عملية التخلص التدريجي وسيكون هناك حتما بعض التأثير على الأسعار نتيجة لذلك”.
وعلى الرغم من انخفاض واردات النفط الخام المنقولة بحراً من روسيا على النحو المتفق عليه في حزمة العقوبات، فإن صادرات الديزل الروسية إلى الاتحاد الأوروبي آخذة في الارتفاع.
وقال ويتش، كبير الاقتصاديين في “فورتكسا”، “القصة مختلفة للغاية بالنسبة إلى الديزل.. روسيا وحدها مسؤولة عن أكثر من 50 في المئة من الإمدادات الخارجية، ومن الصعب زيادة الكميات من موردين بديلين مثل الولايات المتحدة والشرق الأوسط والهند”.
وتابع “كل هذه الأسواق تقوم بالفعل بإنتاج وتصدير الديزل بمستويات تقترب من المستويات القياسية، لكن الطلب الإقليمي يحد من الكميات المتاحة لأوروبا”.
وبالتالي، فمن المشكوك فيه ما إذا كانت أوروبا ستنجح حقا في التخلي عن واردات الديزل الروسي في الأشهر الأولى من عام 2023.
وتبلغ واردات الاتحاد الأوروبي من الديزل الروسي حاليا نحو 700 ألف برميل يوميا.
وأظهرت بيانات موقع “فورتكسا” أن واردات الديزل من روسيا خلال العام الأخير تجاوزت المصادر غير الروسية بـ220 ألف برميل يوميا، بخلاف حقبة ما قبل كورونا حينما كانت المصادر غير الروسية تفوق الواردات الروسية بـ65 ألف برميل يوميا.
صحيفة العرب