العراق: خلافات داخل “الإطار التنسيقي” بشأن استبدال ترشيح السوداني

العراق: خلافات داخل “الإطار التنسيقي” بشأن استبدال ترشيح السوداني

يواجه تحالف “الإطار التنسيقي”، المظلة الجامعة لعدد من القوى السياسية القريبة من طهران في العراق، خلافات جديدة بين أطراف مختلفة داخله، على خلفية الحوارات المستمرة حيال مسألة تغيير مرشح التحالف لتشكيل الحكومة، محمد شياع السوداني، والتفاوض مع “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، بشأن حكومة العام الواحد، ثم إجراء الانتخابات الجديدة قبل نهاية السنة المقبلة 2023.

جناحان داخل “الإطار التنسيقي”

وقسّمت الخلافات التحالف إلى جناحين؛ الأول يمثله رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، والأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، وزعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم، فيما الثاني يمثله كل من رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي وزعيم تحالف الفتح هادي العامري ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.

ويضغط الجناح الثاني من أجل الوصول إلى تسوية مع “التيار الصدري”، بعيداً عن لغة الغالب والمغلوب وفرض الأمر الواقع، كون ذلك سيؤدي إلى تفاقم الأزمة والعودة إلى صدام الشارع مجدداً.

وتطابقت معلومات ثلاثة أعضاء من تحالف “الإطار التنسيقي”، تحدثوا مع “العربي الجديد”، حول الخلافات المتصاعدة بين قوى “الإطار”.

هناك حراك إيراني بهدف رأب الصدع داخل التحالف ومنع توسع الخلاف

وأكدت المصادر وجود حراك إيراني يمثله زعيم فيلق القدس، الجنرال إسماعيل قاآني، وآخر من خلال “حزب الله” اللبناني عبر القيادي فيه   محمد كوثراني، والذي جرت العادة على تقديمه بصفة ممثل “حزب الله” في العراق، بهدف رأب الصدع ومنع توسع الخلاف الذي بدأ يخرج للعلن من خلال تصريحات ومواقف بعض أعضاء التحالف.

استبدال السوداني أجج خلافات “الإطار التنسيقي”

وقال قيادي بارز في تحالف “الفتح”، بزعامة هادي العامري، لـ”العربي الجديد”، إن “الخلافات داخل التحالف احتدت مع طرح مقترح استبدال السوداني بشخصية أخرى غير مرفوضة من مقتدى الصدر”.

وأوضح القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه “أصرّ كل من نوري المالكي وقيس الخزعلي وعمار الحكيم على المضي بعملية تشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة محمد شياع السوداني، على الرغم من معارضة التيار الصدري لذلك، في خطوة رفضها كل من هادي العامري وحيدر العبادي وفالح الفياض”.

وأضاف المتحدث نفسه أن “العامري والعبادي والفياض، أكدوا على ضرورة حصول تفاهم مع التيار الصدري بشأن الحكومة الجديدة ومن يرأسها قبل أي خطوة لتشكيلها، لمنع الصدريين من أي تصعيد جديد في الشارع، ربما يتطور إلى صدام مسلح، كما حصل في أحداث المنطقة الخضراء الشهر الماضي”.

وبيّن القيادي أن “هذا الأمر أدى إلى خلافات عميقة داخل الإطار التنسيقي، وصلت إلى حد تهديد العامري والعبادي بالانسحاب من التحالف، إذا تم فرض آراء المالكي والخزعلي والحكيم على باقي أطراف الإطار”.

وتابع “هذا الأمر دفع أطرافا إيرانية ولبنانية (ممثل حزب الله محمد كوثراني) للتدخل لتهدئة الأوضاع داخل الإطار التنسيقي، ومنع حصول أي انشقاقات بين قواه السياسية، مع التأكيد على ضرورة عدم التصعيد من قبل التيار الصدري، لمنع تحول الصراع السياسي إلى صراع مسلح”.

ويتضاعف القلق في الشارع العراقي من استمرار الأزمة السياسية الأطول في البلاد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بعد دخول المليشيات والجماعات المسلحة الحليفة لإيران على خط الأزمة، بالاصطفاف مع قوى “الإطار التنسيقي” ضد “التيار الصدري”.

هدد العامري والعبادي بالانسحاب من التحالف، إذا تم فرض آراء المالكي والخزعلي والحكيم

من جهته، أكد مصدر آخر ضمن تحالف “الإطار التنسيقي” المعلومات نفسها، موضحاً في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، أن “الخلاف لم يُحلّ في اليومين الماضيين”.

وكشف عن أن التوجه الإيراني في الأزمة هو “عدم خروج أي طرف من القوى السياسية الشيعية بصورة المهزوم، وضرورة التوافق على خطوات تشكيل الحكومة، بدون إقصاء أحد”، مشيراً إلى أنه “من المؤمل مشاركة القيادي في حزب الله اللبناني، محمد كوثراني، في اجتماع الإطار”.

من جانبه، قال عقيل الرديني المتحدث باسم ائتلاف “النصر”، الذي يتزعمه حيدر العبادي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “الإطار التنسيقي ليس كتلة سياسية حتى يكون لها رأي واحد، ولهذا هناك اختلاف في المواقف بين الكتل المنضوية تحت هذا التحالف”.

وأوضح الرديني أن “ائتلاف النصر لديه توجه لحل الأزمة السياسية من خلال الوساطة بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، وما زلنا نعمل على هذه الوساطة مع الأطراف السياسية الأخرى، بهدف حقن الدماء ومنع أي تصعيد قد يجر إلى صدامات في الشارع العراقي”.

وأكد أنه “لا يمكن فرض رأي أي طرف سياسي في الإطار على باقي الأطراف في التحالف ذاته، فأي قرار يجب أن يتخذ من خلال الإجماع، وإذا لم يكن بالإجماع، فيجب أن يكون بالأغلبية”.

خلافات “الإطار التنسيقي” ليست جديدة

في السياق ذاته، اعتبر القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الخلافات داخل تحالف الإطار التنسيقي ليست جديدة، لكنها بدأت تظهر للعلن، خصوصاً أن بيانات ومواقف فردية لقوى داخل الإطار، تؤكد وجود هذه الخلافات”.

وأشار عبد الكريم إلى أنه “وفق المعطيات بشأن مواقف قادة الإطار التنسيقي، فإن هناك من يريد التصعيد في المواقف السياسية مع التيار الصدري، وهناك من يعمل على التهدئة لمنع تكرار الصدام المسلح. كما أن رأي غالبية القوى السياسية هو تهدئة الوضع السياسي لمنع حصول ردود أفعال قد يكون لها انعكاس سلبي على الشارع”.

وأضاف: “لا يمكن حل الأزمة من دون تقديم تنازلات للوصول إلى تفاهمات، وبقاء العناد السياسي سيعمّق الخلاف بشكل أكبر وأخطر”.

متحدث باسم ائتلاف النصر: لا يمكن فرض رأي أي طرف سياسي في الإطار على باقي الأطراف في التحالف ذاته

في المقابل، قال المحلل السياسي العراقي ماهر جودة، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “الخلافات والتباينات ظهرت الآن فقط للعلن، لكنها موجودة منذ ما قبل تشكيل الإطار التنسيقي بمفهومه الحالي، بعد انتخابات أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي”. وأشار إلى أن “هذه القوى اجتمعت تحت عنوان الإطار بهدف رئيسي، وهو مواجهة مشروع مقتدى الصدر وحلفائه بتشكيل حكومة الأغلبية”.

وقال جودة إنه “وفق المعطيات، هناك اختلاف واضح في مواقف بعض قوى الإطار عن قوى أخرى فيه، بشأن شكل الحكومة الجديدة وعمرها وهدفها وكذلك من يرأسها”. وأعرب عن اعتقاده بأن “استمرار هذه الخلافات من دون توافق ما بين قوى الإطار التنسيقي، قد يدفع بعض أطراف الإطار للانسحاب منه”.

ورأى المحلل السياسي أن “الخلافات والانشقاقات داخل الإطار التنسيقي، ستخدم بكل تأكيد التيار الصدري، خصوصاً أن زعيم التيار مقتدى الصدر عمل خلال الفترة الماضية على سحب بعض أطراف الإطار لمشروعه (الحكومة الأغلبية)”.

وتتلخص محاور الأزمة العراقية حالياً في إصرار قوى “الإطار التنسيقي” على استئناف جلسات البرلمان ومعاودة عمله بشكل كامل. كما تتمسك بانتخاب رئيس جمهورية ورئيس حكومة كاملة الصلاحيات بدلاً عن حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، ثم الذهاب نحو تعديل قانون الانتخابات الحالي.

في المقابل، يرفض “التيار الصدري” ذلك، ويصر على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة خلال 9 أشهر. كما يطرح تعديل الفقرة 76 من الدستور المتعلقة بالكتلة الكبرى التي يحق لها تشكيل الحكومة.

كذلك يرفع مطلباً آخر هو تعديل قانون المحكمة الاتحادية لتكون أكثر استقلالية عن الأحزاب السياسية التي تولت فعلياً منذ عام 2005 اختيار أعضاء هذه المحكمة، وعددهم 11 عضواً، بطريقة المحاصصة الطائفية والحزبية. إلى جانب ذلك، يرفض “التيار الصدري” تعديل قانون الانتخابات.

العربي الجديد